منير" ..شاب جامعي من قضاء الخليل ساقته الظروف والأقدار للتعرف على فتاة زميلة له في الجامعة ، وسرعان ما تحول الانسجام والاحترام المتبادل بين الاثنين إلى مشاعر دافئة توجها منير بالحديث مع والده المدرّس الذي حاول مراراً إقناع ابنه الوحيد بالزواج ولكنه كان دوماً يرفض الفكرة من أساسها ..ولكن هذه المرة عندما فاتحه منير بموضوع زواجه من فتاة يتيمة الأبوين وعلى قدر كبير من الأخلاق والجمال انفرجت أساريره وبدأ الاستعداد لمراسم الزواج ، وكالعادة كان لا بد من القيام بزيارة تعارفية لأهل الفتاة ..وفعلاً تم تحديد ذلك " لقاء بعد عشرين عاماً ! عندما دخل الوالد وابنه وزوجته إلى منزل الفتاة قوبلوا بالترحاب الذي تلاه تجاذب أطراف الحديث المعتاد في مثل هذه المناسبات ، فبدأ السؤال عن الاسم والعائلة والفصل والأصل ... وعندما علم الأب بالاسم الرباعي للفتاة أصابته الدهشة والمفاجأة وتمنى أن يكون الاسم مجرد تشابه في الأسماء ليس إلا ..ولكنه تمالك أعصابه وصمّم أن يسأل الفتاة مزيداً من الأسئلة لقطع الشك باليقين .. فسألها من مواليد أية منطقة هي ؟ ..فأجابته بأنها من مواليد مدينة قسنطينة.. لم يكن والد منير بحاجة إلى توجيه سؤال آخر للفتاة التي اختارها ابنه ...ففي هذه اللحظات دخلت جدة الفتاة وما إن رآها والد منير حتى اعتلى وجهه الوجوم ... ولم يكن شعور الجدة ليختلف ..صافحها بيد مرتعشة ..لم يستطع اختلاق عذر مبرر لقطع زيارته المفاجئة ..اصطحب زوجته وابنه وخرج مضطرباً من المنزل وسط حيرة الزوجة والابن والفتاة .. زواج فطلاق ..فحمل !! في الوقت الذي كان فيه منير لا يزال جنيناً في رحم والدته ، سافر والده إلى قسنطينة لمتابعة دراسته في الجامعة واستقر به المقام عند شقيقه الأكبر المقيم في نفس المدينة ...هناك تعرف والد منير على "فاطمة" ونشأ بينهما نوع من العلاقة ... لم يخطر ببال والد منير أن هذه العلاقة ستضطره للزواج من فاطمة ..فهو رجل متزوج حديثاً ترك وراءه في العاصمة امرأة حامل بمولودهما البكر ... لكن تحت ضغط الشقيق الأكبر وجد والد منير نفسه مضطراً للإنصياع والزواج من فاطمة ..ولم تجد جميع محاولات والد منير لإقناع شقيقه الأكبر بعدم فرض هذا الأمر الواقع عليه ، خاصة وانه -أي والد منير - متزوج من امرأة تركها وراءه في العاصمة ..لكن إرادة الشقيق كانت هي الفيصل ، فتزوج والد منير من "فاطمة" وتابع دراسته واستمر بالسكن عند شقيقه الذي وعده بإبقاء أمر زواجه سراً لا يعلم به الأهل في العاصمة . لم يستطع والد منير الذي وجد نفسه متورطاً في زواج تم رغم انفه تحمل المزيد من ضغوطات ومضايقات شقيقه ، فقرر الهرب والعودة ثانية إلى العاصمة بعد أن ترك خلفه ورقة الطلاق لفاطمة التي كانت حاملاً بالمولودة "هديل". العجوز تكتم السر وقبل أن تعي هديل على هذه الدنيا ..حُرمت من مشاهدة أمها التي توفيت بمرض عضال ولم يبق لها بعد والدها الذي عاد إلى العاصمة ووالدتها المتوفية سوى جدتها الصابرة التي عاشت معها في قسنطينة ونذرت نفسها لتربية هديل أحسن تربية وكانت شديدة الحرص على الاهتمام بتعليم هديل حتى تحصل على الشهادة الجامعية التي تعينها وتؤمن مستقبلها .. ولم تشأ جدة هديل البحث عن والد حفيدتها..فالحسرة التي أصابتها بوفاة ابنتها "فاطمة" جعلتها تحقد عليه وتتمنى أن لا تراه ثانية واعتبرته في حكم الميت ..وكان كل ما يهمها هو "هديل " فقط . وعندما كبرت هديل وسألت عن والدها ..كانت الجدة تخبرها أن والدها ووالدتها قد توفاهما الله منذ مدة طويلة .. رضيت هديل بقضاء الله وقدره ولم تعد تسأل عن والديها ... أكملت هديل دراستها الثانوية بتفوق والتحقت بالجامعة وهناك تعرفت على زميلها منير الذي وضعه القدر في طريقها ..لتتفتح من جديد جروح ومأساة حرصت الجدة على إخفائها عن حفيدتها هديل. ميلاد الحقيقة بعد أن خرج منير ووالده من منزل الجدة سألت هديل جدتها التي كان يعتري وجهها الوجوم عن سبب التصرف الغريب لوالد منير؟ ..ولماذا كان سعيداً عند حضوره ... وأصبح متجهماً لدى خروجه ... أيقنت الجدة التي صعقتها المفاجأة ..بأن ما حدث هو بمثابة تحذير وتأنيب لها بسبب إخفائها الحقيقة عن حفيدتها طيلة هذه السنين الطويلة ... جلست الجدة وروت لحفيدتها الحقيقة كاملة ..وأخبرتها بأن والد منير هو والدها الذي طلق أمها التي كانت حاملاً بها وولى هارباً تاركاً لها وراءه ورقة الطلاق دون أن يسأل عن مصير الجنين الذي كانت حاملاً به ... مع العلم أن تاريخ ميلاد منير هو 23/5/1979 ، وميلاد هديل بتاريخ 22/4/1979.. تساؤلات ! أصبح منير في موقف صعب ، فهو يكن لوالده الاحترام الشديد ..ولا يعرف ماذا سيفعل تجاه هذا الموقف وهذه الحقيقة الجديدة وكيف سيبدأ ببلورة صفحة جديدة من العلاقات مع أخته "هديل". حاولوا الاتصال بهديل ، إلا أنهم علموا أنها سافرت بعد الحدث مباشرة عند أخوالها ولم يتسن لنا معرفة هل هي "سفرة على طول" أم أنها مؤقتة وتتزامن مع موعد العطلة الصيفية .