لما كلَّف الله تعالى نبيه موسى عليه السلام بالرسالة وحمّله البلاغ ودعوة فرعون إلى الإيمان والاستسلام لله؛ علم أنَّ الأمر يحتاج إلى معين، وأنَّ خير معين من يشركه في همومه فيتألم لألمه ويسر لسروره. ولما قُذفت عائشة رضي الله عنها وقيل عليها الإفك؛ تبين نصح صحبتها الخيرة، وكيف كانت "أم مسطح" متبرئة من الإفك الذي نقله لها ولدها مسطح، فما كان منها لما عثرت في مرطها إلا أن قالت: "تعس مسطح". فسواء كنت كبيراً أم صغيراً، مديراً أم موظفاً، قائداً أم مقوداً، فلا غنى لك عن صحب تقربهم وتستشيرهم وتشاركهم همك. وإن كان ذلك في حق أفراد الناس مؤثراً ضرراً أو نفعاً؛ فهو لسادتهم وقادتهم أكثر نفعاً وأبلغ ضرراً أو نفعاً. وكثيراً ما يروي لنا التاريخ فعل البطانة الفاسدة بمن أفضى لهم بسره وشاركهم في عقله! ويشتد البلاء بالبطانة حينما تكون زوجة يفضي إليها وتنجب منه الولد؛ ولذا حث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على اصطفاء البطانة وجعلها عنواناً على الرجل، حيث قال: الرجلُ على دينِ خليلِهِ ، فلْينظرْ أحدُكم من يُخاللُ الراوي: أبو هريرة المحدث: النووي - المصدر: تحقيق رياض الصالحين - الصفحة أو الرقم: 177 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح وتعظم المنفعة بالبطانة حينما يكونوا صلحاء تقاة بل إنَّ مجرَّد مجالسة الصالحين تؤثر في النفس، وترفع همّتها إلى الاقتداء بهم؛ بخلاف جلساء السوء. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثل الجليسين مَثَلُ الجليسِ الصَّالحِ والسَّوءِ ، كحاملِ المسكِ ونافخِ الكيرِ ، فحاملُ المسكِ : إمَّا أن يُحذِيَكَ ، وإمَّا أن تبتاعَ منهُ ، وإمَّا أن تجدَ منهُ ريحًا طيِّبةً ، ونافخُ الكيرِ : إمَّا أن يحرِقَ ثيابَكَ ، وإمَّا أن تجدَ ريحًا خبيثةً الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5534 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ويقول صلى الله عليه وسلم في رجل أتى لحاجة فوافق حلقة الذكر فجلس معهم، فعمه الفضل معهم :"هم القوم لا يشقي بهم جليسهم". هذا في مجرَّد المجالسة فكيف بالبطانة والصحبة؟! فبركتهم نافعة بالغة في الدنيا والآخرة.. ولو كانوا فقراء معدمين؛
لقوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ولاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}. فإن كنت متخذةً بطانةً فاتخذيها من الصالحات العاملات، وإن كنتِ بطانةً لغيرك فانصحي لها، لا تغشيها بخيانة، ولا تفشي لها سراً، وإن استشارتك فاحرصي على القول السديد والرأي الرشيد، وابذلي جهدك في النصح.. وفي الحديث من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه، و من أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه الراوي: أبو هريرة المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 8490 خلاصة حكم المحدث: صحيح وكم تعظم المسؤولية اليوم لاختيار الصحبة الطيبة الصالحة لأولادهم في مدارسهم وسكنهم واختلاطهم؛ لأنَّ الأمانة ضيعت وكثر الفساد. واختيار الصحبة من الجيران مطلب مهم لسلامة خلق أولادك، بل وزوجك! فحددي أهدافك.. وما دمت حريصة على نفسك وولدك وزوجك، فاعلمي أنَّ بابك هم بطانتك، فاصلحي الباب أو أهمليه..!