يواصل الكاتب والإعلامي محمد بغداد، مرافعته من أجل الإعلام الثقافي، الذي يؤكد أنه يشكل المرجعية الأساسية، في نجاح العملية الإعلامية، ومن أكثر الأساليب التي تضمن المردود العالي لهذه العملية، اجتماعيا وفكريا واقتصاديا وحتى سياسيا، وهذا ما يتجلى في كتابه الجديد الموسوم باستراتيجيات الجودة في صناعة الإعلام الثقافي الذي ينتظر أن يصدر قريبا. إشكالية الكتاب، تنطلق من مناقشة محورين أساسيين أولهما العودة إلى قاعدة التجربة الإعلامية الجزائرية، التي يراها بغداد في تلك الجهود التي بذلها الرواد الأوائل في بداية القرن التاسع عشر، وبالذات عندما تمت عملية حسم الخيارات الكبرى، والاتجاهات الفلسفية لهذه المسيرة، ويعتبر بغداد أن عمر بن قدور هو أفضل من جسد هذا الاتجاه، من خلال ترجيع العامل الثقافي في بناء العملية الإعلامية، وثانيهما المستوى الذي بلغته هذه التجربة اليوم، والتي أصبحت حسب الكاتب مختلة من جانبين، أنها لا تتناسب والتراكم التاريخي لمسيرة المجتمع الجزائري، وأنها تواجه صعوبات كبيرة في التكيف مع التحديات الكبرى، التي تفرضها الثورات التكنولوجية الحديثة، مما جعلها تعاني من الكثير من مظاهر الضعف والهزال، وأنها لم تعد قادرة على تلبية حاجات المستهلك، ولا تستطيع تحمل تكاليف المرحلة. من هنا يذهب بغداد إلى تناول موضوع استراتيجيات الجودة في صناعة الإعلام الثقافي، معتبرا العملية الإعلامية كغيرها من العمليات التي تندرج في النشاط الإنساني، وأن منتوجاتها سلعة في أبسط مظاهرها، ومن الضروري أن تخضع إلى مجموعة من المعايير والشروط، التي تجعل منها قادرة على المنافسة، وفي مقدمة هذه المعايير، عامل الجودة الذي أصبح اليوم القانون الذي تخضع له كل السلع، التي تريد أن يكون لها مكان في الساحة. ولهذا عمل على تناول موضوع الجودة في كتابه الجديد، ملتمسا الشروط والضرورية المطلوبة اليوم في السلعة الإعلامية، مراهنا على إمكانية تنفيذها في واقع الممارسة الإعلامية الجزائرية، كشرط مسبق إذا أرادت هذه الممارسة أن تكون سلعها لها مكانة في السوق الدولي. محمد بغداد قسم كتابه إلى عشرة فصول مع مقدمة وخاتمة، تناول في كل فصل محورا من محاول الإشكالية التي انطلق منها، مفضلا الابتعاد في أغلب الفصول على الجوانب النظرية، مقتربا من الممارسة اليومية، مدعما تحليله للإشكالية بالأمثلة التفصيلية، ومتوقفا عند الأبعاد الثقافية والفكرية، والخلفيات والمرجعيات التي تتحكم في هذه النماذج، معتبرا إياها العينة التي يفترض أن تكون محلا للبحث والدراسة العلمية، التي يفترض أن تكلل بنتائج تخدم التجربة الإعلامية الجزائرية. يصر محمد بغداد في كتابه الجديد، استراتيجيات الجودة في صناعة الإعلام الثقافي، على الاستمرار في المرافعة عن ضرورة الاهتمام أكثر عن الإعلام الثقافي، الذي يعتبره المحور الأساس في العملية الإعلامية، والذي بدونه لن يكتب للتجربة الإعلامية الجزائرية إحداث التحول التاريخي والنوعي، وهو يخصص له في هذا الكتاب الحديث عن المفاهيم الجديدة، المتمثلة في الجودة ومعانيها التي تتجلى من خلالها. كتاب استراتيجيات الجودة في صناعة الإعلام الثقافي، يرافق التحولات الجديدة في الساحة الإعلامية الجديدة، وبالذات القنوات الفضائية مخصصا قسما مهما لموضوع الصورة ومكانتها في العملية الإعلامية، وأساليب التعامل معها من طرف الذهنيات التي تقود المؤسسات الإعلامية الجديدة، محاولا تقديم رؤية تحليلية أولية لهذه التجربة، رغم حداثتها. الكتاب الجديد، الذي يقع في ثلاثمائة صفحة من الحجم المتوسط، يقول عنه محمد بغداد سيكون حاضرا في معرض الجزائر الدولي للكتاب شهر نوفمبر القادم، محاولة منه لفتح نقاش حول الآفاق الجديدة للتجربة الإعلامية الجزائرية، وبالذات الثقافية منها على وجه التحديد.