يفترض بالزواج أن يكون من أسعد مراحل حياة الإنسان، سواء كان ذكراً أو أنثى، فحلم المرأة منذ الصغر أن تتزوج وترتدي ثوب الزفاف، والأمر نفسه ينطبق على الرجل الذي يطمح في أن يكوّن أسرة ويستقر في مختلف جوانب الحياة. م. ر ويمثل الزواج بالنسبة للغالبية العظمى من الناس بداية حياة جديدة مستقرة، تشارك العروس شريك حياتها في بناء بيتهما الجديد ويقع عليها وعلى زوجها مسؤوليات جديدة، لا خبرة لهما فيها، وقد يكون الزواج مصحوباً بانفصال جغرافي وعائلي واجتماعي، ينتقل فيها أحد الزوجين أو كلاهما، إلى بيئة جديدة تختلف فيها العادات والتقاليد كلياً عن التي اعتادا أن يعيشاها، فما عادت البنت كما كانت في بيت والدها وهي الآن تقع على عاتقها مسؤوليات جمة اتجاه البيت الجديد واتجاه زوجها. ويكون الحدث أصعب وطأة عليها في حال انتقالها إلى دولة أخرى غير بلدها، لا تتقن لغة أهلها، فيصعب عليها التواصل مع الجيران أو سكان الحي التي تعيش فيه، وحتى توفير حاجيات البيت. فزوجها يخرج من البيت صباحاً ليعود في آخر النهار، في حين تبقى وحدها في البيت. فنراها تعاني من قلق الانفصال ومن تقدير الذات المنخفض والشعور بالذنب، لاعتقادها بأنها غير قادرة على القيام بالمهام الجديدة الملقاة على عاتقها من جهة، واعتقادها بأنها اتخذت القرار الخاطئ بالابتعاد عن بيئتها من جهة أخرى. وأما بالنسبة للفئة القليلة المتبقية من الشركاء، الذين اعتادوا العيش معاً قبل الزواج بشكل أو بآخر. فقد لا يطرأ تغيير يذكر على نمط حياتهم، غير أنهم بعد الفراغ من طقوس الأعراس، يصبحون أزواجاً شرعيين بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وبخاصة في مجال الحقوق والواجبات والالتزامات، وهذا من المحتمل أن يدخلهم في حالة من القلق والتوتر. .. الزواج المبكر وتزويج الفتاة من مغتصبها من دواعي الإصابة بالإكتئاب وقد أشارت دراسة حديثة قام بها فريق البحث النفسي التابع لمنظمة الصحة العالمية في العديد من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، إلى أن 3 من كل 10 أشخاص متزوجين حديثاً يعانون من حالة نفسية تسمى "اكتئاب ما بعد الزفاف"، والتي قد تستمر عدة أشهر، يعاني فيها الشخص شعوراً من الارتباك وخيبة الأمل، يتساءل فيها أحد الزوجين، أو كلاهما، إن كان الزواج غلطة فادحة أقدموا على ارتكابها. وفي كثير من الحالات تعاني الفتاة وبخاصة في حال أجبرت على الزواج من شخص لا ترغب به من أعراض اكتئاب شديدة، مثل الأرق، وفقدان الشهية للطعام وبالتالي فقدان الوزن، والحزن وعدم التركيز وسرعة البكاء وعدم الاهتمام بالمظهر الخارجي وغيرها. وقد أشارت دراسة أخرى إلى أن نسبة الفتيات اللواتي يعانين من اكتئاب ما بعد الزفاف في المناطق التي تسودها العادات والتقاليد العشائرية وخاصة في حال الزواج المبكر، أو زواج الفتاة من مغتصبها تصل إلى نحو 75 في المائة. وعادة تكون الأشهر الأولى من الزواج مليئة باختلاف الآراء، وقد يكون ذلك ناتجاً عن أتفه الأسباب، وعادة ما تدور الخلافات بين الزوجين حول ما يعني الزواج بالنسبة للطرف الآخر فأحد الزوجين يتوقع قضاء الأمسيات الدافئة المفعمة بالحب والجو العائلي والرومانسي، في حين يقضي الطرف الآخر معظم وقته بالتفكير بالمستقبل العائلي والمهني. .. علم النفس "اكتئاب ما بعد الزواج سببه سطحية تفكير الفتيات" أثبتت الدراسات أن سيدة من بين كل عشر سيدات يصبن بأعراض الاكتئاب بعد الزواج، كشفت أخصائية علم النفس الإكلينيكي الدكتورة أروى عرب أن الاكتئاب عادة ما يصاب به الكثيرين ببعض الأمراض النفسية كالاكتئاب وعلى تفاوت درجاته في المراحل الانتقالية من حياتهم، وذلك بسبب عدم وجدود تهيئة مناسبة قبل مرحلة الانتقال. أما في ما يخص مجتمعاتنا فتصاب بعض الفتيات بالاكتئاب نتيجة اعتقادهن أن أهم عناصر الزواج هو حفلة الزفاف بكل تفاصيلها، من دون الشعور بمدى أهمية الارتباط وتكوين عائلة بما تحوي من مسؤوليات، ويحدث ذلك نتيجة عدم التأهيل للزواج. ويبقى الزواج عبارة عن تجربة جديدة، والتكيف مع هذا الوضع الجديد يتطلب وقتاً ليس بالقصير. غير أن التفاهم والاحترام المتبادل والحب والحنان والعطف، كلها كفيلة بأن توفر السعادة وتقضي على الكآبة.