تواصل الإتحادية الجزائرية لكرة القدم سياستها المنتهجة منذ عودة رئيسها محمد روراوة إلى كرسي الرئاسة وذلك بالسعي لضم أكبر عدد من المغتربين مزدوجي الجنسية إلى صفوف المنتخب الوطني، فمثلما فعلت في الماضي القريب مع يبدة، مغني، مجاني، بودبوز، عبدون وآخرين ها هي تواصل مسعاها وتقترب من ضم مغتربين كبروا في مراكز التكوين الفرنسية وصاروا اليوم قاب قوسين أو أدنى من أن يدعموا “الخضر” في صورة فغولي، طافر، إبراهيمي وغلام وغيرهم من المغتربين الشبان الذين وضعتهم “الفاف” في قائمتها من أجل ضمهم في الأيام القليلة المقبلة، وهو الأمر الذي سيكون له انعكاس إيجابي على مستوى المنتخب الوطني مستقبلا لكنه في الوقت ذاته يجعلنا نتساءل عن مصير اللاعب المحلي في ظل ما يحدث ومستقبله مع المنتخب الوطني الذي يتواجد اليوم في إسبانيا تحضيرا للقاء المغرب بعدد قليل من اللاعبين المحليين (5 لاعبين فقط). اللاعب المغترب المحترف صار في موقع قوة وقبل أن نتحدّث عن الأسباب التي جعلت اليوم اللاعب المحلي شبه مقصى من حسابات الناخب الوطني في المنتخب الأول وعن مستقبل هذا اللاعب في ظل سياسة الإتحادية بضم اللاعبين الفرانكو-جزائريين، فضلنا أن نؤكد أوّلا على استحقاق هؤلاء الانضمام إلى صفوف “الخضر” فبغض النظر عما إذا كانت لهم الرغبة في حمل الألوان الوطنية والدفاع عنها، وبغض النظر عما إذا كان قرار فغولي أو طافر أو إبراهيمي قد تم عن قناعة مثلما كان عليه الحال مع من سبقوهم إلى المنتخب أو أنهم تعرضوا لضغوط من عائلاتهم أو تذمّروا من فضيحة الحصص التي هزت كيان الكرة الفرنسية، فلابد من التأكيد على أنّ اللاعب المحترف والمغترب صار اليوم في موقع قوة أمام اللاعب المحلي بسبب الفرق شاسع في المستوى بين البطولات الأوروبية والبطولة المحلية، ومنتخبنا في حالة كهذه وتحسبا للتحديات التي تنتظره مستقبلا لن يكون في حاجة سوى لمن هو أكثر وأحسن تحضيرا وجاهزية ولمن يملك المستوى للعب مباريات كبيرة كتلك التي يقبل منتخبنا على خوضها. بالمحترفين وصلنا إلى “الكان” والمونديال ولعل ما حدث من تحوّل في عهد المدرب السابق رابح سعدان يؤيد قرار المسؤولين بالإصرار على مواصلة الإعتماد على سياسة ضم المغتربين، إذ علينا ألا ننكر أو ننسى أنّ الوصول إلى نهائيات كأس إفريقيا التي غبنا عنها في مناسبتين متتاليتين لم يتم إلا بعدما وظفنا المحترفين والوصول إلى نصف النهائي لم يتم إلا بعدما استفدنا منهم بعد غياب دام 20 سنة عن ذلك الدور، كما أنّ الوصول إلى نهائيات كأس العالم التي غبنا عنها 24 سنة لم يحدث إلى مع المحترفين الذين وظّفهم سعدان، ناهيك عن أنّ الإنتصارات الباهرة التي حققناها على حساب كبار المنتخبات الإفريقية (مالي، كوت ديفوار، مصر، السنغال) كانت بفضلهم، والصمود أمام نجوم المنتخب الإنجليزي بحنكة كابيلو وقوة روني ولامبارد