استشهاد 11600 طفل فلسطيني في سن التعليم خلال سنة من العدوان الصهيوني على قطاع غزة    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    ملفّات ثقيلة على طاولة الحكومة    افتتاح صالون التجارة والخدمات الالكترونية    ديدوش يعطي إشارة انطلاق رحلة مسار الهضاب    أدوية السرطان المنتجة محليا ستغطي 60 بالمائة من الاحتياجات الوطنية نهاية سنة 2024    هذا جديد سكنات عدل 3    تندوف: نحو وضع إستراتيجية شاملة لمرافقة الحركية الإقتصادية التي تشهدها الولاية    تبّون يُنصّب لجنة مراجعة قانوني البلدية والولاية    دي ميستورا يعقد جلسة عمل مع أعضاء من القيادة الصحراوية في مخيمات اللاجئين بالشهيد الحافظ    ليلة الرعب تقلب موازين الحرب    لماذا يخشى المغرب تنظيم الاستفتاء؟    حزب الله: قتلنا عددا كبيرا من الجنود الصهاينة    عدد كبير من السكنات سيُوزّع في نوفمبر    يوم إعلامي حول تحسيس المرأة الماكثة في البيت بأهمية التكوين لإنشاء مؤسسات مصغرة    السيد حماد يؤكد أهمية إجراء تقييم لنشاطات مراكز العطل والترفيه للشباب لسنة 2024    افتتاح مهرجان الجزائر الدولي للشريط المرسوم    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    وهران: انطلاق الأشغال الاستعجالية لترميم "قصر الباي" في أقرب الآجال    تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2025 / الجزائر: "تأكيد التحسن المسجل في سبتمبر"    مجلس الأمة يشارك بنجامينا في اجتماعات الدورة 82 للجنة التنفيذية والمؤتمر 46 للاتحاد البرلماني الافريقي    الألعاب البارالمبية-2024 : مجمع سوناطراك يكرم الرياضيين الجزائريين الحائزين على ميداليات    السيد طبي يؤكد على أهمية التكوين في تطوير قطاع العدالة    حوادث المرور: وفاة 14 شخصا وإصابة 455 آخرين بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    كأس افريقيا 2025: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا للمواجهة المزدوجة مع الطوغو    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 41 ألفا و788 شهيدا    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: الطبعة ال12 تكرم أربعة نجوم سينمائية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: سينمائيون عرب وأوروبيون في لجان التحكيم    شرفة يبرز دور المعارض الترويجية في تصدير المنتجات الفلاحية للخارج    الوزير الأول الباكستاني يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المشروع التمهيدي لقانون المالية 2025- تعويض متضرري التقلبات الجوية    المقاول الذاتي لا يلزمه الحصول على (NIS)    مدى إمكانية إجراء عزل الرئيس الفرنسي من منصبه    عبر الحدود مع المغرب.. إحباط محاولات إدخال أزيد من 5 قناطير من الكيف المعالج    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب:الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    الجزائر تعلنها من جنيف.."عودة الأمن في الشرق الأوسط مرهونة بإنهاء الاحتلال الصهيوني"    نعكف على مراجعة قانون حماية المسنّين    قافلة طبية لفائدة المناطق النائية بالبليدة    تدشين المعهد العالي للسينما بالقليعة    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    إعادة التشغيل الجزئي لمحطة تحلية مياه البحر بالحامة بعد تعرضها لحادث    قوجيل: السرد المسؤول لتاريخ الجزائر يشكل "مرجعية للأجيال الحالية والمقبلة"    بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين اليوم    كوثر كريكو : نحو مراجعة القانون المتعلق بحماية الأشخاص المسنين وإثراء نصوصه    الدورة التاسعة : الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة محمد ديب للأدب    إجراءات وقائية ميدانية مكثفة للحفاظ على الصحة العمومية.. حالات الملاريا المسجلة بتمنراست وافدة من المناطق الحدودية    حرب باردة بين برشلونة وأراوخو    منتخب الكيك بوكسينغ يتألق    توقيع اتفاقية شراكة في مجال التكفل الطبي    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    مونديال الكيك بوكسينغ : منتخب الجزائر يحرز 17 ميدالية    الحياء من رفع اليدين بالدعاء أمام الناس    عقوبة انتشار المعاصي    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روجي ميلا ... اللاعب الذي أصبح نجما بعد اعتزاله
نشر في الهداف يوم 12 - 04 - 2011

روجي ميلا أو الأسد العجوز لاعب ترك بصماته واضحة في تاريخ كرة القدم الافريقية وحتى العالمية، لم يلعب لفريق أوروبي كبير ولم ينل تتويجا خارجيا مرموقا، ولكنه حقق أشياءا لم ينل شرف تحقيقها لاعبون أفضل منه بكثير، ليدخل بذلك ميلا التاريخ بأرقامه القياسية التي يعجز الآخرون عن تحطيمها الى يومنا هذا .
