جاء النجم الفرنسي كريم بنزيمة، والموهبة البلجيكية إيدين هازارد، والحارس الكوستاريكي المتألق كيلور نافاس، والهداف الكولومبي جيمس رودريجيز، بالإضافة إلى صانع الألعاب البرازيلي نيمار دا سيلفا، كأبرز ضحايا دور الثمانية بنهائيات كأس العالم لكرة القدم المق وكانت الصورة التي ظهر خلالها البرازيليان داني ألفيش وديفيد لويز وهما يواسيان جيمس رودريغيز، الذي بكى بحرقة عقب خسارة منتخب بلاده 1/ 2 أمام البرازيل أول أمس الجمعة، أحد أكثر الصور إثارة للمشاعر في جميع المباريات الأربعة التي جرت بدور الثمانية. ولكن رودريغيز لم يكن هو الباكي الوحيد في المباراة، بل بكى أيضا الآلاف من جماهير المنتخب البرازيلي عقب مشاهدتهم الإصابة الأليمة التي تعرض لها نيمار خلال اللقاء والتي تسببت في غيابه عن بقية مشوار منتخب السامبا في المونديال. وفي الوقت الذي سارت فيه المباراة نحو النهاية، وبينما كانت النتيجة تشير إلى تقدم البرازيل 1/ 2، قام المدافع الكولومبي خوان زوينغا بالتحام عنيف مع نايمار، ولم يكسر على إثره إحدى فقرات العمود الفقري للاعب البرازيلي فحسب، بل ربما يكون قد تسبب أيضا في تحطيم آمال البرازيل في الفوز بكأس العالم للمرة السادسة في تاريخها. وألقت وسائل الإعلام البرازيلية الكثير من الأضواء على إصابة نايمار، وأعاد التليفزيون الوطني الواقعة عدة مرات، قبل أن تنقل لقطات للاعب البرازيلي وهو على الفراش في المستشفى. وشعرت الجماهير البرازيلية بالحسرة لغياب نايمار عن المباراة المرتقبة لمنتخب البرازيل مع ألمانيا في الدور قبل النهائي للمسابقة، بشكل يفوق شعورها بالألم لغياب المدافع المخضرم تياجو سيلفا عن اللقاء بسبب الإيقاف عقب حصوله على البطاقة الصفراء الثانية في المونديال خلال لقاء كولومبيا. وأفسدت إصابة نايمار فرحة الجماهير البرازيلية بتأهل منتخب بلادها إلى الدور قبل النهائي بعدما تخطى أحد أفضل المنتخبات في البطولة، لاسيما وأن المنتخب البرازيلي قدم واحدة من أجمل مبارياته في المونديال حتى الآن. وقال المهاجم البرازيلي السابق رونالدو "متأكد أن البرازيل فقدت نجما هاما للغاية، كان بمثابة معيارنا ومرجعنا . البرازيل خسرت خسارة جسيمة". وجاء هدفا منتخب البرازيل في اللقاء من كرتين ثابتتين، حيث افتتح تياجو سيلفا النتيجة مبكرا في الدقيقة السابعة من متابعة لركلة ركنية نفذها نايمار، قبل أن يضاعف ديفيد لويز النتيجة في الشوط الثاني عبر ركلة حرة مباشرة نفذها بطريقة رائعة. في المقابل، عزز جيمس رودريغيز صدارته لقائمة هدافي المونديال بعدما أحرز هدف المنتخب الكولومبي الوحيد قبل نهاية المباراة بعشر دقائق، ليسجل هدفه السادس في المسابقة، متفوقا بفارق هدفين على أقرب ملاحقيه الألماني توماس مولر والأرجنتيني ليونيل ميسي ونيمار. وشهدت المباراة الأخرى في دور الثمانية بين ألمانيا وفرنسا، والتي أقيمت على ملعب ماراكانا الأسطوري أول أمس الجمعة، مزيدا من الدراما، بعدما تغلب منتخب الماكينات الألمانية بهدف نظيف أحرزه المدافع ماتس هوميلس في الشوط الأول. وكانت الشكوك قد حامت بقوة حول مشاركة مدافع بوروسيا دورتموند الألماني في المباراة، عقب إصابته بنزله برد، ولكنه تعافى في الوقت المناسب. ورغم