نشرت : المصدر الشروق الجزائرية الأحد 16 أغسطس 2015 10:25 لم يخف خبراء الإقتصاد في ندوة "الشروق" أمس قلقهم من المستقبل بفعل الانهيار المتواصل لعملة الدينار أمام الدولار الأمريكي والأورو، ومسلسل تراجع المداخيل المتواصل منذ بداية السنة، متحدثين عن "حالة طوارئ مالية" تعيشها الجزائر، وشروع العائلات في التخلي عن الدينار واللجوء إلى الإدخار بالعملات الأجنبية، كاشفين في منحى آخر عن حلول قالوا أنها ستكون كفيلة للمرور بقارب الاقتصاد الوطني إلى بر الأمان، وقد تتحول حسبهم الأزمة من نقمة إلى نعمة لتعلن ميلاد بلد اقتصادي قوي من الدرجة الأولى اسمه الجزائر. ئيس جمعية المصدّرين الجزائريين علي باي ناصري: هذه القصة الكاملة لانخفاض قيمة الدينار عاد رئيس الجمعية الوطنيةللمصدرين الجزائريين علي بايناصري إلى "القصة الكاملة"لانخفاض قيمة الدينار، والتيقال إنها ليست وليدة اليوم،وإنما ترجع إلى سنة 1986 حينما بدأت الأزمة الاقتصادية تعصف بالجزائر، وتبعتهابعد ذلك أحداث 1988، مصرحا أنه حتى قبل سنة 1986 كانت قيمة1 دينار تساوي 5 دولار لتنعكسالأوضاع وينهار الدينار في ظرف قياسي بنسبة 500 بالمائة، وكان الدينار حسب ناصري ينهار سنويا بنسبةتتراوح ما بين ال100 وال200 بالمائة. وتأسست حسب رئيس جمعية المصدرين الجزائريين جمعية أرباب الأموال سنة 1990 بعد قيام عدد كبير منرجال المال والأعمال آنذاك بتحويل العملة لشراء المصانع ليكتشفوا فارقا كبيرا بين ما كانوا يمتلكونه بالديناروما تم تحويله إلى الدولار والدوفيز، وبدأت أوضاع العملة الوطنية تتعقد أكثر بسبب ما شهدته الجزائرسنوات التسعينيات والتي عرفت حالة لا استقرار. وعاد علي باي ناصري إلى سنة 2009، حيث انعكست تداعيات الأزمة المالية العالمية بداية من سنة 2008على الجزائر، وتسبب آنذاك تراجع سعر البترول خلال السداسي الأول للسنة والذي بلغ انخفاضا رهيبا، ولمتتعد مداخيل الجزائر 22 مليار دولار في اللجوء إلى قانون المالية التكميلي لسنة 2009 والذي تضمنإجراءات اقتصادية حاسمة، وتواصل انخفاض قيمة الدينار سنوات 2011، 2012، 2013، 2014 حتى دونإقرار السلطات الرسمية بذلك، مضيفا أن العملة الوطنية التي كانت توازي 80 وحدة لكل 1 دولار انهارتب20 بالمائة لتصبح تعادل 120 وحدة، في حين أكد أن السعر القياسي لانخفاض الدينار كان خلال الساعاتالماضية حينما بلغ سعر صرفه 106 دينار لواحد دولار. وعن النتائج المترتبة عن انخفاض قيمة الدينار، أكد ناصري أنها تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية،الأدوية، السيارات، المنسوجات، الخدمات، السكر، الحليب، الزيت، وحتى الدجاج واللحوم والمواد الأوليةوالأسمدة، وهو الإرتفاع الذي قال أنه لن يقل عن 20 بالمائة، واقترح بالمقابل للخروج من الأزمة رفعالحواجز البيروقراطية وتشجيع التصدير وتقليص الواردات التي انتقد سياسة الحكومة في تسييرها، وأوضح أنانخفاضها برقم 3 ملايير دولار خلال النصف الأول من السنة الجارية يبقى مجرد رقم صغير لا يمثل شيئا أمامالفواتير المدفوعة سنويا، متحدثا عن "حالة طوارئ مالية".