فهل كان أفضل لاعب إفريقي ؟
الطفل الفقير الذي لقب "بيلي"
ولد بمدينة ياوندي عاصمة الكاميرون بتاريخ 20 ماي 1952 وسط حي مكاك الشعبي الفقير، ألبيرت روجي ميلا ليس سوى ذلك الطفل البسيط والذي خبأ له القدر مستقبلا لم يكن فيه مجرد لاعب عادي، فقد كان ميلا شغوفا بالساحرة المستديرة منذ طفولته ولم يكن يفوت الفرص للانضمام لأي دورة كروية حيث كان يبدع بشكل كبير جعل أصدقائه يلقبونه بلقب "بيلي" تيمنا بأسطورة كرة القدم البرازيلية بيلي .
الخطوات الأولى للأسد الكاميروني العجوز مع كرة القدم
بعد طفولة لا يمكن وصفها سوى بالعادية في كنف عائلته انتقل الطفل روجي ميلا إلى مدينة دوالا في سن الثالثة عشرة عاما أين وقع أول عقد له في حياته حينما انضم إلى فريق برق دوالا أين مكث خمس سنوات برز فيها بقوة وتألق كاشفا عن حس تهديفي كبير قبل أن ينتقل إلى فريق آخر هو ليوبارد الذي توج معه بلقب البطولة الكاميرونية سنة 1972 وهو اللقب الأول والوحيد لألبيرت روجي ميلا في البطولة الكاميرونية كما تمكن من الوصول إلى الدور النصف نهائي من بطولة كأس إفريقيا للأندية البطلة بألوان ذات الفريق، في حين نال كأس الكاميرون مع فريق تونير ياوندي الذي نال معه كأس الكؤوس الإفريقية سنة 1976 .
بداية التألق والرحلة في عالم الاحتراف
تألق روجي ميلا مع فريق ليوبارد مهد له الطريق للانضمام إلى المنتخب الكاميروني الذي صنع له أجمل لوحاته التاريخية والتي بدأها بنيله الكرة الذهبية الإفريقية سنة 1976 وفي الوقت الذي كان روجي ميلا يتألق في فريقه ومنتخب بلاده أثار إعجاب مسئولي فريق فالينسيان الفرنسي فسعوا للتعاقد معه أين كان ظهوره مع الفريق محدودا جدا كيف لا وقد وقع اللاعب ضحية لنظام الاحتراف الفرنسي إذ وعده رئيس فريق فالينسيان قبل توقيع العقد بكل المغريات التي قد تجلب اللاعب كالسكن الفاخر والسيارة الفخمة والأجر المحترم قبل أن يصدم بواقع لم يكن كذلك .
ليس كل ما يلمع ذهبا ...
