دولتان مفلستان .. واحدة عربية والأخرى أروبية، العربية هي اليمن والأوروبية هي اليونان. المشكلة الآن أن هناك جدلا بين السياسيين والاقتصاديين: ننقذ اليونان أم لا ؟ ننقذ اليمن أم لا ؟ الأوروبيون فصلوا في الموضوع بشجاعة وقرروا إنقاذ اليونان وخصصوا لها عشرات الملايير من الأورو، وسبب ذلك أن التأخر في إنقاذ هذه الدولة سيؤدي إلى انهيار دول أوروبية أخرى. بمعنى أن إنقاذ اليونان سيكون صمام أمان لدول أوروبية أخرى من الإفلاس بكل ما يترتب على ذلك من مشاكل وأزمات. وكذلك الأمر بالنسبة للعرب، إنقاذ اليمن من الإفلاس ومن أزماته المتعددة : الحوثيين، القاعدة، الحراك الجنوبي، التفرد بالسلطة وغيرها ، يعني في نهاية المطاف حماية دول أخرى من الإفلاس، وانهيار الأمن سيلقي بضلاله على كل دول المنطقة ويؤثر عليها سلبا قد يدفع بها إلى ما لا يحمد عقباه. ولهذا قررت دول الخليج العربية مثلا زيادة دعم اليمن في الفترة 2010 – 2015، وأعلنت أنها حققت التزاماتها تجاه اليمن، حيث منحته مساعدات تقدر بنحو 3.5 مليار دولار. وهنا المفارقة الكبرى، أوروبا تعي ما تقول وتدرك جيدا نتائج إفلاس وانهيار اليونان، لذلك خصصت عشرات الملايير من الأورو لإنقاذ بلد أفلاطون وأرسطو وسقراط، بينما العرب لا يدركون معنى إفلاس دولة عربية ولا يعون درجة الخطر الناجمة عن ذلك، ولذلك لا يتعدى حجم مساعدة اليمن بعض الفتات مقارنة بالوفرة المالية التي تتوفر عليها الدول العربية. والدليل على أن العرب لا يدركون معنى انهيار دول عربية أخرى، أنهم لم يفعلوا شيئا تجاه غزة ولم يتم تعميرها لحد الآن ولم يقدموا شيئا كبيرا للبنان، ولولا »قوة حزب الله« لما تم إعمار جنوب لبنان من جراء الحرب الإسرائيلية لعام 2006، ولم يفعل العرب شيئا لدارفور وسلموا السودان كله فريسة للدول الغربية، وسلموا رئيسه فريسة لمحكمة الجنايات الدولية. إنها سنة الحياة ، التي جعلت أوروبا تنقذ كل دول أوروبا الشرقية وتزج بها في الإتحاد الأوروبي، وسنة الحياة التي جعلت ألمانياالغربية تنفق مئات الملايير من الدولارات لإنقاذ ألمانياالشرقية من أجل أن تكون ألمانيا الموحدة دولة قوية. إن العرب ما لم يفيقوا ويدركوا بشكل نهائي أن دولهم مثل الجسم الواحد، كلما أصاب عضو واحد مرض سرطاني، كان ذلك على حساب الجسم كله، فإنهم سيفلسون جميعا، سواء أكانت دولهم نفطية أم لا تملك أي مورد.