نشرت : المصدر الشروق الجزائرية الخميس 27 أغسطس 2015 10:21 اتت المحلات والمراكز التجارية في الآونة الأخيرة فضاء لترويج مختلف أنواع الأسماك المجمدة والتي تحظى بإقبال كبير من المواطنين بسبب انخفاض أسعارها عن الأسماك الأصلية، وإن كان معظم هذه الأسماك المجمدة وبالأخص "الفيليه" تفتقد الطعم والذوق الحقيقي، غير أن مخاطرها الصحية أكبر بكثير نظرا لاستعمال مواد تستعمل في تحنيط الجثث فيها، ليظل المواطن الضحية الوحيدة لإقدامه على شراء سموم يجهل مصدرها ولا حتى طريقة نقلها. الشروق حاولت إماطة اللثام على هذه القنبلة المنخفضة الثمن. مازالت الدعوات تتعالى لوقف استيراد الأسماك المجمدة من فيتنام نظرا لخطورتها على الصحة، فهذه الأسماك تتغذى من بقايا الطعام، بل وحتى الفضلات، كما أن بعض المختصين والخبراء حذروا من الأسماك الفيتنامية على وجه التحديد بعد أن ثبت اعتمادها على بعض مواد الهرمونات في إطعام هذه الأسماك وزيادة حجمها وتسريع نموها، غير أن موجة التحذيرات والمقاطعة التي تخوضها العديد من الدول العربية وعلى رأسها الأردن التي استطاعت التوصل لمنع بعض الأسماك المستوردة من دول كالأرجنتين تنمو في مصبات للنفايات وبقايا النفايات مما يزيد من مخاطرها الصحية. الفيليه والأسماك الفيتنامية تغزو المحلات "الشروق" نزلت إلى السوق للتقصي حول نوعية الأسماك المجمدة المعروضة في الأسواق المحلية وأسعارها، وجهتنا الأولى كانت لأحد المحلات بحسين داي، رحنا نقلب نوعية الأسماك المجمدة المعروضة للبيع، فالجمبري "الكروفات" الذي يعشقه الجزائريون يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه 900 دج، أما الملكي "روايال" فسعره 1200 دج، السمك الأبيض "الميرلون" ب1000 دج، ويتم جلبه من كوبا والأرجنتين، فيليه سمك موسى "الصول" من فيتنام ب500 دج، السلمون 1200 دج من الصين، الحبار "السيبيا" المستورد من فيتنام ب700 دج، كلب البحر ب500 دج، سمك المنشار "الإسبادون" ب1200 دج. وأكد لنا صاحب المحل أن المواطنين يقتنون بكثرة هذه الأسماك وخصوصا في فصل الشتاء، أين يرتفع سعر السمك للضعف، ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من السردين إلى 700 دج، فلا منقذ للعائلات الفقيرة سوى المجمدة، مضيفا أنه يتلقى أحيانا شكاوى من مواطنين حول تغير طعم بعض الأسماك بالأخص "الميرلون"، وذلك راجع على حد قوله لعدم معرفتهم بطرق طبخ الأسماك المجمدة. مستهلكون يقاطعون المجمد ويكتفون بالسردين ولأن المستهلك هو المعني بشكل مباشر بهذه المنتجات، تحدثنا مع السيدة "أ،ع" من حي البحر والشمس بحسين داي، والتي اعترفت لنا بمقاطعتها الأسماك المجمدة منذ فترة، وذلك بعد أن جلب لها زوجها كمية من سمك "الروجي"، غير أنها بعد تحضيره لاحظت أنه تبعثر بالكامل في المقلاة وصار طعمه مثل البيض الفاسد فتخلصت منه برميه خوفا من إصابتها بتسمم غذائي، مواصلة أن الثمن المنخفض لهذا النوع من الأسماك يزرع الشك في قلبها وهو ما يجعلها شبه متيقنة من أن هذه الأسماك تكون قد نمت في بحار أو بيئة غير صحية. في حين صرح لنا شاب جامعي، أنه لا يحبذ استهلاك الأسماك المجمدة بالأخص الفيتنامية بعد أن اطلع على مخاطرها في بعض المواقع العربية وهو ما نفره منها، مفضلا تناول الحوت الطازج وإن غلا ثمنه بدلا من تلك الأصناف، مشيرا أن بعض الجزائريين لم يسبق لهم وأن تناولوا هذه الأسماك لارتفاع ثمنها. غلاء الأسماك الطازجة يدفع المواطنين لاقتناء المجمدة أما أحد باعة السمك بباش جراح، فكشف لنا أن المستهلكين الجزائريين لا يعرفون من الأسماك سوى الحوت العادي الصغير والسردين فقط والذي يبلغ سعره حاليا 200 دج للكيلوغرام من الحجم الجيد، وواصل محدثنا بحكم عمله أن برامج الطبخ التلفزيونية ساهمت في رواج بعض أنواع الأسماك المجمدة التي لم يكن المستهلك الجزائري يعرف وجودها أصلا لعدم توفرها في السوق المحلية، وإن وجدت فبأسعار باهظة مثل سمك "الإسبادون" والذي يبلغ سعره 3000 دج للكيلوغرام الواحد، والسلمون 2500 دج، وواصل محدثنا أن الجمبري "الكروفات" سعر النوع العادي منه 3000 دج فما فوق، وهو ما يحول دون اقتنائها. اتحاد التجار: لدينا إمكانات ضخمة لتصدير السمك فلماذا نستورد المجمد؟ حمل الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار، أجهزة الرقابة على مستوى الموانئ مسئولية المواد الفاسدة التي تدخل السوق المحلية، وأضاف المتحدث أنه ضد استيراد جميع المواد الغذائية، فكلها محل شك لجهلهم بمكوناتها وطريقة حفظها أو تصبيرها، وأضاف بولنوار أن الخطر في الأسماك المجمدة يكمن في مدى احترام سلسلة التبريد، فكلما تعددت مراحل نقلها وتخزينها كلما كانت عرضة للفساد والتلف، وهذا في حال كانت هذه المواد سليمة، فما بالك بالفاسدة؟ وطالب الناطق باسم اتحاد التجار بضرورة وقف استيراد الأسماك طالما أن البديل موجود محليا، وقد سبق للجزائر وأن خاضت التجربة في تربية المائيات ونجحت في ذلك، وتجربة مماثلة في إنتاج التونة والحوت المعلب، كما أنها لا تكلف كثيرا، داعيا مصالح الصحة بالموانئ للتحقق من جميع المواد التي تدخل السوق، مستطردا أن هذه المواد يتم استيرادها من بلدان معروفة ومحددة، لذا من واجب المصالح الاقتصادية للسفارات الجزائرية في هذه البلدان أن تتأكد من سلامتها. جمعية حماية المستهلك: مواد حفظ الجثت تستعمل في الأسماك المجمدة أوضح رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك مصطفى زبدي، أن هناك نوعا واحدا من الأسماك فيتنامية تباع على شكل فيليه واسمها "الباسا" تنمو بطريقة تقليدية وتتغذى من كل شيء حتى الفضلات، لذا تشكل خطرا على الصحة، زيادة على بعض الأسماك المستوردة من فيتنام يستعمل في تربيتها الهرمونات، وهي موجودة في الأسواق المحلية الجزائرية، وتباع بأسعار منخفضة مثلما هي عليه في الأسواق الدولية. وواصل زبدي أن المشكل ليس في النوعية فقط، بل في طريقة حفظ الأسماك المجمدة والتي تعتمد على "النيتريك" المسموح استخدامه في الأسماك والممنوع في اللحوم الحمراء، وهو يستعمل أيضا في حفظ الجثت البشرية، فبعد استهلاك كميات كبيرة من هذه الأسماك يتشبع الجسم بهذه المادة ويزيد من مخاطر إصابته بالسرطان، وأعاب رئيس جمعية حماية المستهلك على هذه الأسماك المجمدة احتواءها على كميات كبيرة جدا من المياه، فعلى المستهلك أن لا يغتر بثمنها، فالسمك الأفضل على حد قول المتحدث دوما هو الموجود في أكياس مفرغة من الهواء. وزارة التجارة: وزارة الفلاحة هي صاحبة الترخيص ولنعرف إذا ما كانت هذه الأسماك تخضع للرقابة والفحوصات الطبية في المخابر الموجودة على مستوى ميناء الجزائر، اتصلنا بوزارة التجارة، أين أخبرونا أن هذه الأسماك تابعة لوزارة الفلاحة، وهي من ترخص باستيرادها، وعلينا الاتصال بها، غير أن هذه الأخيرة وبعد اتصالات عديدة بالمكلف بالإعلام أخبرنا بأنه في عطلة، حاولنا الاتصال بالوزارة، غير أننا لم نجد من يرد على انشغالاتنا. مديرية التجارة: خطر المجمد يكمن في عدم احترام سلسلة التبريد طمأن مدير التجارة لولاية الجزائر عمور شعبان، المستهلكين حول نوعية الأسماك المجمدة المتوفرة في السوق المحلية، والتي تدخلها بطريقة قانونية بأنها آمنة ومراقبة، ولا توجد قائمة بمنع أي نوع من الأسماك أو تصنيفها كسامة باستثناء السمكة الأرنب، فكل ما يدخل الجزائر بطريقة قانونية على حد قوله دوما خاضع للرقابة ولفحوصات وزارتي التجارة والفلاحة، ويتم عرضه على البياطرة والمخابر المختصة في ذلك، إلا أن المشكل -يكمل مدير التجارة- يكمن في عدم احترام سلسلة التبريد على مستوى المحلات والنقل أيضا، وهو ما قد يتلفها ويفسدها، وأشار بأن هناك أنواعا من الأسماك المجمدة يتم تهريبها للجزائر وعلى رأسها "الميرلون"، وقد سبق وأن حجزوا كميات كبيرة منه خلال الأعوام الماضية. رئيس لجنة الصيادين: نستورد المجمد لتغطية عجز السوق صرح رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري حسين بلوط، أن كل من هب ودب أصبح يستورد السمك وإغراق الأسواق المحلية بكميات كبيرة من الأسماك المجمدة، وغياب الرقابة على هذه المواد راجع لنقص الأسماك في السوق الجزائرية، فبعد أن كانت تنتج 187 ألف طن نقصت حصتها إلى 87 ألف طن فقط، وهي كمية قليلة جدا، بينما المغرب تصطاد مليونا و500 ألف طن، لذا تستورد الجزائر من فيتنام، البرتغال، إسبانيا، الأرجنتين، وأضاف رئيس اللجنة الوطنية للصيد أن السمك المجمد لا طعم له ولا يحتوي على أي فيتامينات، كما أنه يظل لمدة سنة وسنتين في الميناء. وأرجع بلوط نقص الأسماك المحلية للصيد بالمتفجرات وبالشباك المحرمة دوليا، فالقوانين موجودة، غير أنها لا تطبق، وتوقع المتحدث أن يصبح البحر الأبيض المتوسط بحرا ميتا في غضون 50 سنة القادمة، فلن يكون فيه لا نبات ولا سمك.