كان بفضلهم أيضا، ناهيك على أنّ الكرة الجزائرية استعادت هيبتها ومجدها الضائع في عهد هذه السياسة التي أعطت ثمارها، كما أنّ منتخبنا دخل تصنيف أحسن 30 منتخبا في العالم لأول مرة في الفترة ذاتها، وهي كلها معطيات جعلت اللاعب المحترف في موقع قوة اليوم. كلّ هذا لا يعني أنّ اللاّعب المحلي صفر مدح المحترفين وتشجيع سياسة الاعتماد عليهم والإسراع في انتداب فغولي، طافر وإبراهيمي وأي مغترب قادر على إعطاء الإضافة لا يعني أبدا أنّ اللاعب المحلي صار في طي النسيان أو رُمي به في سلة المهملات، لأنّ الجزائر تبقى دوما قادرة على إنجاب اللاعبين الكبار القادرين على تدعيم المنتخب الوطني، فيكفي أنّ بن شيخة اليوم استنجد بهداف البطولة سوداني لوضع حد للعقم الهجومي مضحيا ب غزال المحترف في إيطاليا، وهو ما يوحي بأنّ بطولتنا لا زالت قادرة على الإنجاب دوما وأبدا، ويكفي أن بطولتنا تضم عناصر موهوبة من طينة جابو، مترف، حاج عيسى، لموشية وآخرين قادرين على الانتفاضة في أي وقت وتهديد المغتربين والمحترفين واسترجاع مكانة اللاعب المحلي ضمن حسابات “الخضر”. اللاعب المحلي ضحية نقص الإمكانات وبطولة عرجاء وإذا كان اللاعب المحلي صار تقريبا مقصى ومهمّشا من حسابات المنتخب الوطني الأول فالأمر لديه أسبابه وهي أسباب نقسمها على شطرين، الشطر الأول منها لا دخل للاعب المحلي فيه بمعنى أنه كان ضحية بعض العوامل والشطر الثاني كان فيها اللاعب المحلي هو المتهم رقم واحد أو المتسبب في فقدانه لمكانه، ونبدأ بالشطر الأول إذ لا يخفى على أحد أنّ الإمكانات التي أتيحت للاعب المحلي منذ أن بدأ ممارسة كرة القدم ليست نفسها التي أتيحت للاعب المحترف في أوروبا، ف سوداني مثلا وجد الأرضية الترابية كي يلعب عليها بينما وجد لاعب مثل رياض بودبوز عشبا طبيعيا أشبه بالحرير، وهذا المثال يعفينا من التعمق في الحديث عن الهياكل والمرافق والإمكانات التي يستفيد منها المغترب ويُحرم منها المحلي في بلادنا مع فريقه، فضلا على أنّ اللاعب المحلي يلعب في بطولة فاشلة وعرجاء تجبره البرمجة فيها أحيانا على خوض 5 إلى 6 مباريات في أسبوعين مثلما حدث لشبيبة القبائل مؤخرا وعلى البقاء دون منافسة لأكثر من شهرين أحيانا أخرى، أمّا المحترف فلا داعي لكي تتحدث عن البرمجة في بطولته الأوروبية لأنها مضبوطة بدقة. اللاعب المحلي يكتفي بجمع الأموال فقط وإذا كان اللاعب المحلي قد ذهب ضحية لأمور خارجة عن نطاقه من جهة فإنه تسبّب من جهة أخرى في إقصائه اليوم من حسابات المسؤولين والمدربين الذين يتعاقبوا على المنتخب الوطني، ولعل تحوّل بن شيخة من المراهنة في البداية على المحليين إلى المحترفين في نهاية المطاف لخير دليل على ذلك، فاللاعب المحلي صار لا يهتم كثيرا بالمنتخب الوطني ولا يطمح إلى الإنضمام إلى صفوفه ولا يملك الرغبة والحماس في رفع التحدي مع “الخضر”، بقدر ما صار هدفه الوحيد هو الأموال والتفكير في منحة الإمضاء والتوقيع لناديه أو التجديد له مقابل قيمة تفوق المليار، نركز على مليار سنتيم لأنها الحقيقة فالقيم التي صار يبحث عنها لاعبونا صارت من مليار فما فوق ومن تحصل عليها إعتبر نفسه كسب الدنيا وما فيها حتى لو غاب عن المنتخب، فضلا عن التفكير فقط في منح الفوز والإنجازات المحلية. التفكير في الإمضاء مع فريقه لموسم واحد خطأ آخر ومن بين أخطاء اللاعب المحلي التفكير في التوقيع مع فريقه لموسم واحد فقط حتى يكون حرا في نهاية الموسم ويتسنّى له المساومة حول منحة التجديد أو الإنضمام إلى ناد آخر يقدم له منحة أكبر، وعدم إدراك أنّ الإستقرار هو سبيل من سبل النجاح وتطوير الإمكانات الفنية والبدنية والوصول إلى المنتخب، وإلا ما الذي جعل اليوم فريقا عملاقا من حجم برشلونة يحصد كل الألقاب المحلية والأوروبية والعالمية في ظرف ثلاث سنوات، ناهيك عن أنّ 8 من لاعبيه الأساسيين ساهموا في حصول إسبانيا على كأس العالم، أما لاعبنا المحلي فهو مستعد هذه السنة كي يلعب عند سرّار مقابل مليار والموسم الذي بعده في فريق حناشي مقابل مليار أيضا والموسم الذي يليهما عند حدّاد مقابل مليارين، دون أن يبحث عن الاستقرار الذي يُعدّ السبيل الوحيد لكي يقطع الطريق أمام فغولي وأمثاله. اللاعب المحلي صار لا يُفكّر في الإحتراف ومن بين الأسباب التي فتحت الطريق اليوم أمام فغولي وأمثاله هو زوال رغبة اللاعب الجزائري المحلي في الإحتراف بأوروبا، فكم مضى من الوقت لم تصدّر فيه بطولتنا العرجاء لاعبا إلى مجرد ناد فرنسي في القسم الأول مثلا، وعلى ما أذكر فإنّ صايفي كان آخر لاعب احترف ونجح في أوروبا قبل أن يلتحق به حليش مؤخرا في البرتغال ومن هناك إلى البطولة الإنجليزية، والسبب واضح وهو تراجع مستوى اللاعب المحلي بشكل رهيب وانشغاله بالتفكير فقط في منح الإمضاء والإنتصارات بدل السعي إلى تطوير إمكاناته للوصول إلى المنتخب وأوروبا معا. في سنوات العز كان المحترف يبحث عن مكانة مع المحلي في المنتخب وإذا كان الطريق اليوم صار معبّدا ل “الفرانكو- جزائريين” كي يحملوا راية الوطن ويدافعوا عنها في المحافل الدولية، فإنّ ذلك يعني انقلاب السحر على الساحر لأنّ المادة الخام التي كانت موجودة في بطولتنا المحلية خلال سنوات عز كرتنا الجزائرية كانت بمثابة النواة الحقيقية للمنتخب الذين كان مشكّلا من عدد كبير من المحليين الذين تركوا المغتربين يبحثون عن هويتهم وذاتهم وأجبروهم على الركض من أجل الحصول على جوازات سفر جزائرية كي يجلسوا على الأقل على مقعد البدلاء في المنتخب، إذ أنّ تواجد لاعبين من طينة بلومي، ماجر، عصاد، مرزقان، ڤندوز، فرڤاني، بن ساولة، مناد، كويسي وغيرهم أغلق الطريق أمام المحترفين الذين اجتهد منهم دحلب، قريشي وتلمساني وعدد قليل منهم كي يصلوا إلى “الخضر“، وها هي الآية تنقلب اليوم رأسا على عقب فصار المحلي يبحث عن ذاته والمحترف يفرض منطقه وصار من السهل على فغولي، طافر وآخرين أن ينضموا إلى المنتخب ومن الصعب على لاعبي بطولتنا أن يكونوا ضمن حسابات الناخب الوطني ولو في لقاء ودي. وللشبان الصاعدين رأيهم بدبودة: “إنتداب المغتربين يدفعنا إلى الإجتهاد أكثر كي نحجز أماكننا” حتى نتأكد مما إذا كانت سياسة الإعتماد على جلب المغتربين قد تؤثر فيهم سلبا أم ستدفعهم للعمل والإجتهاد، تحدثنا مع بعض اللاعبين المحليين الصاعدين ممن يشكلون اليوم نواة المنتخبين الأولمبي والمحلي ومن بينهم لاعب مولودية الجزائر بدبودة الذي حدثنا في هذا الموضوع قائلا: “مادام المسؤولون قد قرروا انتداب اللاعبين المحترفين في أوروبا فهم يدركون ما الذي هم بصدد القيام به، وأتمنى فقط أن يعطي من هم مرشحون للإنضمام ما هو مطلوب منهم في الميدان، على كل حال قرار كهذا لن يثني عزيمتنا نحن المحليين بل سيدفعنا من أجل حجز مكانة لنا ضمن صفوف المنتخب، فاللاعب المحلي لابد أن يتم الإعتناء به كما ينبغي”، وأضاف: “أنا شخصيا لست متخوّفا على نفسي لأني أعرف إمكاناتي جيدا وبمستواي قادر على اللعب مع المحترفين دون أي مشكلة، لن أخاف شيئا وسألعب معهم وأفرض نفسي بطريقة عادية جدا، بالعمل يمكن أن نصل إلى أبعد الحدود”. جابو: “تواجدنا مع المحترفين سيكون مفيدا“ بدوره عبد المؤمن جابو أحد أفضل اللاعبين المحليين في بطولتنا كان له رأيه في الموضوع ورحّب بالمغتربين قائلا: “مرحبا بأي لاعب جزائري قادر على تقديم الإضافة، في رأيي جلب فغولي والآخرين لن يؤثر علينا ولا على مستقبلنا مع المنتخب بالعكس سيدفعنا لمواصلة العمل مع فرقنا من أجل تمثيل الجزائر دوليا، ثم أن تواجدنا نحن المحليين رفقة المحترفين سيكون في مصلحتنا لأنّ الإحتكاك بهم مفيد لنا من كل النواحي ويجعلنا نتطوّر كثيرا”. طواهري: “من يخاف المنافسة عليه أن يبقى في بيته” أمّا لاعب اتحاد الحراش أمين طواهري الذي يلعب للمنتخب الأولمبي فقد قال: “لن يفشلنا لا ضم فغولي ولا غيره بل سنتشجع على حجز مكان لنا ضمن المنتخب نحن أيضا، كرة القدم رياضة يمارسها الجميع ومن يخاف المنافسة عليه أن يتوقف عن ممارستها وأن يبقى في بيته، أنا شخصيا لدي ثقة شديدة في نفسي وفي إمكاناتي وقادر على اللعب في المنتخب الأول مستقبلا، حملت ألوان الوطن منذ انضمامي إلى الحراش في صنف الأواسط والحمد لله اليوم أنا ضمن حسابات المدرب آيت جودي لحساب تصفيات الأولمبياد ولم لا الوصول إلى المنتخب الأول مستقبلا”. مترف رفض التصريح وحاولنا أيضا أن نأخذ انطباع اللاعب حسين مترف، لكنه رفض الإدلاء بأي تصريح في الوقت الحالي، وهي رغبة احترمناها بما أنّ مترف أجاب عن أسئلتنا بصدر رحب عندما نزعه بن شيخة من قائمته وفتح النار على من أبعدوه دون أن يجد حرجا في ذلك.