الأحلام الموعودة والحياة السعيدة والرغدة التي كان يتمنى روجي ميلا أن يجدها في تلك البلاد البعيدة فرنسا اتضح أنها مجرد وعود كاذبة وأحلام باهتة لأن الواقع كان شيئا مختلفا تماما، حيث كانت كل تلك الوعود مجرد طعم لاصطياد اللاعب صاحب الكرة الذهبية الإفريقية آنذاك، إذ اكتفى فريقه الفرنسي فالينسيان بمنحه أجرة لاعب احتياطي وأجروا له مجرد شقة صغيرة أو ما يشبه أستوديو بسيط جدا وحينها ثار روجي ميلا على إدارة فريق فالينسيان بعدما أيقن بأن اللاعب الإفريقي لازال يعيش تحت الاستغلال في أوروبا بعيدا عن الحقوق التي يحصل عليها نظيره الأوروبي بسبب ما قامت به إدارة الفريق الفرنسي مطالبا إياها بالوفاء بوعودها .
بداية المتاعب والألقاب على حد سواء
بعدما ثار روجي ميلا على إدارة الفريق الفرنسي تسبب له ذلك في انهيار سمعته كلاعب متزن ومحبوب في البطولة الفرنسية وهنا أصبح الأسد الكاميروني المتألق يظهر في صورة اللاعب الطماع الغير منضبط، وهو الأمر الذي دفعه للبحث عن وجهة أخرى غير فريق فالينسيان أين انتقل إلى فريق فرنسي آخر هو موناكو والذي لم يكن فيه أحسن حالا إذ كان في غالب الأوقات إما مصابا أو موجودا على دكة الاحتياط، ومع ذلك نال مع الفريق لقب البطولة الفرنسية سنة 1980 ثم كرر الانجاز ذاته بألوان فريق جزيرة كورسيكا باستيا في الموسم الذي تلاه .
ميلا، بلومي، ماجر وعصاد... إفريقيا على أبواب العالمية
سنة 1980 وصل روجي ميلا رفقة منتخب بلاده الكاميرون إلى نهائيات كأس العالم رفقة المنتخب الجزائري حينها كممثلين للقارة الإفريقية، ورغم الأداء الكبير الذي قدمه منتخب الأسود الجموحة إلا أنه فشل في التأهل إلى الدور الثاني بعدما تأخر عن المنتخب الايطالي بفارق الأهداف، ولئن كان المنتخب الكاميروني حينها قد خرج من الدور الأول إلا أن الأداء الكبير الذي قدمه رفقة ممثل القارة السمراء الآخر المنتخب الجزائري والذي أقصي هو الآخر من الدور الأول بعد فضيحة ترتيب المباراة التي كانا بطلاها المنتخبين الآريين النمسا وألمانيا كان كفيلان بإعطاء صورة أكثر ايجابية عن كرة القدم الإفريقية التي باتت تطرق أبواب العالمية .
أهداف غزيرة ونتائج هزيلة ...
سنة 1983 وبعيدا عن المنتخب الكاميروني وبالضبط في البطولة الفرنسية، نجح روجي ميلا في تسجيل ثلاثة عشر هدفا على مدار البطولة وهي حصيلة ورغم أهميتها إلا أنه لم يكن لها وقع كبير على نتائج فريقه فريقه باستيا الذي اكتفى بإنهاء الموسم حينها في المرتبة الثالثة عشرة، أما في السنة الموالية فقد ارتقى الأسد الكاميروني رفقة فريقه باستيا دائما إلى المرتبة العاشرة في البطولة الفرنسية محسنا بذلك المرتبة التي تحصل عليها في الموسم السابق .
أول كأس أمم افريقية على حساب الخضر
لم يتوقف الأمر عند المجد الشخصي مع فريقه الفرنسي باستيا وإنما استمر وهذه المرة مع المنتخب الكاميروني أين قاد الأسد روجي ميلا منتخب الأسود الغير مروضة لانجاز جديدا وكبير أضافه لسجله الذهبي وهذه المرة على الصعيد القاري إذ قاده للتتويج بلقب كأس أمم إفريقيا التي احتضنتها كوت ديفوار سنة 1984 بعدما أقصى المنتخب الجزائري بضربات الجزاء في الدور النصف نهائي 5-4 بعد انتهاء المباراة في وقتها الأصلي بالتعادل السلبي 0-0 قبل أن يجهز في النهائي على منتخب النسور النيجيري بثلاثة أهداف لواحد في مباراة أدارها الحكم التونسي الشهير علي بن ناصر .
