المأساة بدأت بدلال مفرط من العجوزين لابنهما الذي كان له الأمر وعليهما الطاعة، لكنه تمادى وتعوّدت يداه على ضربهما. وذات ليلة أحضر الابن الجامعي المدلل الخمر إلى المنزل فنبهه العجوز – 98 سنة - :"لا تسكر في بيت القرآن"، لكن الابن تمرّد فتفل على المصحف ومزقه، لتختم المأساة بقتل الشيخ ابنه برصاصة، ربّما تمنى الوالد أن تصيب قلبه هو قبل أن تمتد لتقطع أنفاس فلذة كبده، ليزج بالعجوز خلف قضبان سجن مظلم. المأساة المروّعة عاشها أحد أحياء القبة ربيع السنة الفارطة، حيث تعيش عائلة مكونة من عجوزين وابنهما صاحب ال 24 ربيعا، بعدما تزوج إخوته الكبار. فالوالد (ب،م)، الذي يقارب سنه القرن، وفّر جميع متطلبات الحياة الضرورية وغير الضرورية لابنه من سيارة واستئجار بيت له ليتزوج فيه، بعدما رضخ الوالد لطلبه ووافق على خطبة الفتاة التي يريدها. أما الابن، المعروف بكثرة دلاله، فتخرج من معهد التجارة الدولية بابن عكنون، لكنه كان سيء الأخلاق، حيث لا يتردد في سب وشتم والديه. وحسبما صرح والده في جلسة محاكمته بمحكمة جنايات العاصمة في دورتها الحالية، فان ابنه كان لا يصوم رمضان و لا يتوانى عن السكر في هذا الشهر، لكن المأساة بدأت عندما أراد الابن أخد خطيبته وقضاء أيام في تونس لكن والده رفض بشدة لأنه لم يدخل بها بعد، وخيّره بين نسيان الأمر أو اصطحاب والديها معه، وهو ما رفضه الابن. و حتى خطيبته لم تسلم من سوء أخلاقه حيث صرح والده بأنه كان يسمعه يشتمها عبر الهاتف وأنه حاول الانتحار مرتين. و لما أصر الشاب على الزواج طلب منه الوالد التريث حتى ينال شهادة الماجستير، لكنه تعصب وحاول ضرب والديه فأودعا شكوى ضده في قسم الشرطة لكنهما سرعان ما تنازلا عنها ليقلب حياتهما إلى جحيم في الأسبوع الموالي، فكان يحضر الخمر ليسكر في المنزل، ولما قال له الوالد في إحدى المرات حرام عليك هذا بيت قرآن حمل الشاب المصحف و تفل عليه و مزقه وردّد "أنا لا أومن بدينكم هذا". هنا ثار الوالد وأخرج بندقيته من الخزانة وطلب منه الخروج من المنزل والعودة بعد استعادة وعيه، ولما رد الابن بعبارة "هنا يموت قاسي" لم يدري الوالد كيف ضغط على الزناد لتخرج رصاصة مصوبة نحو الرجلين، لكن شظاياها أصابت عنق الشاب فتقطعت شرايينه ليفارق الحياة. الوالد نفى أن تكون لديه أي نية في القتل، كما أكد الشهود من الجيران سوء أخلاق القتيل، وأن أحدهم شاهده وهو يهدد والديه بزجاجة خمر مكسورة. أما النائب العام فقد أكد بان المتهم أخطأ خطأ كبيرا عندما قتل ابنه بمجرد حدوث سوء تفاهم بينهما، اذ كان من الأحرى به – يقول - رفع شكوى لوكيل الجمهوري، ليطالب بتسليط عقوبة 20 سنة سجنا نافذا ضده لثبوت تهمة القتل العمدي، لكن هيئة المحكمة وبعد المداولات يبدو أنها أفادته بأقصى ظروف التخفيف حيث أدانته بخمس سنوات سجنا أربع منها موقوفة النفاد. نادية سليماني:[email protected]