طبعت موسيقى القناوي رابع سهرة من المهرجان الثقافي الدولي صيف الموسيقى بالجزائر، حيث استمتع الجمهور على مدار ثلاثة ساعات كاملة مع الموسيقى الصحراوية والايقاعات الإفريقية الممزوجة بموسيقى الجاز والريغي في تناغم كبير استحسنه الجمهور الذي تراقص مطولا على أنغام الأغاني التي قدمتها أربعة فرق قدت من ولايات مختلفة. فرقة ”تيسيلاوين” التي تتكون من 6 أفراد اختاروا باقة من أغانيهم الجديدة والقديمة لينقلوا بها الجمهور الحاضر بقوة إلى سماء الأغنية الترقية وإيقاعات الموسيقى الإفريقية الخاصة بمنطقة الساحل، مع مزج رائع مع الموسيقى الغربية في صورة الجاز والريغي، مكنتهم من رفع الريتم عاليا ليرقى إلى تطلعات الجمهور الذي تراقص على أنغامها مطولا. ”تاميديتين” هو عنوان الأغنية التي بدأت بها الفرقة فقرتها في السهرة، وكانت كتمهيد للانتقال إلى السرعة القصوى عبر الرفع من النمط الموسيقي السريع في أغنية ”تاميديتين آيلن”، والتي جعلت الجمهور ينتفض ويتراقص على وقع أنغام الأغنية الترقية الممزوجة بطابع الجاز، ليحلق الجمهور عاليا مع أغنية ”إينزدام” بطابع الريغي التي تغنت فيها الفرقة بالحب والأخوة، لتعرج في الأخير على الأغنية التي حققت نجاحا كبيرا والموسومة ب”آيتمانين” وعلى وقع صخب موسيقى الجاز رقص الجمهور مطولا على أنغامها وتفاعل مع كلماتها التي تحكي عن شتى مناحي الحياة التي يعيشها الإنسان في البيئة الصحراوية وعلاقاته الاجتماعية مع الآخرين دون نسيان الحب والأخوة ونقل رسائل السلام والوحدة قبل كل وهو الشيء الأساسي الذي تركز عليه الفرقة مثلما أكد عليه مدير الفرقة. واعتلت بعدها فرقة ”السد” من بشار المنصة لتهيج الجمهور عبر الريتم الموسيقي السريع، حيث ضمنت الفرجة للجمهور العريض. فرقة ”السد” رحلت بالحضور إلى زمن حلقات الملحون وصيحة المداح، مقدمة ريبرتوار أغانيها العميقة، ومن ألبومها الأخير غنّت ”وين غادي بعيد”، ”زمان مبني على المجهول”، ”لي عاد صغير يتعلم ويقرا”، ”والله يا بابا” إضافة إلى أغنية ”الرحيل” وبعض الأبراج الشهيرة. منحتها الآلات الموسيقية المستوحاة من الديوان (القمبري والقرقابو) وآلة المندول الكهربائية والآلات الإيقاعية روحا هزت مشاعر الحاضرين. وقدمت فرقة ”آفوس دافوس” وصلتها للجمهور العاصمي الذي كان في الموعد، وحضر بقوة لينتشي بالصوت الجميل لقادر الذي أبدع في عدد من الأغاني التي اختلفت مواضيعها وتباينت إيقاعاتها، لكنها اتفقت على روح واحدة. مسرح الهواء الطلق لم يكن له مكان للسكون ونزل الجميع إلى فضاء الرقص وردد مع الفرقة أهم أغانيها، على غرار ”أكالين” بمعنى ”بلادي”، و”تمدتين ترهانم” بمعنى ”حبي لصديقتي”، كما قدموا أغاني وطنية مثل ”تينيري أكال ناغ” وتعني ”الصحراء بلادنا” و”أهولغين أكالين” ومعناها ”تحياتي لبلدي”. ويقول المغني قادر أن الفرقة ملتزمة بالطابع التقليدي الترقي مع إدراج لمسة عصرية حتى تندمج مع العالم والجيل الصاعد وحتى تصل الرسالة لكل الناس، هو مزج موجه لكل من يحب العصري ويحب التقليدي كذلك، متخذا من نصوص عجائز التيندي مرجعا لعدد من أعمالهم بالإضافة إلى نصوصهم الخاصة. وقال أن الأغاني باللغة المحلية أصبحت مطلوبة عالميا وفرقة ”تيناريوين” خير دليل على ذلك، إنها تمثل فن بلوز التوارق وليس هناك فرق كثيرة تشتغل عليه ما عدا فرقة ”تيناريوين” التي جابت العالم 5 مرات. وألهبت فرقة ”أولاد الحاجة مغنية” مسرح الهواء الطلق بأغانيها الفلكلورية التي تنوعت بين القناوي، الهدي والصحراوي، والتي تمازجت بنغمات القرقابو المرفقة بالطبل والدربوكة والبحة المميزة للمغني وقائد الفرقة مرغاش يوسف. وفق عناصر هذه الفرقة الشابة، في اختيار باقة غنائية مستوحاة من التراث، زادها جمالا حماسة حركات أعضاء المجموعة ال12 بحضورهم الخفيف، ولباسهم التقليدي الزاهي الألوان. ريتم متسارع شحن همة الجمهور الذي لم يتمالك نفسه بالرقص والتصفيق والترديد مقاطع في مدح بالرسول ”صلى الله عليه وسلم” وبالوالدين، وأخرى عبارة عن نصح وإرشاد في أمور الدنيا وأحوال الناس. إذ استهلت الفرقة سهرتها بأغنية ”بسم الله بديت” في نوع الهدي تلتها مقطوعة ”لالة ميمونة” و”بابا علمني”. ودائما في جو راقص خفيف دفع معظم الجمهور إلى الرقص والتمايل على أنغام رباعي القرقابو والدربوكة، الذين ألهبوا فضاء ”سعيد مقبل”، لتختتم الفرقة سهرتها ب”سبحان الله العظيم” و”ابقاو على خير”، تاركين ورائهم انطباعا جميل تجلى في زغاريد النسوة وتفاعل الجمهور.