أمتعت أول أمس، فرقة "السد" البشارية، جمهور مهرجان "الصيف الموسيقي بالجزائر"، حيث خلقت الفرجة و المتعة من خلال الأغاني التي قدمتها و التي مزجتها بألحان من طبع العيطة والملحون رافقت كلمات موزونة شدت انتباه الجمهور. افتتحت فرقة "السد" التي صنعت الحدث في السهرة الرابعة للمهرجان الخامس الدولي لصيف الموسيقي بالجزائر، بتقديم ريبرتوار أغانيها العميقة في المعنى و الزاهية في المغنى، و من ألبومها الأخير، حيث قدمت للجمهور "وين غادي بعيد"، "زمان مبني على المجهول"، "لي عاد صغير يتعلم ويقرا"، "والله يا بابا" بالإضافة إلى أغنية "الرحيل" و بعض الأبراج الشهيرة، كل هذه الأغاني كانت مرفوقة بتقديم وصلات غنائية قدمت بالآت الموسيقية مستوحاة من الديوان "القمبري والقرقابو" وآلة المندول الكهربائية و الآلات الاقاعية روحا هزت مشاعر الحاضرين بمسرح الهواء الطلق، كما تمكنت الفرقة بأخذ الجمهور إلى زمن "لمشاهب" الفرقة المغربية المحبوبة بشدة في منطقة بشار بل في كل الجزائر. و ما يمكن التنويه له حول هذه الفرقة أنها استطاعت أن تفرض منطقها في أداءها موسيقيا و شعريا، فهي فرقة يعتبرها البشاريون و غيرهم عبر البلاد الجزائرية، مرجعا مهما في سجل التراث القناوي الجزائري، فهي تشكيلة تعتمد على صوتها أولا في الأداء ثم على الإيقاع عن طريق الدفوف و الآلات الإيقاعية و لكن ليس دون سيد الآلات كلها عند أهل القناوة وهو "القمبري" الصادح بأوتاره الرزينة. تواصلت السهرة الرابعة من هذا المهرجان مع فرقة "أفوس ذا أفوس" من تمنراست، التي أبهجت هي الأخرى جمهور مسرح هواء الطلق سعيد مقبل بديوان رياض الفتح، و قد قدمت الفرقة وصلتها للجمهور العاصمي الذي كان في الموعد، وحضر بقوة لينتشي بالصوت الجميل لقادر الذي أبدع في عدد من الأغاني التي اختلفت مواضيعها وتباينت إيقاعاتها، لكنها اتفقت على روح واحدة وبلد واحد. لم يختلف البرنامج المقدم عن باقي السهرات التي تحييها الفرقة عادة، والتي باتت اليوم واحدة من أنجح الفرق التي تؤدي هذا اللون الأصيل، ذلك بفضل الأغاني الجميلة التي أطلقها منذ 2011، وأشهرها أغنية "تارهانيم تقلا" بمعنى "محبوبتي رحلت"، كما قدمت إلى جانب ذلك أهم أغانيها على غرار أغنية "أكالين" بمعنى "بلادي"، و"تمدتين ترهانم" بمعنى "حبي لصديقتي"، كما قدموا أغاني وطنية مثل "تينيري أكال ناغ" وتعني "الصحراء بلادنا" و"أهولغين أكالين" ومعناها "تحياتي لبلدي". كما كان لفرقة "تيسيلاوين" نصيب في هذه السهرة، حيث قدمت هي الأخرى مجموعة من أغانيها القديمة والجديدة، حيث رحلت بهم إلى سماء الأغنية الترقية وإيقاعات الموسيقى الإفريقية الخاصة بمنطقة الساحل، مع مزج رائع مع الموسيقى الغربية في صورة الجاز والريغي، مكنتهم من رفع الريتم عاليا ليرقى إلى تطلعات الجمهور الذي تراقص على أنغامها مطولا، "تاميديتين" هو عنوان الأغنية التي بدأت بها الفرقة فقرتها في السهرة، وكانت كتمهيد للانتقال إلى السرعة القصوى عبر الرفع من النمط الموسيقي السريع في أغنية " تاميديتين آيلن"، والتي جعلت الجمهور ينتفض ويتراقص على وقع أنغام الأغنية الترقية الممزوجة بطابع الجاز، ليحلق الجمهور عاليا مع أغنية " إينزدام" بطابع الريغي التي تغنت فيها الفرقة بالحب والأخوة، لتعرج في الأخير على الأغنية التي حققت نجاحا كبيرا والموسومة ب "آيتمانين" وعلى وقع صخب موسيقى الجاز رقص الجمهور مطولا على أنغامها وتفاعل مع كلماتها التي تحكي عن شتى مناحي الحياة التي يعيشها الإنسان في البيئة الصحراوية وعلاقاته الاجتماعية مع الآخرين دون نسيان الحب والأخوة ونقل رسائل السلام والوحدة قبل كل وهو الشيء الأساسي الذي تركز عليه الفرقة مثلما أكد عليه مدير الفرقة. للإشارة، أسست الفرقة سنة 2006 في مدينة جانت بتمنراست، وانطلقت فكرة إنشائها من طرف شخصين فقط، لتتطور الفرقة فيما بعد ويصل أعضاؤها إلى سنة أفراد، ومن بين أبرز الأعضاء الذين كانوا في الفرقة وتركوها لاحقا، نجل المرحوم عثمان بالي، وتملك الفرقة في رصيدها أربع ألبومات في طابع التيندي والذي يعني بالمفهوم الترقي "رقصة الجمل"، ومنذ تأسيسها تحاول الفرقة إثبات وجودها على الساحة الفنية من خلال تنشيطها العديد من الحفلات ومحاولة التعريف بالتراث والموسيقى الترقية التي حافظ عليها الأولون وساهموا في انتشارها.