لم تكن المباراة التي جمعت بين منتخبي اليونان وألمانيا في الدور ربه النهائي لكأس الأمم الأوروبية مباراة عادية في كرة القدم فحسب، حيث تجاوزت هذا الأمر وتحولت إلى ساحة للصراعات السياسية والإقتصادية على ميدان كرة القدم، وخرجت صحيفة "الغارديان" البريطانية قبل اللقاء لتتحدث عن المشاكل الحاصلة بين البلدين، حيث أن اليونان تعيش للعام الخامس على التوالي ركودا إقتصاديا رهيبا وأغلب سكان هذا البلد يعانون من خطر الفقر في مقابل ألمانيا التي يعيش سكانها في رغد تام كونها قلب أوروبا الإقتصادي. اليونانيون إعتبروا الفوز على ألمانيا أكثر من مسألة حياة أو موت وتعتبر ألمانيا أكبر دائني اليونان كما أنها الدولة الأكثر كرها من طرف اليونانيين وذلك لأن الإغريق يلومون برلين ويحملونها كل ما وصلت إليه اليونان حاليا على الصعيد الاقتصادي بسبب موقف الحكومة الألمانية المتشدد مع مسالة الديون اليونانية، وكانت الجماهير اليونانية في شوارع أثينا أو في الملعب يوم أمس قد رددت شعارات كثيرة ضد ألمانيا حيث غنت: "الفوز على ألمانيا أكثر من مسألة حياة أو موت"، وهو ما يؤكد أن اللقاء لم يكن رياضيا فقط بالنسبة لأحفاد أفلاطون وسقراط. أحزاب التقشف في اليونان تريد الخروج من الأورو كإتحاد وليس كبطولة فقط ولم تهمل الصحف اليونانية هذا الأمر في تقديمها للقاء الذي فازت به ألمانيا يوم أمس حيث جاءت كل العناوين والمانشيتات عدوانية جدا لألمانيا، ودعا الإعلام اليوناني نجوم المنتخب باللعب بطريقة تختلف عن كل المباريات أمام ألمانيا تحت شعار: "اليونان لن تخرج من الأورو"، وذلك لإذاقة الألمان مرارة الحزن من جهة وللرد على الأحزاب التقشفية اليونانية التي تريد الإنفصال عن الأورو كإتحاد، وبذلك فالإعلام اليوناني عبر مجازا عن هذا بذاك. "الغارديان": "كرة القدم أصبحت وسيلة للعداوة بين الشعوب" وهاجمت بعض الصحف اليونانية في صورة "سيتي برس"، المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، حيث أكدوا أن رغبتها في الفوز على اليونان أكبر من رغبتها في الفوز بالبطولة وذلك للمشاكل السياسية والإقتصادية المذكورة، وفي تقريرها المثير أكدت "الغارديان" البريطانية أن كرة القدم كانت في وقت سابق وسيلة للتقريب بين الشعوب كما فعلت بين إنجلترا والأرجنتين ولكنها اليوم تساهم في زيادة الشحن والعداوة بين الشعوب تماما مثلما حدث يوم أمس. محمد بلقاسم