"تصريحات حمداني فاجأتني، ولم يسبق لبن زكري أن شتمنا أو شرب الخمر أمامنا" "في كأس إفريقيا 2000 طلب مني حميمي اللعب وسط ميدان مسترجع فقلت له ألعب مدافعا حرا وإلا فلا داعي لإشراكي" يواصل نجم اتحاد العاصمة وصخرة دفاع المنتخب الوطني السابق زغدود سرد مسيرته الكروية والأحداث التي ميّزتها بحلوها ومرّها، حيث تحدث عن الأسباب التي وقفت في طريقه لخوض تجربة احترافية، كما تحدث عن الأسباب التي جعلته لا يشارك في نهائيات "الكان" سنة 2000، بالإضافة إلى الأسباب التي وقفت وراء مغادرته المنتخب بشكل نهائي، كما تحدث عن بعض الأمور الشخصية التي أثرت عليه في مسيرته من بينها وفاة الوالدين الكريمين، وخاصة الوالدة حيث كان في أدغال إفريقيا لما سمع بوفاتها، وتحدث عن كيفية عودته ووصوله في يوم الجنازة. أليس من الصعب على أي لاعب ترك العائلة عشر سنوات من أجل كرة القدم؟ صعب جدا، لكن الحياة هي هكذا، على اللاعب أن يتحمل عواقب خياراته، الحمد لله أنني تركت العائلة من أجل أشياء جميلة وليس من أجل شيء آخر، صحيح أنه من الصعب على أي شخص أن يغادر العائلة كل هذه المدة، ربما كانت البداية بالتدريج ثلاثة مواسم في عين البيضاء، حيث كانت المسافة قريبة وكنت أعود إلى قسنطينة بين الحين والآخر، ولكن بعد أن جئت إلى اتحاد العاصمة أصبحت الأمور صعبة، فترك العائلة والأصدقاء والأهل والأحباب والحي الذي تربيت فيه شيء لا يمكن تحمله إلا بشق الأنفس، تخيل لما توفيت والدتي رحمة الله عليها، كنت متواجدا في السنغال رفقة المنتخب الوطني نحضر لنهائيات كأس إفريقيا 2002 بمالي. هل لك أن تصف لنا شعورك وأنت تتلقى ذلك الخبر المؤلم؟ صعب جدا ولا يمكن وصفه، لحسن حظي أنني رجعت إلى الجزائر ولحقت بالجنازة، لا أحد توقع أن تسير الأمور بتلك الطريقة. وكيف عدت إلى الجزائر؟ كان هناك وفد من الحكومة يترأسه رئيس الوزراء لحضور جنازة الرئيس الأسبق للسنغال، فاتصل بهم رئيس الاتحادية محمد روراوة وأعلمهم بالخبر فقبلوا أن أعود معهم، فعدت معهم ولحقت بالجنازة وحضرت بشكل عادي، لما تم إخباري بالوفاة تخيلت أن كل شيء انتهى، لكن ما باليد حيلة هذا قضاء الله وقدره، يجب أن نصبر ونحتسب. بعدها كانت وفاة الوالد رحمه الله. مر وقت معتبر بعد وفاة الوالدة رحمها الله، الوالد كان مريضا وجلبته إلى العاصمة من أجل العلاج، كانت هناك عدّة تدخلات طبية وكتب له أن توافيه المنية في مستشفى مصطفى باشا. لو تعد بك عجلة الزمن إلى الوراء هل ستعيد نفس السيناريو وتختار كرة القدم؟ منذ صغري وأنا أبحث عن كرة القدم، أعتبر أن هذه اللعبة تجري في عروقي منذ كنت طفلا، كنت أبحث عن كرة القدم من أجل الذهاب بعيدا والوصول إلى المستوى العالي، الحمد لله وصلت إلى ذلك المستوى، لكن الأمور لم تكن سهلة، ومن بينها الأمور التي كنا قد تحدثنا عنها آنفا وهي الابتعاد عن العائلة والأهل، بكل صراحة لو تعد العجلة إلى الوراء فسأعيد نفس الاختيار وألعب كرة القدم. في اتحاد العاصمة كان الكلام كثيرا عن أن العناصر الأساسية كانت تؤثر على قرارات المدرب، فما قولك؟ من المستحيل أن يقول عنك الناس كل ما تحب، ربما يتحدثون عن اللاعبين الذين مرّوا على اتحاد العاصمة ولم يكتب لهم النجاح، أنا أقول لهم إنه مرّ على اتحاد العاصمة عدد كبير من اللاعبين ونجحوا وتمكنوا من الوصول إلى المستوى المطلوب، هذه هي حياة اللاعب فربما يأتي إلى فريق لا ينجح فيه بالرغم من أنه كان أحسن لاعب في فريقه الذي جاء منه، المشكل يكمن في الانسجام والتأقلم مع التشكيلة الجديدة، ربما يعود إلى فريقه ويتمكن من تأدية مشوار أحسن، هناك لاعبون تمكنوا من التألق في اتحاد العاصمة وذهبوا إلى فرق أخرى وتألقوا أكثر. يقال إن المسيّرين وعلى رأسهم عليق كانوا يستشيرون ركائز الفريق فيما يخص استقدام المدربين. لما تصبح عضوا فاعلا في الفريق، فإن مجرد الكلام مع المسيّرين أو مع المقربين يعتبر نصائح يتم اتخاذها بعين الاعتبار، لكن فيما يخص المدرب فإنه ربما حدث مرة واحدة وأن استشارنا عليق في الأمر، لكن عموما كان يستقدم مدربا جديدا للفريق بصفته المسؤول الأول عن النادي، لذا فمن شدة معرفته بأن التشكيلة تسير بشكل جيّد، وتضم العناصر اللامعة في البطولة، فهو على دراية تامة بأن الأمور تسير على ما يرام، الرئيس ربما لا تعجبه طريقة عمل المدرب أو نتائجه فيبعده، لذا فهو يختار مدربا حسب رأيه وهو على قناعة بأنه لن يخطئ الاختيار لأن عوامل النجاح كانت متوفرة. في بداية مشوارك مع الاتحاد كان هناك حديث عن اتصالات مع نادي ليفيسكي صوفيا البلغاري، فماذا حدث بالضبط حتى لم تتم الصفقة؟ في موسم 98/99 أقمنا تربصا تحضيريا في بلغاريا، وقد أجرينا بعض المباريات من بينها مباراة أمام نادي ليفيسكي صوفيا، وهو الأمر الذي جعل رئيس هذا النادي يعاين بعض اللاعبين من فريقنا، وقد كنت في أوج عطائي حيث عرفت أنهم أعجبوا بإمكاناتي، بعدها لم أتلق اتصالا مباشرا، بل عرفت أنهم قادمون للتفاوض مع إدارة الفريق بما أنني كنت مربطا بعقد، وتفاوضوا مع الرئيس عليق، بعدها تحدث معي وقال لي إن هذا هو العرض الذي تقدموا به، فرفضت. لماذا؟ لأنه كان عرضا زهيدا ولم يكن يستحق التنقل وخوض تجربة في بلاد لا يعرفها إلا القليل، وزد على ذلك كنت آخذ في اتحاد العاصمة تقريبا مثل أجر ذلك العرض، كما كان ذلك البلد باردا جدّا، فنحن أقمنا تربصنا في فصل الصيف وكانت الأمور صعبة جدّا حيث كانت البرودة شديدة، وحينها عرفت أن فصل الشتاء سيكون أصعب بكثير. ألا ترى أن عليق كان يرفض رحيلك بطريقة مباشرة ولهذا السبب عرض عليك ذلك المبلغ؟ لا أدري صراحة إن كان الأمر كذلك، ما كنت أعرفه هو العرض الذي سأستفيد منه شخصيا، أما العرض الذي يستفيد منه الفريق فلم أكن أعرفه، ما كان يهمني هو أموري الشخصية وما يصلني أنا فقط، وليست المرّة الوحيدة التي لم أخض فيها تجربة احترافية بل كانت هناك مرة أخرى. إلى أوروبا دائما أم إلى أين؟ هذه المرة لم أكن أعرف أي شيء إلا بعد ضياع العرض، فنادي اتحاد جدّة كان يريد خدماتي وتقدم بعرض مغر للفريق، غير أن الرئيس عليق طلب منهم مبلغا خياليا جعلهم لا يهتمون بخدماتي مجدّدا. وكيف عرفت بعدها؟ عن طريق أحد المناجرة، حيث تحدث معي بعدما ضاع العرض وقال لي، لقد ضيّعت عرضا مغريا من اتحاد جدّة السعودي، فقلت له كيف ذلك؟ فقال لي إنهم تقدموا بعرض إلى إدارة الفريق ولكنها طلبت مبلغا خياليا جعلهم لا يواصلون السعي لضمك، فقلت له لماذا لم تقدموا العرض مباشرة إليّ؟ فقال لي إن إدارة النادي تفاوضت على أساس أنني مرتبط بعقد. وأنت هل كنت حرّا من أي التزام تجاه فريقك؟ أجل كنت حرّا وفي نهاية عقدي، في الفترة التي تقدموا بها بالعرض لم يكن الموسم قد انتهى، لكنني كنت في نهاية عقدي مع نهاية الموسم، وكان بإمكاني التفاوض بمفردي دون المرور على الفريق، بذلك ضيّعت فرصة اللعب في السعودية، لأن الإدارة أخفت عني العرض، ولا أدري السبب الذي جعلها تقوم بهذا التصرف. من المعجبين بك من يقول إنك آخر مدافع حر في البطولة الوطنية، بالنظر إلى المستوى الذي كنت تقدمه، فما قولك؟ (يبتسم)، لا أظن ذلك، لأنني لاعب عادي قدمت مستوى جيّدا صحيح، لعبت في فترة وجدت جل الظروف مواتية للتألق، لكن أن تقولوا إنني آخر مدافع حرّ في الجزائر فهذا ما لا أشاطرك الرأي فيه. مادمت تقول إنك لست الأخير، فهل هناك من تراه خليفة لك؟ تقصد في اتحاد العاصمة، أم في فريق آخر؟ أقصد الاثنين معا... هناك لاعبان معجب بهما كثيرا، فهناك عادل معيزة الذي أعتبره من أحسن المدافعين في البطولة الوطنية، وكان بإمكانه الذهاب أبعد مما حققه، على كل طريقة لعبه تعجبني كثيرا، لذا يمكن القول إنه لاعب له مهارات ومميزات، أما اللاعب الثاني فلا يزال شابا، وأتوقع أن يتألق في المستقبل، إنه لاعب اتحاد العاصمة فاروق شافعي الذي يملك مهارات اللاعبين الموهوبين، ولكنني أقدم له النصيحة بأن يعمل دائما، لأن كرة القدم لا تعتمد على المهارة فحسب، بل على اللاعبين العمل المتواصل والدؤوب حتى يصل إلى مستوى عال، عليه استغلال تلك المهارات أحسن استغلال وما عليه سوى الاستماع إلى النصائح من كل المحيطين به، سواء لاعبين، مدربين أو حتى أنصار ومسيّرين. يقال إنك كنت تتفق جيّدا مع اللاعب حمداني فما مدى هذا الانسجام؟ أجل فيصل (حمداني) كنت أستطيع اللعب معه بعينين مغمضتين، إنه من أحسن المدافعين في الجزائر، كان لديه مستوى عاليا جدا ومتميّاز، إنه من اللاعبين الذين يمكنه أن ينزع منك الكرة على بعد أربعة أمتار دون أن يلمسك، وهو ما لا نراه حاليا. هل اطلعت على حواره الذي نشرناه على صفحات جريدتنا؟ أجل اطلعت عليه، وصراحة تأسفت كثيرا لتلك التصريحات. لماذا؟ بصراحة اندهشت وتفاجأت أكثر من تأسفي على ما أدلى به من تصريحات، ليس حمداني الذي أعرفه، انتابني إحساس وكأنه ليس هو من تفوّه بذلك الكلام، وأؤكد أن كلامه فيه الكثير من الأمور غير الصحيحة. هل لك أن تحدد؟ أشياء عديدة، لكنني لست هنا لكي أرد عليه أو أدخل معه في صراع تصريحات بعد 11 عاما من افتراقنا عن اللعب مع بعض، لا داعي لأن أدافع عن نفسي، فالجميع يعرفني جيّدا، ولكنني أريد أن أدافع عن شخص لا داعي لكي نشوّه صورته بعد كل هذه السنوات، أقصد بن زكري، حمداني قال أنه كان يتناول الكحول أمام اللاعبين، هذا غير صحيح، ولم يقم بهذا العمل أمامنا، وبإمكانكم الذهاب عند اللاعبين الذين كانوا زملاءنا حينها وتسألونهم، صحيح أن بن زكري كان لديه عقلية صعبة وسريع الغضب، والجميع يعرف هذا، ولكنه لم يتجاوز أبدا الحدود معنا، وأنا شاهد أمام الله، وليس هناك أي شخص يجبرني على الدفاع عن بن زكري، ولكنه كان عليه أن يفكر في عائلته، وخاصة في تصريحات يقرؤها العام والخاص في الجرائد. قال أيضا أن بن زكري كان يشتمكم في غرف حفظ الملابس ولا أحد كان يرد عليه إلا هو... هذا أيضا غير صحيح، لم يشتمنا أبدا، فالفريق حينها كان يضم لاعبين مثل حاج عدلان، دزيري، جحنين والآخرين، هل تظنون أنه يشتم هؤلاء. تحدث عنك وعن دزيري خصوصا حول المنصب فهل من تعليق؟ لا داعي لكي أنزل إلى هذا المستوى وأرد عليه، أردت فقط التعقيب والشهادة لله حول ما قاله عن المدرب بن زكري. في تلك الفترة التي خضتها مع اتحاد العاصمة، هل هناك مباراة معيّنة بقيت في ذاكرتك؟ هناك العديد من المباريات، لكن هناك واحدة لن تمحى من ذاكرتي ما حييت. متى كانت؟ أتحدث عن داربي الكأس الذي جمعنا بالمولودية سنة 1999، فلم يسبق لي أن رأيت ملعب 5 جويلية ممتلئا مثل تلك المباراة، فهو أحسن داربي في السنوات الأخيرة. لكن نهائي 2006 كان أكثر حضورا. لا أظن ذلك، وأقول لك السبب، في سنة 1999 كانت المدرجات لا تزال من الخشب، وبإمكان الملعب أن يستوعب أكبر عدد من الجماهير، أما في 2006 فكانت الكراسي البلاستكية هي التي تجعل الأماكن أقل. لماذا هذه المباراة بالتحديد وليس أخرى؟ المباراة بقيت في الذاكرة لأنها كما قلت لك جرت أمام حضور جماهيري قياسي، زد على ذلك طبيعة المباراة وسيرها إلى الوقت الإضافي (2 2 النتيجة النهائية)، قبل أن نصل إلى الركلات الترجيحية، حيث ابتسم الحظ لنا في نهاية المطاف، أرى أن تلك المباراة كانت قمة في التنافس من كل الجوانب، ولكنني أضيف إليها مباراة أخرى وهي نهائي الكأس مع شبيبة بجاية والذي فزنا به على حساب وداد تلمسان. هل نفهم من كلامك أن ذلك اللقب كان أحسن من كل الألقاب؟ خاصة وأننا لعبنا كأسا مميزة عن بقية الكؤوس التي فزنا بها، تخطينا العديد من الفرق الكبيرة في الأدوار الأولى، مثل وداد تلمسان واتحاد البليدة وأخيرا مولودية الجزائر، وفي النهائي منافسنا العنيد شبيبة القبائل، لذا كانت كأسا ذات طعم خاص. لنتحدث قليلا عن المنتخب الوطني وبالضبط عن مشاركتك الأولى في كأس إفريقيا 1998 كيف كانت؟ عدت إلى المنتخب الوطني بعدما غبت عن نهائيات 96 بجنوب إفريقيا، تنقلنا إلى دورة 1998 ببوركينا فاسو تحت قيادة المدرب عبد الرحمان مهداوي، وأدينا مشوارا متوسطا، لسوء حظنا لم نتمكن من التأهل إلى الدور الثاني. وماذا حدث في نهائيات 2000 مع المدرب سنجاق؟ كما تعلمون بدأنا التحضيرات بشكل عادي، وتنقلنا إلى البرازيل لإجراء التربص ما قبل الأخير، منذ البداية عرفت أنني ذاهب إلى نهائيات غانا ونيجيريا من أجل الحضور فقط، فمن خلال التدريبات والمباريات الودية عرفت أنني لن ألعب، ومع اقتراب موعد النهائيات جاءني المدرب المساعد حميمي وطلب مني اللعب في منصب وسط ميدان استرجاع، حينها كان ردي سلبيا، وقلت له إنني لن ألعب في هذا المنصب بل سألعب في منصبي الحقيقي وإلا فلا داعي لإشراكي. لماذا رفضت اللعب بما أن لديك الخبرة في هذا المنصب؟ كنت على دراية تامة بأنهم طلبوا مني اللعب في هذا المنصب حتى يتفادوا المشاكل، فهم أشركوا لاعبين آخرين في منصبي وكان سنجاق وحميمي يريدان إسكاتي باللعب في هذا المنصب، لذا رفضت من باب المبدأ لأنني لست هنا لملء الفراغ فقط. وكيف كانت النهاية؟ كما يعلم الجميع تأهلنا إلى الدور الثاني وواجهنا الكاميرون، لكن صراحة الجميع كان ينتظر المباراة بفارغ الصبر حتى تنتهي ويعود إلى أرض الوطن، لم تكن هناك أي رغبة في البقاء هناك، التشكيلة كلها كانت تريد الإقصاء لكي نعود وننتهي من تلك الدورة، فخرجنا على يد الكاميرون وعدنا خائبين. ولماذا لم تعد إلى المنتخب الوطني بعدها؟ لأنني أنا من طلب عدم توجيه الدعوة لي مادام هذا الطاقم في الفريق، أدليت بتصريحات قلت فيها إنه على هذا الطاقم ألا يوجه لي الدعوة مستقبلا، وفعلا لم يوجه لي الدعوة وغبت عن تصفيات كأس العالم 2002، لم أكن لأرفض دعوة المنتخب لأنه يستحيل عليّ ذلك، لكن ذلك الطاقم كان يعرف أنه لم تكن لدي الرّغبة لكي ألعب معه. ومتى عدت إلى حمل الألوان الوطنية مجددا؟ عدت في تصفيات كأس إفريقيا 2002 بمالي، وحضرت النهائيات تحت قيادة المدرب رابح ماجر، ولسوء حظنا أننا لم نبلغ الدور الثاني. وكانت نهايتك مع المنتخب شبيهة بنهايتك مع الاتحاد وكرة القدم عموما، فهل لنا أن نعرف كيف غادرت؟ النهاية كانت بخوضي آخر مباراة كانت مع منتخب نيجيريا في نيجيريا، كانت في إطار تصفيات كأسي إفريقيا والعالم 2006، بعدها لم توجه لي الدعوة وغادرت المنتخب في صمت. لكن حسب المعلومات التي لدينا طلب منك لاعب محترف أن يتوسط لك كي تلعب تلك المباراة، فما قولك؟ (يتعجب، ويسكت قليلا)، بصراحة أنا مندهش لهذه المعلومات، ليس من حيث الصحة، وإنما من حيث وصولها إليكم، لا علينا صحيح ما تقولون. إذن مادام الأمر صحيحا قل لنا ماذا حدث بالضبط. كنت على مقعد البدلاء في الشوط الأول، وكانت النتيجة لا تزال بيضاء، عندما كنا في طريقنا إلى غرف حفظ الملابس اقترب مني لاعب لا يزال حاليا في المنتخب الوطني، وقال لي هل تدخل في الشوط الثاني وتكون متقدما عن محور الدفاع، وهذا حتى تساعدنا على غلق المنافذ ونحافظ على هذه النتيجة، بصراحة اندهشت لهذا الأمر، لأنه من غير المعقول أن يتخذ اللاعب قرارا منفردا دون علم المدرب. وكيف كان ردك؟ لم أرد بشيء، توجهنا إلى غرفة حفظ الملابس، وفعلا حدث أن دخلت في الشوط الثاني، وتلقيت نفس التعليمات من المدرب مثلما كان قد تحدث معي زميلي اللاعب من قبل، حينها عرفت أن المنتخب يسير وفق ما يمليه لاعبون في الفريق، واتخذت قرارا في نفسي بأن لا أعود إلى المنتخب وفعلا لم أعد، لأنه جاء جيل جديد والفريق تغيّر. لو نتحدث قليلا عن مشاركة المنتخب الوطني للاعبين المحليين في بطولة إفريقيا بالسودان، هل لك أن تقيّم لنا أداء "الخضر" عموما؟ أداء "الخضر" كان في المستوى، وكان مشرّفا، فالوصول إلى الدور نصف النهائي والخروج منه بتلك الطريقة يعتبر أمرا غير مخجل، لأنهم خرجوا بركلات الترجيح، لذا أعتبر مشاركة اللاعبين المحليين في هذه الدورة إيجابية إلى أبعد الحدود. هل يوجد لاعبون بإمكانهم التواجد مع المنتخب الأول؟ بالتأكيد، فاللاعب المحلي أظهر خلال هذه الدورة أنه يستحق التواجد مع المنتخب الأول، وله الإمكانات لكي يتحسّن مع مرور الوقت، لذا، علينا أن نمنح لاعبينا المحليين المزيد من الفرص حتى يتحسّن مستواهم أكثر. البعض يرى أن قوة المنتخب التونسي صنعها اللاعبون المحليون المتعوّدون على اللعب مع المنتخب الأول. إذا تحدثنا عن المباراة في حد ذاتها، فإنها كانت متكافئة إلى أبعد الحدود، المنتخب الوطني كان بعيدا عن المستوى في الشوط الأول وتلقى هدفا، لم يحسن تسيير هذه المرحلة، لحسن حظه أنه تمكن من العودة في الشوط الثاني، ولولا عدم التوفيق لكان لاعبونا قد حسموا المباراة في التسعين دقيقة، لاعبو المنتخب التونسي كانوا أحسن منا من ناحية الخبرة والانسجام، فالبطولة التونسية دخلت عالم الاحتراف قبلنا أي أن لديهم تجربة أكثر من لاعبينا، لكن رغم ذلك لم يكن الفرق كبيرا بين المنتخبين. بالمقابل، البعض الآخر يرى أن مستوى هؤلاء بعيد عن مستوى المحترفين الذين تألقوا في كأس إفريقيا بأنغولا أو حتى كأس العالم. لا مجال للمقارنة، فمستوى دورة السودان منخفض لعدة أسباب، لذا أنا لم أقل إنني ضد اللاعب المحترف، وإنما قلت إن عددا من اللاعبين المحليين لهم الإمكانات التي يمكنهم تحسينها إن حصلوا على فرص مع المنتخب الأول، ومع مرور الوقت يكون هناك انسجام أكثر بين المحليين والمحترفين. لو لم تكن لاعب كرة قدم، ماذا كنت ستعمل؟ لا أتخيل شيئا آخر، لأنني تركت الدراسة من أجل كرة القدم، رأيت أنه من المستحيل أن أوفق في كرة القدم وفي نفس الوقت أواصل الدراسة، فحتى لو تدرس وتلعب كرة القدم، لن تكون لاعبا ناجحا مثل أن تختار طريقا واحدا، نادرا ما تجد لاعبا وفق بين الاثنين وهي حالات شاذة، لذا رأيت أنني لا أستطيع التوفيق بينهما، فاخترت كرة القدم رغم أن الوالد رحمه الله كان معارضا بشدة. من هو المدرب الذي أثر في مشوارك أو كانت له لمسة خاصة على ما قدمته؟ تعاملت مع عدد كبير من المدربين، ففي بعض الأحيان يتعاقب عليك ثلاثة مدربين في موسم واحد، وهذا الأمر من شأنه أن يجعل عدد المدربين الذين تولوا تدريبي كبير جدا، لكن المدرب الذي أعطاني الفرصة ومنحني أول مرة ثقته ولعبت معه في صنف الأكابر كان مواسة، فهو كان وراء انطلاقتي الحقيقية بإشراكي أول مرّة مع الأكابر.