المؤازرة التي لقيها المنتخب الفرنسي من معظم الجماهير البرازيلية التي حضرت المباراة، إلا أن المنتخب الأزرق فشل في خلق فرصا حقيقية على مدار شوطي المباراة، ولكنه خرج مرفوع الرأس، بعدما قدم مستوى لافتا خلال مبارياته في البطولة، ليمحو الصورة الباهتة التي ظهر عليها في المونديال الماضي بجنوب أفريقيا عام 2010 عندما فشل في تحقيق أي انتصار ليخرج مبكرا من الدور الأول. وصرح ديديي ديشان مدرب المنتخب الفرنسي عقب المباراة "إنني أتألم، وأشعر بخيبة أمل كبيرة، ولكن هناك الكثير من الأشياء الإيجابية التي حققها الفريق في البطولة، هذا ما أريد أن أتذكره". وظهر نجوم المنتخب الفرنسي بشكل جيد للغاية خلال كأس العالم، خاصة كريم بنزيمة الذي احتل المركز الثالث في قائمة أفضل لاعبي البطولة، وفقا لمؤشر كاسترول التابع للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والذي يستخدم عدة معايير دقيقة لتحديد مدى تأثير كل لاعب على فريقه. من جهته، برهن المنتخب الأرجنتيني على رغبته الأكيدة للتتويج بلقبه العالمي الثالث، بعدما تغلب على نظيره البلجيكي العنيد 1/ 0 أمس السبت. وكان المونديال البرازيلي فرصة أمام العديد من المواهب البلجيكية للظهور، مثل مروان فيلايني نجم مانشستر يونايتد الانجليزي وفينسنت كومباني مدافع مانشستر سيتي، بالإضافة إلى المهاجمين الخطيرين روميلو لوكاكو وديفوك أوريجي وحارس المرمى تيبو كورتوا، فيما فشل إيدين هازارد نجم تشيلسي الانجليزي في الظهور بمستواه المعهود طوال البطولة. ورغم عودة المنتخب البلجيكي إلى بلاده إلا أن المونديال الحالي أثبت أنه فريق قادر على أن يكون إحدى القوى العظمى في عالم كرة القدم مستقبلا، خاصة في ظل وجود مجموعة كبيرة من اللاعبين الشباب في صفوفه. وصرح مذيع محطة (آر تي بي إف) الناطقة بالفرنسية "إن الشياطين الحمر يعودون إلى الديار بقلب مثقل بالألم ولكن رؤوسهم مرفوعة عقب تحقيقهم أربعة انتصارات خلال المباريات الخمسة التي خاضوها في كأس العالم، فضلا عن تواجدهم ضمن أفضل ثمانية منتخبات في العالم". وفي المباراة الأخرى التي جرت أمس السبت بدور الثمانية، واصل حارس المرمى الكوستاريكي كايلور نافاس جامبوا تألقه اللافت في البطولة، وحافظ على عذرية شباكه طوال 120 دقيقة خلال مباراة منتخب بلاده مع هولندا، ليحتكم الفريقان إلى الركلات الترجيحية. ولكن ركلات الترجيح كانت بمثابة فرصة جيدة أمام حارس مرمى آخر للتألق، وهو الحارس الهولندي البديل تيم كرول، الذي شارك في المباراة قبل أربعين ثانية من نهاية الشوط الرابع، في أحد التبديلات الناجحة للمدير الفني الهولندي لويس فان جال. وتصدى كرول باقتدار لركلتين ترجيحيتين ليتصدر اسمه عناوين الصحف العالمية، بعدما قاد المنتخب الهولندي للتأهل إلى الدور قبل النهائي للمرة الخامسة في تاريخه والثانية على التوالي. وبهذا، سيشهد الدور قبل النهائي للمسابقة مواجهتين من العيار الثقيل، حيث يلتقي المنتخب البرازيلي مع نظيره الألماني بعد غد الثلاثاء ليعيدا إلى الأذهان لقائهما في نهائي مونديال 2002 بكوريا الجنوبية واليابان، فيما يلتقي منتخب الأرجنتين مع هولندا يوم الأربعاء القادم، في إعادة للمباراة النهائية بمونديال 1978 بالأرجنتين.