تناولت المختصة في أمراض السرطان الدكتوراه سمية أولمان أمس حياة العلامة جدها الشيخ عبد القادر المجّاوي، نظير إسهاماته الفعالة في حركة الصمود الفكري إبان قبل وخلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر منذ سنة 1830. كما غاصت في عمق التاريخ الجزائري عامّة وتاريخ العلامة خاصة معددة مراحل مرت بها الجزائر، في محاضرة نُظمت بالمجلس الإسلامي الأعلى ببن عكنون بالجزائر العاصمة وحضرها نخبة من المؤرخين والمضطلعين بالتاريخ. وعرّجت حفيدة العلامة الدكتوراه سمية أولمان على حياة جدها من صباه حتى وفاته، مؤكدة على أنّه كان رمزا ومعلما دينيا مبرزة في ذات الوقت خصاله ومناقبه في الدفاع عن الأمة الجزائرية وثوابتها، حيث ولد عبد القادر المجاوي في تلمسان سنة 1848م، وبعد دراسته في مسقط رأسه انتقل لمتابعتها في كل من فاس وطنجة وجامع القرويين على الخصوص بالمغرب الأقصى، ثم عاد إلى الجزائر ليتولى التدريس أولا في قسنطينة حيث أقام وتزوج فيها وأنجب، علّم في كل من جامع الكتاني والمدرسة الحكومية، بالإضافة إلى نشاطه خارج عمله الرسمي كمدرس ومحاضر في المدارس الحرة والمساجد كمسجد سيدي الأخضر فأحدث تأثيرا كبيرا في الأواسط الفكرية والشعبية بدروسه ومحاضراته العامة، أما دروسه الرسمية فقد تنوعت بين المنطق والبيان والمعاني واللغة والنحو والفلك. وفي سنة1858 انتقل المجاوي إلى العاصمة للتدريس في مدرستها العليا الثعالبية كما عين إماما خطيباً بجامع سيدي رمضان بالجزائر العاصمة سنة 1908م وبقي في قمة نشاطه إماما قديرا وأستاذا متمكنا ومؤلفا نشطا ورجل إصلاح في جميع الحالات بمستوى الوضع والظروف تقول الدكتوراه، وقد تخرج على يديه في التدريس كثيرون مثل حمدان الونيسي وأحمد الحبيباتني والمولود بن الموهوب وهم من الذين كان لهم تأثيرهم في الحياة الاجتماعية والفكرية في الجزائر. وقد اتسم العلامة بثقافتة الواسعة، وكان متمكنا من العربية فقيها مشاركاً في الكثير من العلوم منها علم الكلام وعلم الاقتصاد السياسي والعلم التربوي وعلم الهيئة، هذا وقد أسهم العلامة من أجل نهضة ثقافية، كما شارك في إحياء اللغة العربية والعلوم الإسلامية وبذل جهداً جهيدا في سبيل ارتقاء مستوى الجزائر حسب اتجاهات جيله الشريفة، فيما كانت معظم كتاباته موجهة ضد الآفات الاجتماعية والخرافات والعادات القديمة. وقد توفي العلامة عبد القادر المجاوي بقسنطينة يوم 6 أكتوبر 1914م دفن بها تاركا وراءه أثرا طيبا في بعض شباب تلك الفترة وشيوخها، كما ترك مؤلفات تجاوزت خمسة عشر عملا في اللغة والنحو والبلاغة والدين وعلم الفلك من بينها إرشاد المتعلمين وهو كتاب في اللغة والنحو والبلاغة طبع بمصر.