جولة في القسم الثاني الفرنسي
بعد نهائيات كأس أمم إفريقيا 1984 التي فاز بها رفقة منتخب بلاده الكاميرون انتقل روجي ميلا في البطولة الفرنسية إلى فريق سانت ايتيان العريق والذي كان يعاني في بطولة القسم الثاني الفرنسي حينها والذي لا يليق بمقامه كأحد أعرق الفرق الفرنسية، ليجد ضالته رفقة نجمه الجديد الأسد الكاميروني روجي ميلا الذي ساهم في عودته لحظيرة بطولة القسم الأول حيث سجل 33 هدفا بقميص سانت ايتيان أو الفريق الذي يكنى بتسمية "الخضر" في فرنسا على مدار 62 مباراة لعبها في موسمين .
المحطة الأخيرة لرحلة ميلا في فرنسا
بعد موسمين ناجحين مع سانت ايتيان حط الأسد الكاميروني العجوز روجي ميلا الرحال في فريق مونبوليي الفرنسي وهو الفريق الذي انظم إلى طاقمه الفني بعد تعاقده من الحياة الاحترافية كلاعب فيما بعد، وقد تمكن معه من زيارة شباك المنافسين في 22 مناسبة في 31 مباراة فقط ضمن البطولة الفرنسية، ليرفع رصيده من الأهداف منذ احترافه إلى 152 هدفا خلال المواسم التي لعبها في البطولة الفرنسية، ليتقاعد بتاريخ 31 ماي 1989 واضعا بذلك حدا لمسيرة احترافية غير موفقة بصفة تامة مع الأندية التي لعب لها في فرنسا عكس الأمجاد الكبيرة التي حققها مع منتخب بلاده الكاميرون سواء على الصعيد الإفريقي أو على صعيد مشاركاته في نهائيات كؤوس العالم .
أول هدف في أول مباراة و100 ألف متفرج للوداع
بالموازاة مع ما يمكن وصفه بالنجاح المحدود جدا لمسيرة النجم الكاميروني ألبيرت روجي ميلا مع الأندية الفرنسية التي احترف فيها، فانه أبان موهبة كبيرة في ظهوره الدولي رفقة المنتخب الكاميروني، وقد تجسد ذلك من خلال تمكنه من تسجيل أول أهدافه مع منتخب الأسود الغير مروضة في أول ظهور له مع المنتخب وكان ذلك شهر جويلية من سنة 1978 ولأن مسيرته كلاعب دولي جلبت له حب كبيرا من قبل جماهير بلده، فقد احتشد حوالي 100 ألف متفرج سنة 1987 لحضور مباراة اعتزاله التي أقامه بالكاميرون .
بداية النهاية أم نهاية البداية ...
مباراة اعتزال روجي ميلا أو ما يصطلح عليه بتسمية "الجوبيلي" كان عبر لقاءين، الأول كان بتاريخ 28 جانفي 1987 بمدينة دوالا وقد جلب حوالي 35 ألف متفرج، أما المباراة الثانية فقد كانت بتاريخ 2 جانفي من سنة 1988 بملعب الرئيسي بالعاصمة الكاميرونية ياوندي وقد حضره حوالي 100 ألف متفرج جاءوا ليستمتعوا بلمحات فنية من نجمهم المفضل والذي منح كرة القدم الكاميرونية مكانة مرموقة بين كبار الكرة في إفريقيا وحتى العالم .
