التغييرات التي أجراها الرئيس بوتفليقة في الحكومة والجهاز الإداري وبعض المناصب الأمنية، تؤشر على أمرين لا ثالث لهما رغم أنها ظاهريا تبدو عادية وطبيعية.. أولا:طبيعة التغييرات هذه المرة كانت كبيرة وواسعة ولكن أيضا شاملة أي مست الجهاز الإداري من قاعدته إلى رأسه..ومست مؤسسات أمنية ووحدات عسكرية،ومست كبرى المؤسسات الوطنية من قبل كسوناطراك وغيرها من المجمعات الاقتصادية، وهنا تبرز لنا خلفية التغيير وهوان السلطة تحاول ضخ دماء جديدة في عروق الإدارة بعد أن أصابها الشلل جراء التخمة المالية وما صاحبها من انتشار واسع للفساد حتى أصبح يهدد الأمن القومي والسلم الاجتماعي والاستقرار الوطني بعد أن أصبح حديث العام والخاص، ولان المرحلة برهاناتها الداخلية تتطلب مجهودات لإنقاذ الأوضاع من الانهيار المحتوم جراء الصدمة النفطية التي أتت على مداخيل الخزينة العمومية وتأكل احتياطي الصرف…جاءت هذه الحركة بنظر السلطة لتحويل النقاش العام عن الرهانات وتدارك ما يمكن تداركه من خلال إطارات ومسيرين لم يعتادوا على الخزاين المملوءة. قد يكون في الأمر ما هو ايجابي إلا أننا نعتقد جازمين انه لن يؤدي إلى النتائج المرجوة ما لم يصحبها إصلاحات سياسية عميقة وشاملة تفضي إلى تغيير جوهري في السياسات والمناهج والأدوات. الأمر الثاني الذي يمكن استخلاصه من هذه الحركة هوان السلطة تكون قد شرعت فعلا في التحضير للاستحقاقات سياسية منها إمكانية إجراء انتخابات تشريعية مسبقة ومنها أيضا إمكانية التحضير لحوار واسع مع المعارضة . وفي كلتا الأحوال تبدو السلطة في وضع غير مريح؛ ذلك لان المؤشرات الاقتصادية لا تبعث على الارتياح بتوقع الخبراء تواصل الانهيار في أسعار النفط بدخول إيران إلى سوق النفط.. ومن هنا نعيد القول بان وضع البلد اليوم يحتاج إلى تظافر وطني يقوم على وفاق وطني يبنى بدوره على برنامج صارم يحدد الأولويات والأهداف ويضبط منهج التسيير ويختار الرجال والنساء الأكفاء للتجسيد برزنامة أهداف لا تقبل التأجيل أو التأخير أو الفشل…والى ذلكم الحين تبقى هذه الحركات مجرد محاولات ظرفية وترقيعية لا يمكنها أن تحل الأزمة ولا حتى أن تتمكن من محاصرتها إلى حين.