شكوى المعارضة مرفوضة شكلا ومضمونا رفضت الغرفة الإدارية بالعاصمة شكلا ومضمونا شكوى تقدم بها معارضو سعداني الذين طعنوا في شرعية المؤتمر العاشر. وترجم المتابعون لتطورات الحزب قرار المحكمة بالضربة القاضية للمعارضة وانتصار لسعداني وأتباعه. وعلى غير العادة سيكون الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، في مواجهة نفسه اليوم الخميس خلال انعقاد المؤتمر العاشر للحزب، وسيكون في طريق سلس وسهل لخلافة نفسه لعهدة قادمة ستمتد لخمس سنوات كاملة، وما يعزز من بقائه "سيدا" في الحزب كونه الماسك بأوراق المؤتمر، سيما وان القاعدة تقول أن" من يمسك تسيير وتنظيم المؤتمر ستكون له الأفضلية والأحقية في البقاء. كرست الأزمة الداخلية لجبهة التحرير الوطني مع الأوضاع السياسية غير مستقرة، قاعدة تتكرر مع كل حدث سياسي هام في الجزائر مفادها أن الحزب العتيد أول من يتأثر بأي هزة في السلطة أو حتى موعد انتخابي لكن بالعودة إلى المحطات والأزمات التي مر بها الأفالان على الأقل منذ التعددية الحزبية عام يمكن الوصول إلى خلاصة مفادها أن التغيير في توجهات الجبهة أو قياداتها لم تصنعه يوما مؤسسات الحزب ومناضلوه بطريقة "خالصة". قبل إقرار التعددية الحزبية، مر 5 شخصيات على قيادة الحزب هي، محمد خيضر ثم احمد بن بلة فقايد احمد، ثم محمد صالح يحاوي، فيما عمّر محمد شريف مساعدية في المنصب لثماني سنوات كاملة بدأها من 80 وحتى 88 ، وحينها اتهم الحزب العتيد انه سبب الأزمة وان الشعب كاره له وبات ضروريا ان يدفع احد الأفلانين فاتورة الغضب الشعب، هذا الافلاني لن يكون سوى رأس الحزب محمد شريف مساعدية . بعدها دخل الحزب في مرحلة جديدة وخلص رداء "حزب السلطة" وفي مؤتمره حزب السادس مطلع عام 1990 وكانت المرحلة تتطلب نفسا جديدا وفكرا قياديا جديدا أكثر انفتاحا على المنافسة ليكون الخيار من قبل الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد على المرحوم عبد الحميد مهري الذي كان سفيرا في الرباط لقيادة الحزب في مرحلة التعددية خلفا للشريف مساعدية الذي تربع على رأس الحزب لقرابة عشرية كاملة بصفته الرجل الثاني بعد رئيس الجمهورية، لكنه اختفى عن الواجهة السياسية مباشرة بعد هذا التغيير الجذري الذي عرفته الجبهة والساحة السياسية بصفة عامة. الراحل عبد الحميد مهري، كابد في النهج الجديد للأفالان الكثير من المشاكل بداية من تراجع حصة الحزب مقابل الفيس المحل ثم وقف المسار الانتخابي، والانفلات الأمني، وكانت هذه المحطة مرحلة تحول لم يشهدها الأفالان في تاريخه أين نأى بنفسه تماما عن خط السلطة وحاول من يوصف ب"حكيم الجزائر" صناعة خط مستقل للجبهة عن توجهات صانعي القرار بدء بمعارضة قرار وقف المسار الإنتخابي ووصولا للمشاركة في اجتماع "سانتيجيدو" في جانفي 1995 والذي كان بمثابة نهاية رحلة قيادة المرحوم مهري للحزب العتيد حيث جعل منه أبرز أحزاب المعارضة في الشطر الأول من عشرية التسعينيات. واستسلم الأمين العام للأفالان لرغبة السلطة في استرجاع الحزب العتيد التي يقول المراقبون إنها المكان الطبيعي له وبعد وصول الرئيس السابق اليامين زروال للسلطة باشر قياديون في الجبهة يتقدمهم عبد القادر حجار وبوعلام بن حمودة مخططا لإزاحة مهري من القيادة وكان لهم ذلك عام 1996 عبر ما يسمى ب"المؤامرة العلمية" التي قال عنها المرحوم مهري "إنهم يريدون الجبهة وليس مهري وقد كان لهم ما أرادوا". وصول بوعلام بن حمودة إلى قيادة الأفالان بمثابة عودة الحزب العتيد إلى وضعه الطبيعي، وهو مسايرة التوجهات السياسية التي وواصل بن حمودة قيادة الحزب بعد وصول الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة للحكم عام 1999 كمرشح للإجماع الوطني غير أن أحد مهندسي "المؤامرة العلمية" شكر على مهمته بعد الرئاسيات بأشهر أي عام 2000 لأن المرحلة الجديدة التي دخلتها البلاد كانت تتطلب تسليم المشعل لرجل "له قبول في القمة" وهو ما حدث بالفعل عندما تولى علي بن فليس الأمانة العامة للأفالان بعد أن مر بإدارة الحملة الإنتخابية للرئيس بوتفليقة وكذا إدارة ديوانه، لكن مرشح الانتخابات الرئاسية عام 2004 بخلفية طموحه السياسي غير المحسوب قام ب"تخييط" المؤتمر الثامن للحزب تحت شعار "التشبيب". بعده تولي بلخادم الدفة، وبعد عهدة هادئة إلى حد ما استعجل الافلانيون أمينهم العام للمغادرة والتهمة "الانحراف بالحزب" رغم اكتساح الحزب نتائج تشريعات 2012 ، بعد معركة طويلة، استسلم بلخادم لقدر الصندوق خلال دورة اللجنة المركزية التي أبعدته وجاءت بسعداني بديلا له.