جوبيلي روجي ميلا بحضور جزائري
مباراة اعتزال روجي ميلا كانت فرصة له لتجميع مختلف زملائه الذين لعبوا إلى جواره سواء خلال مسيرته الاحترافية في البطولة الفرنسية أو أولئك الذين لعبوا إلى جانبه في المنتخب الكاميروني، إذ كانت المباراة الاعتزالية له بين فريقي جوبيلي روجي ميلا المكون من زملائه من مختلف الجنسيات بمن فيها الجزائرية في مواجهة المنتخب الكاميروني وقد لعب روجي ميلا الشوط الأول لهذه المباراة رفقة فريقه قبل أن يكمل المباراة في شوطها الثاني رفقة زملائه من المنتخب الكاميروني ليختتم المباراة بهدف ويقوم بعدها بدورة شرفية حول الملعب لتحية جحافل الجماهير التي جاءت لأجل تحيته في ما كان يفترض أن تكون مباراته الاعتزالية .
مباراة اعتزال جمعت القارة السمراء في فريق
حضر مباراة اعتزال روجي ميلا عدد من زملائه السابقين في فترة احترافه في البطولة الفرنسية، وقد ضمت القائمة عدة لاعبين بارزين في ذلك الوقت تقدمهم الجزائري نور الدين قريشي، الكاميروني غريغوار مبيغا، والدولي الفرنسي مانويل أموروس والسنغالي روجي ماندي إضافة إلى كل من الفرنسي كريستيان بايان والفرانكو كاميروني فيليب نديورو والفرنسي آلان جيريس الذي يشرف حاليا على تدريب المنتخب الغابوني زيادة عن عدد آخر من اللاعبين الآفارقة البارزين في فترة الثمانينيات ومن مختلف الجنسيات الإفريقية .
عودة بعد الاعتزال بتدخل رئاسي
رغم إعلانه لاعتزاله لعبة كرة القدم سابقا إلا أن الحنين للملاعب عاود الأسد العجوز روجي ميلا ليعود مرة أخرى لمداعبة الكرة وهذا بعد تدخل شخصي من الرئيس الكاميروني حينها الذي دعاه للعودة لأجل المشاركة مع منتخب بلاده في مونديال ايطاليا 1990، وهنا البداية كانت في أجواء مختلفة عن تلك التي كان يعيش فيها خلال فترته الاحترافية بفرنسا حيث أن العودة إلى ممارسة كرة القدم هذه المرة كانت بشكل مختلف تماما حيث حزم روجي ميلا حقائبه وشد الرحال نحو جزيرة روينيون للانضمام إلى أحد الفرق هناك يدعى سانت بيغواز الذي فاز معه بالبطولة المحلية هناك سنة 1990 ليفتح ميلا صفحة جديدة من تاريخه الكروي .
اللاعب الذي تألق بعد الاعتزال ...
ببلوغه سنة الثامنة والثلاثين سنة وهو سن متقدم يفترض أن لاعب كرة القدم قد تقاعد قبله، إلا أن هذه القاعدة العامة شهدت استثناءا نادرا صنعه الأسد الكاميروني العجوز روجي ميلا حينما فجر طاقاته الكروية بشكل غير مسبوق حيث بدأ في البروز والتألق بمناسبة مونديال ايطاليا سنة 1990 حيث برز بأهدافه الحاسمة ومراوغاته الساحرة وحسن تموقعه فوق أرضية الملعب أين أصبح بمثابة اللاعب المنقد للمنتخب الكاميروني بتسجيله أربعة أهداف كاملة خلال المونديال الايطالي ساهم بها في تألق المنتخب الكاميروني الذي سجل حينها المشاركة العالمية الأفضل في تاريخه إلى يومنا هذا .
أربع رقصات "ماكوسا" وربع نهائي عالمي
القاسم المشترك بين الأربعة أهداف التي سجلها روجي ميلا في مونديال ايطاليا 1990 هو أنه لم يكن ينسى إنهائها برقصته الاحتفالية المشهورة والمعروفة بتسمية "ماكوسا" والتي يدور من خلالها حول علم الركنية احتفالا بتسجيل الأهداف ومنهما الهدفين اللذان سجلهما ضد المنتخب الكولومبي في الوقت الإضافي للمباراة واللذان قاد بهما المنتخب الكاميروني إلى الدور الربع نهائي من مونديال ايطاليا 1990 .