كاتب الدولة المكلف بالاستشراف والإحصاء سابقا بشير مصيطفى: الدينار سينخفض بشكل أكبر خلال 2016.. ويجب إلغاء الدعم للأغنياء بالرغم من أن كاتب الدولة المكلف بالاستشراف والإحصاء سابقا بشير مصيطفىرفض رسم صورة قاتمة وسوداء عن الاقتصاد الوطني، إلا أنه تحدث بلهجة حادة،محذرا من المواصلة عبر قانون المالية لسنة 2016 بنفس السياسة التي تنتهجهاالحكومة خلال السنة الجارية، وتحدث في هذا الإطار عن شروع العائلات الجزائرية فيالتخلي عن الدينار واللجوء إلى تخزين مدخراتها بالأورو والدولار وعلى شكل ذهبوعقار بغرض الاحتفاظ بقيمتها في ظل الانخفاض اللامسبوق الذي تشهده قيمةالعملة الوطنية. وأكد مصيطفى أن شهري جويلية وأوت الجاري شهدا انخفاضا كبيرا في قيمة الدينار يعد الأول من نوعه منذالاستقلال، وهذا راجع حسبه إضافة إلى ارتفاع قيمة صرف الدولار عالميا ولجوء القائمين على السياسة الماليةفي الجزائر إلى تبني خيار التخفيض "غير المعلن" لكسب عائدات جبائية جديدة، متوقعا سيناريوهين عبرقانون المالية لسنة 2016، من خلال إما مواصلة نفس السياسة التي كانت تقوم على الدعم والاعتماد علىالعائدات البترولية التي توقع انخفاضها هي الأخرى أو سياسة اختيار الأولويات وإعادة ترتيبها لتقليصالنفقات. وتحدث في هذا الإطار، عن بلوغ مستوى التضخم 5.1 بالمائة ونسبة النمو 5 بالمائة و37 دولارا سعرا مرجعاللبترول، متوقعا انخفاضا جديدا في قيمة صرف الدينار دون أن يحدد نسبته بداية 2016، كما تحدث عناستمرار سياسة الدعم وتحمّل الحكومة لنفقات أكبر من تلك التي تحملتها سنة 2015 جراء دعم الزيتوالسكر والحليب والقمح والوقود وغيرها من المواد الأولية إضافة للنفقات التي تتكبدها في قطاع الصحةوالمنح التعليمية والخدمات. أما السيناريو الثاني فيكمن حسب مصيطفى في اعتماد نموذج النمو لمدة 5 سنوات من خلال تحريك 17قطاعا على رأسها الفلاحة والصناعة والصيد والسياحة، داعيا إلى الإقلاع في اعتماده بداية من سنة 2016 معرفع المداخيل وتقليص نفقات الوزارات ومصاريف المهمات وإلغاء الزيارات والمهرجانات غير الأساسيةوتقليص فاتورة الاستيراد وتحرير التصدير والعقار ورفع ضريبة تصاعدية للثروة، وتوقع في هذا الإطار إلغاءعدد من المشاريع منها تلك البرامج السكنية التي لقيت الرواج في أوساط المواطنين على غرار "عدل3"وتجميد برامج إنجاز المستشفيات والعيادات. واقترح كاتب الدولة سابقا المكلف بالإحصاء توجيه الدعم وعدم جعله مخصصا لكافة الفئات من خلالإلغائه للأغنياء ودفعه على شكل منحة شهرية للمعوزين، ودعا المتحدث إلى تحرير القروض لامتصاصالسيولة خارج القطاع الرسمي، وتشجيع المواطنين على الادخار وطرح منتجات بنكية جديدة وخدماتإسلامية وتنويع الاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار والتصدي للسوق الموازية للعملة الصعبة التي تتسببعادة في رفع مستوى البطالة ونسبة التضخم.
4 آلاف ملف استثماري عالق بسبب البيروقراطية.. سرايّ: الحكومة مجبرة على خلق دينامكية استثمارية لتفادي "جريمة اقتصادية" خلال سنتين وصف الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي الوضع المالي الذي تعيشه البلاد بعدسقوط قيمة الدينار بالغامض الذي يفتقد لاستراتيجية حقيقية مبنية على أساسالتخطيط والاستشراف، محذرا في نفس الوقت من وقوع جريمة اقتصادية آفاق2017 إذا لم تتحرك الحكومة سريعا لخلق ديناميكية استثمارية في القطاعاتالحساسة على غرار الصناعة والزراعة وقطاع الخدمات. ودعا سراي إلى ضرورة الإسراع لعقد لقاء وطني ل"التضامن الاقتصادي" بمشاركة خبراء ومسؤولين في الحكومة،وذلك لمباحثة سبل الخروج من الأزمة المالية التي تمر بها البلاد عقب انخفاض قيمة الدينار، التي ربطهاالمتحدث بانهيار أسعار البترول، وعدم قدرة الحكومة والبنك المركزي على إخفاء الحقيقة، خاصة وأن هذاالمشكل على -حد قوله- كان مطروحا من قبل وظهر بوضوح عقب انهيار سعر برميل البترول الذي كشفالمستور. وأضاف الخبير الاقتصادي أن المشكل الحقيقي الذي تعرفه البلاد يكمن في غياب إستراتيجية استشرافيةمسبقة تكشف عن الأزمة قبل وقوعها، الأمر الذي ولد فراغا وأدخل البلاد في حالة طوارئ، مطالبا في نفسالوقت بضرورة إعادة النظر في إستراتيجية التسيير ومحاربة البيروقراطية التي تعد من بين أسباب الانهيارالاقتصادي في البلاد، وذلك لتجنب حدوث أزمة اقتصادية آفاق 2017. كما عاد عبد المالك سراي إلى القضية التي قال أنها أحد أسباب تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في البلادوهي البيروقراطية الإدارية والحواجز التي قال أنها مفتعلة من طرف بعض المسؤولين، كاشفا عن وجود مايقارب 4000 ملف استثماري عالق بسبب هذا المشكل الذي يستدعي التحرك السريع للسلطات العليافي البلاد. وأضاف الخبير الاقتصادي أن الإحصائيات الصادرة عن الوزارة والمتعلقة بحجم الواردات والصادرات خاطئة وغير مضبوطة يراد منها التضليل، مشيرا إلى أن قيمة الدينار كانت مسيرة إداريا من طرف البنك المركزي، وهذا الأخير كان متحكما فيها لعدة سنوات، لكن انهيار أسعار البترول جعل الحكومة غير قادرة على السيطرة على الوضع، لذلك خرجت الأزمة إلى العلن، فهي ليست لها علاقة بالتغيرات التي تعرفها سوق العملة عالميا كما يراد من البعض تسويقه، لذلك يضيف -سراي- وجب على الحكومة التحرك السريع والعمل على تحويل هذه النقمة "انهيار قيمة الدينار" إلى نعمة لخدمة البلاد والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.