اضطرت الجزائر للعودة إلى استيراد الوقود وخاصة "غاز البترول" أو المازوت بكميات كبيرة لمواجهة النقص المسجل في السوق المحلي وتجاوز الضغط.... إذ تقدر كمية المازوت المستورد ب2 مليون طن هذه السنة، ورغم تسجيل الكمية لانخفاض مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أنها تبقى معتبرة. وكانت الحكومة الجزائرية قد قررت توقيف الاستيراد نهاية 2012 خلال هذه السنة، غير أن تأخر برامج صيانة المصافي زاد من الضغط الداخلي لتلبية الحاجيات، إضافة إلى نزيف التهريب الذي عرف مستوى قياسيا هذه السنة دفع السلطات الجزائرية إلى اتخاذ تدابير غير مسبوقة لضبط وتسقيف استهلاك الوقود في المدن الحدودية وخاصة الغربية مع المغرب. تواجه الجزائر مشكلة حقيقية مع تفاقم ظاهرة التهريب والارتفاع المحسوس في الطلب الداخلي، ما دفع بالسلطات إلى برمجة إقامة 5 مصاف جديدة بقدرة 30 مليون طن وتوسيع قدرات إنتاج المصافي الست العاملة حاليا، لترتفع من 27 مليون طن إلى 60 مليون طن. لكن عملية صيانة وتأهيل وعصرنة مصفاة سكيكدة التي تعتبر من أهم مصانع تكرير البترول في الجزائر والتي تكفلت بها المجموعة الكورية الجنوبية "سامسونغ"، تأخرت بعد سلسلة الحوادث التي عرفتها في جانفي وفيفري 2013 بالخصوص. وتهدف عملية التأهيل والعصرنة حسب مسؤولي مجمع سوناطراك إلى توسيع قدرتها الإنتاجية ب1,6 مليون طن لتصل إلى 16,6 مليون طن مقابل 15 مليون طن سابقا، منها 4,7 مليون طن من المازوت "غاز البترول" و2 مليون طن من البنزين. في وقت ينتظر أن تتدعم قدرات إنتاج مصفاة الجزائر التي تتكفل بها المجموعة الفرنسية "تكنيب" بزيادة نسبتها 35% لتصل إلى 3,645 مليون طن مقابل 2,7 مليون طن حاليا، ودعم قدرات مصفاة أرزيو ب50%، لتصل 3,75 مليون طن مقابل 2,5 مليون طن حاليا. ونظرا لعدم استكمال برنامج العصرنة والتأهيل، فإن العرض غير قادر على تلبية الحاجيات المتزايدة في السوق خاصة مع تفاقم التهريب على الحدود، ما يدفع السلطات إلى العودة مجددا إلى خيار الاستيراد. وتكشف الإحصائيات الصادرة عن قطاع الطاقة ومصالح الجمارك أن فاتورة استيراد المازوت بلغت أوجها عام 2012 بكمية قاربت 3 مليون طن وقيمة فاقت 250 مليون دولار، مقابل 2,26 مليون طن و218 مليون دولار في 2011 و186 مليون دولار في 2010 بأقل من مليوني طن. علما أن الكميات الموزعة من الوقود بمختلف أصنافه، أي البنزين بأنواعه الممتاز والعادي ودون رصاص ومازوت، تقدر ب14 مليون طن سنويا، منها حوالي 6,5 مليون طن، أي في حدود 50% من الوقود المستهلك عبارة عن مازوت، وقدرت الكميات المهربة من مختلف المناطق تقدر ب1,5 مليون طن من مختلف الوقود، ويبقى المازوت على رأس الوقود المهرب يليه البنزين الممتاز، فما يهرب يمثل عمليا حوالي 15% مما يتم توزيعه في الجزائر من مختلف أنواع الوقود. ما يعكس الضغوط المسجلة في السوق أمام محدودية قدرات الإنتاج المحلية. ولتفادي استمرار النزيف الاقتصادي، فإن التدابير والإجراءات المتخذة ساهمت حسب مصدر من قطاع الطاقة في التقليل من حدة التسرب وإن لم تقضِ عليه، حيث يرتقب أن تعرف هذه السنة تحسنا في هذا المجال لاسيما على مستوى الحدود الغربية.