ميلا المدرب فوق الميدان ...
لم يكتفي روجي ميلا بالمشاركة في مونديال ايطاليا 1990 في تلك السن المتقدمة جدا، بل أراد أن يحقق انجازا آخر قد لا يستطيع غيره من اللاعبين الوصول إليه أو حتى الحلم بذلك، فالأسد الكاميروني العجوز عاد مرة أخرى للظهور في نهائيات كأس العالم بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1994 وحينها لم يعد كمدرب وإنما ضل لاعبا رغم بلوغه سنته الثانية والأربعين، فرغم توقفه عن اللعب حينها إلا أن مدرب المنتخب الكاميروني آنذاك الفرنسي هنري ميشال استدعاه للاستعانة بخبرته في تأطير وتوجيه زملائه الشباب فوق الميدان .
هزيمة بستة أهداف أدخلته التاريخ من أوسع أبوابه
رغم إخفاق المنتخب الكاميروني في تكرار انجازه الكبير الذي حققه في مونديال ايطاليا سنة 1990 وخروجه من الدور الأول للمونديال الأمريكي، إلا أن روجي ميلا سجل اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ كرة القدم العالمية حينما سجل هدف الشرف الوحيد لفريقه أمام المنتخب الروسي في مباراة خسر فيها الكاميرونيون بستة أهداف لواحد وهو الهدف الذي سطر اسم ألبرت روجي ميلا كأكبر لاعب سجل هدفا في دورة نهائية من دورات كأس العالم وكان قد بلغ حينها 42 عاما من العمر وتسعة وثلاثين يوما وهو الرقم الذي لازال صامدا إلى يومنا هذا .
روجي ميلا ... علامة محفوظة للتميز
لم يكتفي الأسد الكاميروني العجوز روجي ميلا بكونه أكبر هداف في تاريخ دورات كأس العالم، بل أضاف له عدة ألقاب أخرى لا يحوزها سواه، فقد كان أول لاعب إفريقي يتمكن من خوض ثلاث دورات من نهائيات كأس العالم، لينال بذلك روجي ميلا تميزا جديدا لم يسبقه إليه أحد من أقرانه من اللاعبين الأفارقة مؤكدا مدى جدارته بالاختيارات التي نصبته أفضل لاعب إفريقي للقرن الماضي كيف لا وقد نال كل ما يحلم به اللاعب رفقة منتخب بلاده بغض النظر عما حققه مع الأندية التي لعب لها .
رغم الإغراءات ... ميلا يرفض دخول المعترك السياسي
شعبية روجي ميلا في بلده الكاميرون تخطت كل حدود المعقول إلى درجة أن أصبح فيها يهدد مكانة رجال السياسة لما له من شعبية كبيرة في أوساط الشعب، وقد وصل الأمر ذروته حينما اكتشفت آلاف الأوراق الانتخابية التي تحمل اسم روجي ميلا بدلا من أسماء المرشحين السياسيين الذين ترشحوا حيث أن الجماهير ناشدت الأسد العجوز حينها للترشح للانتخابات البرلمانية في بلاده إلا أنه رفض دخول المعترك السياسي مفضلا الاهتمام بالتجارة من خلال شركة خاصة به .
افريقيا ليست قارة للحروب والأزمات فقط
مناشدات الجماهير للأسد العجوز روجي ميلا للترشح كنائب في البرلمان وهو المنصب الذي يجعل صاحبه بمثابة اللسان الناطق باسم من انتخبوه إنما تدل على مدى الحب الكبير الذي يكنه الكاميرونيين لرجل مثلهم عبر العالم ورسم لهم ولقارتهم الإفريقية صورة جميلة غير تلك الصورة المأساوية التي رسمتها لهم نشرات الأخبار ووكالاتها العالمية والتي صورت القارة الإفريقية وشعوبها على أنها قارة للفقر والجوع والحروب والآلام ليتضح بفضل ميلا وأمثاله أن للقارة الإفريقية هامش آخر من المتعة والفرجة التي صنعها أبنائها من أقران روجي ميلا وغيره من اللاعبين الذي داع صيتهم عبر مختلف أركان المعمورة .
