في هذه الحياة كلنا نتألم، والألم أنواعه عديدة.. لكن أحسب الألم النفسي هو الأشد من البدني بمراحل ، فالأخير يمكن إخماد براكينه بمسكنات متنوعة، لكن النفسي، ماذا يخمده؟ وهو الذي يحتاج التوقف عنده ومعالجته والبحث عن سبل الوقاية منه قبل الوقوع في براثنه. تصور أنك في حيرة من أمرك حول موضوع ما، سواء كان على صورة مشكلة مادية أم اجتماعية أم رسمية تتعلق بعملك، أو خاصة ببيتك، أو غير ذلك من أمور الحياة الدنيا المتنوعة.. وأنت في تلك الحيرة، سترغب دون شك في إيجاد حل أو حلول لمشكلتك، فتشعر بالحاجة إلى من يعاونك على ذلك لكن لا تجده. وها هنا بداية الألم.. كيف ؟ قد لا تكون الحاجة دائماً في أن يكون من تبحث عنه يعاونك في إيجاد حل لمشكلتك عبر التفكير معك. لا ليس شرطاً، باعتبار أن هناك أنواعاً مختلفة لحاجتك إلى الغير، فقد يكون في جعبتك مثلاً الحل أو عندك من الحلول الكثير، وحاجتك هاهنا إلى من يختار معك الأفضل من تلك الحلول فقط وتنتهي مهمته.. أو ربما تكون حاجتك إلى من يسمعك فقط وأنت تورد عليه الحلول أو تفضفض له.. من هنا تبدو المسألة دقيقة بعض الشيء.. وسأقول لك كيف؟ حتى ترتاح من الألم النفسي الذي أنت فيه، لا بد أن تكون دقيقاً وواضحاً منذ البداية مع من ترغب أن يدخل معك أجواءك النفسية تلك، لأن غموض الدور بالنسبة لمن تريده معك يمكن أن يسبب معاناة أكثر لك وآلاماً نفسية أعقد مما أنت عليه، فتقرر في النهاية أن هذا الشخص لا يفهمك ولا يقدر مشاعرك ولا كذا أو كذا، وهو ضحية غموض الدور أو المطلوب منه من طرفك! إن أردت الطرف الآخر أن يشاركك فيما أنت عليه، فأوضح له دوره بدقة منذ بداية الحوار، كأن تقول له إن كنت تملك حلولاً، أريدك أن تعاونني في اختيار أفضل حل لمشكلتي. أو تقول له: ما رأيك في الحل الفلاني أو: ماذا تفعل لو أنك كنت في وضع وحدث لك كذا وكذا. في هاهنا مواقف تكون الأمور واضحة للطرف الآخر، فيعرف دوره وما ينبغي عليه تجاهك فتجد التفاعل منه، فتكون ارتحت وأرحت. إذن وضوح الطلب أو الدور مهم جداً في هكذا حالات، وأي غموض في الأدوار من شأنه تعكير الأجواء واستمرار للألم النفسي عندك المتمثل في شعورك بعدم فهم الآخرين لك وعدم وقوفهم بجانبك وغير ذلك من اعتقادات أو تصورات غير صحيحة في ذهنك أنت فقط لا غيرك..