عن عائشة رضي الله عنها قالت "كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره" [رواه مسلم].. فعليك بالجد والاجتهاد في ليالي العشر كلها، عسى الله أن يَمنَّ الله عليك بالفوز بليلة القدر.. ولكي تفوز بليلة القدر لابد أن تستشعر هذه الوصايا الهامة بقلبك وتحفرها بداخلك.. 1) تحسس قلبك وراقب نيتك.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" [متفق عليه].. وكان ابن المبارك يقول: "ربَّ عمل صغير تعظمه النية، وربَّ عمل كبير تصغره النية". فمهما كان عملك كبيرًا، إذا لم تصلِّح نيتك فيه فلن ينفعك.. ومن الممكن أن يكون العمل صغيرًا، ولكن بالنية الخالصة يصير عظيمًا جدًا. 2) بقدر اجتهادك تكن منزلتك، فجِدَّ واجتهد.. فإن المعونة تأتي من الله للعبد على قدر المؤنة.. لا تدع بابًا للخير إلا طرقته.. افعل كل ما تستطيع من أعمال صالحات لتتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى في هذه الليلة.. وعلى قدر جدك واجتهادك، سيعينك الله عز وجل. 3) نوَّع ما بين العبادات لتعالج الملل.. فلابد أن تنوّع ما بين العبادات حتى تستحضر قلبك، لكي لا تصاب بالملل إذا ما قمت بعبادة واحدة فقط لوقت طويل. 4) التبتل.. أي الانقطاع لله تعالى، وهو من أشرف العبادات التي تتقرب إلى الله بها في هذا الوقت.. قال تعالى: {وَاذكرِ اسمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّل إِلَيهِ تَبتِيلًا، رَبّ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هوَ فَاتَّخِذه وَكِيلًا} [المزمل:8,9].. ففرِّغ قلبك له وحده سبحانه. ولتحقيق ذلك عليك بهذه الأمور: -أغلق الهاتف وانس همومك ودع مشاغلك.. فلها رب يدبرها.. -أكثِر من الذكر.. عن عبد الله بن بسر أن أعرابيًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأنبئني منها بشيء أتشبث به، قال: "لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني] -اصمت وأحصِ عدد كلماتك في اليوم والليلة.. فإن لم تكن معتكفًا فتأدب بآداب المعتكف، قال رسول الله "من صمت نجا" [رواه الترمذي وصححه الألباني]. 5) اصبر واصطبر.. {رَبّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا بَينَهمَا فَاعبده وَاصطَبِر لِعِبَادَتِهِ هَل تَعلَم لَه سَمِيًّا} [مريم: 65].. إن كنت تحب ربك بصدق فعليك أن تجهد نفسك في طاعته، فهذه علامة المحب الصادق بَذل المجهود في الطاعة. قال بعض السلف: "من أراد أن تواتيه نفسه على الخير عفواً فسينتظر طويلاً، بل لابد من حمل النفس على الخير قهراً ". 6) أحسن الظن بالله، ولو أحسنت الظن بالله ستحسن العمل.. ولا تدع الشيطان يقطع عليك الطريق، بأن يجعلك تسيء الظن بالله تعالى. 7) تعاهد عملك بالإصلاح، فاجمع بين الكم والكيف.. قال النبي صلى الله عليه وسلّم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "إنَّ لك من الأجر على قدر نصَبك (تعبك)" [رواه الحاكم وصححه الألباني].. فعلى قدر التعب والمشقة، يكون الأجر من الله تعالى. وقال وهيب بن الورد: "لا يكون همّ أحدكم في كثرة العمل، ولكن ليكن همّه في إحكامه وتحسينه، فإنَّ العبد قد يصلِّي وهو يعصي الله في صلاته، وقد يصوم وهو يعصي الله في صيامه. فاجمع بين الأمرين تنال قصب السبق". 8) لا ترض عن نفسك ولا عن عملك.. فأصل الخطايا الرضا عن النفس.. فلا تركن إلى عمل، بل انظر إلى وجه القصور فيه، واستغفر الله على نقصانه ليكون على مظنة القبول.. قال تعالى: {وَالَّذِينَ يؤتونَ مَا آَتَوا وَقلوبهم وَجِلَةٌ أَنَّهم إِلَى رَبِّهِم رَاجِعونَ} [المؤمنون:60] 9) لتكن لك عبادات في السر، لا يطّلع عليها إلا الله.. فهذا أدعى للإخلاص، قال صلى الله عليه وسلّم: "صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين" [صحيح الجامع (3821) نسأل الله تعالى أن يعيننا على طاعته، وأن يجعل عملنا كله صالحًا متقبلاً.