الجانب الإنساني لروجي ميلا السفير ...
كغيره من النجوم الذين ينحدرون من بيئة فقيرة كان للجانب الإنساني مكانة كبيرة في حياة الأسد العجوز خصوصا بعد اعتزاله لعبة كرة القدم، إذ كان لشخصية روجي ميلا الطيبة والسخية أثر في شعبيته الكبيرة في الكاميرون وخارجها، فإنسانية الأسد الكاميروني العجوز جعلا منه محط اختيار ليكون سفيرا للنوايا الحسنة من قبل منظمة الأمم المتحدة المكلفة بمكافحة داء فقدان المناعة المكتسب السيدا "أونيسيدا" .
"قلب إفريقيا" وجه آخر لإنسانية الأسد العجوز
بعد حوالي ثماني سنوات من التحضير أطلق روجي ميلا جمعيته الخيرية الخاصة به والتي أطلق عليها تسمية "قلب إفريقيا" شهر أفريل 2005، وهذه الجمعية الإنسانية والرياضية شهدت إعلان تأسيسها لأول مرة بالعاصمة الكاميرونية ياوندي وذلك بحضور عدد من الوجوه السياسية المهمة هناك بما فيها عدد من الوزراء والمسئولين السامين، وقد شملت الأعمال التي قامت بها هذه الجمعية تقديم الدعم المادي للفرق الكاميرونية المختلفة والاهتمام بلاعبي كرة القدم الكاميرونيين المعتزلين ومساعدتهم على مجابهة مشاكل الحياة .
"امتحان إيماني أو قصة هداف أصبح سفيرا"
سفير النوايا الحسنة الكاميروني روجي ميلا وتتويجا لحياته الزاخرة بالأحداث لخص كل ما عاشه في كتاب يترجم فيه لسيرته الذاتية أو ما يسمى بالمذكرات والذي عنونه تحت تسمية "امتحان إيماني أو قصة هداف أصبح سفيرا" ويحكي الكتاب المكون من 226 صفحة عن تفاصيل حياة الطفل الذي أصبح بطلا قوميا في بلاده كما ينتظر أن يصدر لهذا الكتاب أجزاء أخرى، وقد قدم روجي ميلا كتابه للجمهور بعد صدوره بحضور عدة شخصيات رياضية مرموقة تقدمها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيب سيب بلاتر .
ميلا ضمن قائمة أفضل 100 لاعب في القرن وبحضور جزائري مميز
اختير روجي ميلا اللاعب أيضا من قبل الاتحاد الدولي للتاريخ وإحصائيات كرة القدم ضمن 100 لاعب هم الأفضل في القرن الماضي، حيث حل الأسد الكاميروني العجوز في المرتبة الثامنة والعشرين في لائحة تصدرها الجوهرة السوداء البرازيلي بيلي وحل فيها الليبيري جورج ويا في المرتبة السابعة والعشرين في حين كان التواجد الجزائري مقبولا بتواجد كل من لخضر بلومي ورابح ماجر في المرتبة 65 مناصفة بينهما .
هل استحق ميلا لقب أفضل لاعب إفريقي للقرن الماضي ؟
أما على الصعيد الإفريقي فقد اختير روجي ميلا أفضل لاعب إفريقي في آخر خمسين عاما من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم متقدما اللاعب المصري محمود الخطيب في قائمة حل فيها لاعب المنتخب الوطني السابق وأول لاعب إفريقي ينال لقب كأس أوروبا للأندية البطلة رابح ماجر في المرتبة التاسعة ولاعب شباب بلوزداد سابقا حسن لالماس في المرتبة الرابعة عشرة ولكم الحرية في التعليق على اختيارات الهيئة التي يرأسها الكاميروني عيسى حياتو ويقع مقرها في العاصمة المصرية القاهرة .
