نورة الزعبي بالرغم من الدور الإيجابي للشبكات الاجتماعية في مسيرة التغيير والإصلاح خلال المرحلة الانتقالية التي يمر بها عالمنا اليوم، فإنها كشفت عن دور سلبي أصبح يتزايد مع ضعف المواجهة وقلة الوعي وغياب القانون الصارم والصريح للإعلام الاجتماعي. وبالرغم من أن وسائط التواصل الاجتماعي المتعددة ومواقعه المختلفة والمتجددة تتسم بالعديد من المميزات المهمة في حياتنا اليوم مثل الاندماج والمشاركة والانفتاح، لاسيما التطور والتقدم الذي شهده الإعلام الجديد الذي بات يفرض عدداً من التحديات على سياسات الإعلام التقليدية، إلا أن «السوشال ميديا» اليوم كشفت عن جانبها السلبي الذي يصل لمستوى ارتكاب الجريمة. فبجانب الدور السلبي للشبكة الاجتماعية الذي يتمثل في المخاطر المرتبطة بالخصوصية وحماية البيانات وغيرها كانتشار الشائعات، فإن الخطر مع تطور شبكات «السوشال ميديا» تطور ليصبح جريمة، والمواقع الإجتماعية هي مسرح الجريمة. ويمكن حصر هذه الجرائم التي تمس كافة شرائح المجتمع بمختلف أعماره وثقافاته، كبث الأفكار الهدامة والدعوات المنحرفة والتجمعات الفاسدة وهذا ما يحدث خللاً أمنياً وفكرياً، خاصة أن أكثر رواد شبكات التواصل من الشباب الذين من السهل إغراؤهم. ومن الجرائم التي يتعرض لها مستخدمو منصات «السوشال ميديا» عرض المواد الفاضحة والخادشة للحياء عبر إنشاء حسابات خاصة للترويج لمثل هذه المواد، واستخدامها كتجارة للدعارة. وأيضاً مما يتعرض له المجتمع من قبل تلك المواقع، التشهير والمضايقة والتحايل والابتزاز. وهذه الأخلاقيات على وجه التحديد تظهر على الشبكة الاجتماعية بشكل عام لسهولة التدوين والتخفي. وهذه كلها أخلاقيات لا تحتاج بالضرورة إلى معرفة تامة بالبرمجة والبرمجيات، ولا تستند في الغالب العام إلى مستند شرعي حقيقي، فلا يحتاج صاحبها للتدليل أو التعليل أو الإثبات، كل هذا تقابله أنظمة وقوانين لا تملك الرد الرادع على مثل تلك التصرفات. إضافة إلى ما ذكر من جرائم «سوشاليه»، فهناك أيضاً جريمة انتهاك الحقوق الخاصة والعامة، أي الخصوصية الخاصة أو الاعتبارية للمواقع من الحقوق المحفوظة، التي يعتبر الاعتداء عليها جرماً ويستحق صاحبها العقاب والتجريم. وقد أدى انتشار الشبكة خاصة الاجتماعية بما تحمله من خصوصية اجتماعية للشخص والمواقع إلى سهولة هتك ستار الحقوق والتلاعب بها إما بالتعطيل أو بالتغيير أو بالاستغلال السلبي لها ولمعلوماتها. من هنا أثار موضوع الشبكات الاجتماعية عديداً من المفاهيم والقضايا الخلافية حول أخلاقيات الشبكات الاجتماعية والجهة المنوطة بذلك إذا تم الاتفاق على مفهوم الأخلاقيات، وتم وضع أطر ومعايير حاكمة لها، وهنا يثار تساؤل حول من سيملك صلاحية التطبيق لتلك المعايير؟! هل لجهة منظمة أم للمؤسسات السياسية والقانونية أم لمطوّري برامج الشبكات الاجتماعية أنفسهم؟ وكيف يمكن أن نجعل كلمة المعايير مفهومة ومتاحة لجماعات مختلفة من المستخدمين ذوي الاهتمامات والخلفيات والمرجعيات والتوجهات المختلفة؟ وما هي القوة المحركة التي تدفعهم للالتزام بها؟ وما الذي يجبرهم على الاستمرار في الالتزام إن لم يلتزم الطرف الآخر في المقابل؟ فإن كان المجتمع اليوم يفتقر لوجود قانون واحد صارم ومحدد أمام كل تلك المشاكل المذكورة، فلابد من أن ينبع القانون المنشود من عمق أنفسنا وأخلاقياتنا وتربيتنا لاسيما وازعنا الديني.