ميلا ... ويا بيلي ماجر والآخرون ...
بالنظر إلى انجازات عدد من اللاعبين الأفارقة فان اختيار الكاميروني روجي ميلا كأفضل لاعب إفريقي في القرن الماضي يبدو مجحفا في حق عدد كبير من اللاعبين الأفارقة الذين حققوا انجازات أكبر بكثير مما حققه ميلا، فالليبيري جورج ويا كان أفضل مهاجم في العالم في وقت ما ولعب لأعرق الأندية الأوروبية كأولمبيك مرسيليا الفرنسي وتشيلزي الانجليزي إضافة إلى ميلان الايطالي، أما الغاني عبيدي بيلي فكان له شرف قيادة أولمبيك مرسيليا للتتويج بلقب رابطة أبطال أوروبا، في حين ما حققه رابح ماجر كلاعب محترف مع بورتو البرتغالي أكبر من أن يكون جزءا من المقارنة مع ما حققه ميلا مع الأندية التي لعب لها معظم مسيرته الاحترافية ليبقى تسجيله هدفا في المونديال في سن 42 سنة أكبر انجاز له .

مسيرة روجي ميلا مع الأندية التي لعب لها :
1970 – 1973 ليوبارد دوالا الكاميروني .
1974 – 1977 تونير ياوندي الكاميروني .
1977 – 1979 فالينسيان الفرنسي .
1979 – 1980 موناكو الفرنسي .
1980 – 1984 باستيا الفرنسي .
1984 – 1986 سانت ايتيان الفرنسي .
1986 – 1989 مونبوليي الفرنسي .
انجازات روجي ميلا الشخصية :
الكرة الذهبية الإفريقية مرتين : 1978 – 1990 .
هداف كأس الأمم الإفريقية في مناسبتين : دورة ليبيا 1986 – المغرب 1988 .
اللاعب الكاميروني الوحيد الذي دخل قائمة أفضل 100 لاعب في القرن الماضي .
أفضل لاعب كاميروني في القرن العشرين حسب الاتحاد الدولي للتاريخ وإحصائيات كرة القدم .
ثاني أفضل لاعب إفريقي في القرن العشرين حسب الاتحاد الدولي للتاريخ وإحصائيات كرة القدم .
أفضل لاعب إفريقي في آخر خمسين سنة حسب مجلة فرانس فوتبول سنة 2004 .
أفضل لاعب كرة قدم إفريقي في القرن العشرين حسب جريدة ليكيب .
أكبر هداف في تاريخ نهائيات كأس العالم 42 سنة و39 يوما .
سفير النوايا الحسنة الكاميروني .
أفضل لاعب إفريقي في آخر خمسين سنة حسب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم كاف .
الانجازات التي حققها مع الأندية التي لعب لها :
بطولة الكاميرون مع فريق ليوبارد دوالا سنة 1972 .
كأس الكاميرون سنة 1974 مع تونير ياوندي .
كأس الكؤوس الإفريقية سنة 1976 .
كأس فرنسا مرتين : مع موناكو سنة 1980 وباستيا 1981 .
بطولة فرنسا القسم الثاني : 1987 مع مونبوليي .
بطولة جزيرة روينيون : مع فريق سانت بيغواز سنة 1990 .
الانجازات التي حققها مع المنتخب الكاميروني :
الفوز بكأس أمم إفريقيا مرتين : في كوت ديفوار سنة 1984 والمغرب 1988 .
الوصول إلى نهائي كأس أمم إفريقيا سنة 1986 بليبيا .
التأهل إلى ربع نهائي مونديال ايطاليا سنة 1990 .
المشاركة في مونديالات كأس العالم 1982 باسبانيا، 1990 بايطاليا و1994 بالولايات المتحدة الأمريكية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.