“طالبي قال لي قبل وفاته: لو مازلت بصحتي لأغلقت الأبواب في وجه هؤلاء المسؤولين” كيف تلقّيت خبر وفاة محمد طالبي رحمه الله؟ إلى حد اللحظة لا زلت مصدوما (الحوار أجري منتصف نهار أمس)، كنت في بيتي فإذا بزميلي إيلول يتصل بي ويعلمني بالخبر الأليم، قال لي: “محمد مات”، صدقت ولم أصدّق، لأني منذ أيام قليلة فقط كنت عنده وتركته في حالة صحية جيدة، فإذا بي أسمع خبر وفاته... الله يرحمو، الله يرحمو... الله يرحمو. زرته منذ أيام قليلة من الآن، فهل لك أن تسرد لنا ما الذي جرى بينكما وكيف كانت حالته؟ زرته أنا والأصدقاء، أقمنا له حفلا مصغرا ابتهاجا بشفائه لأنه تعافى من مرضه، والدليل على ذلك أنه توفي بسكتة قلبية رحمه الله، وفرح كثيرا بزيارتنا، أبكانا يوم زرناه وأضحكنا في آن واحد بحكاياته الشيّقة (يتوقف متأثرا). بلغنا أنّه طلب منكم ألا تتركوا القبة تسقط وأن تنقذوها، تؤكد ذلك؟ نعم، زرته في المستشفى وجمعني به حديث مطول، وقال لي بصريح العبارة: “حميد، كل شيء إلا القبة، هي بيتي هي عائلتي، لا تتركوها تسقط، ضحوا فيما تبقى من مشوار وأنقذوها من السقوط... القبة أمانة”، تأثرنا كثيرا بما قاله صراحة. وما كان ردّك شخصيا على ما قاله؟ قلت له لو كانت الأمور بأيدينا لكنت أنت من يرأس رائد القبة، قلت له عدنا إلى الرائد من أجلك أنت، نعم عدنا من أجله لأني أرى في طالبي شخصية كبيرة، وهو الرقم واحد في القبة، بالنسبة لي طالبي -رحمه الله- مثل حناشي وعليق والرؤساء الكبار، كل الناس تعرفه، شخصيات سياسية، رياضية، ناس بسطاء، لاعبون في مختلف الفرق، الكل يعرفه، الأبواب تفتح له أينما يذهب، الدولة “تعرفو مليح”، الكلّ يحبه وهو أيضا -رحمه الله- يحب كل الناس ولا أعداء له. هل لك أن تروي لنا بعض الذكريات التي عايشتها معه منذ عرفته؟ “محمد تحبو ذراع عليك”، عرفته رجلا بأتم معنى الكلمة، يوم قدومي إلى القبة في عهد الرئيس ربراب كان قريبا منا، كان يحثنا على التضحية من أجل الصعود إلى القسم الأول، كان يقول لنا “اليد في اليد حتى نصعد”، كان إلى جانبنا بتشجيعاته، بنصائحه، كنت أتحدث إلى أوغليس وأطلب منه أن يستنجد بطالبي في المكتب المسير أو في الطاقم الفني، لأنه بخبرته كان قادرا على إعطاء الإضافة. صراحة ذكريات جميلة كانت معه لا تنسى وسأحتفظ بكل ما جرى بيني وبينه ذكرى جميلة ما حييت. طالبي -رحمه الله- ترك لكم وصية، وهي إنقاذ القبة من السقوط، فهل أنتم قادرون على تنفيذها في ظل الصعوبات التي يواجهها الرائد اليوم؟ سنعمل المستحيل من أجل إنقاذها، حتى ننفّذ وصيّته. رحمه الله طلب مني ذلك وقال لي لا تتركوها تسقط إلى مكان ليس بمكانها، لكن وثم لكن، هناك عراقيل ضدّنا صراحة (كان متأثرا وهو يحدثنا وربما كان يبكي لأن برڤيڤة شخص طيب وحنون، فضلا عن أنه تأثر لوفاة طالبي). وما هي هذه العراقيل؟ نحن نلعب “باطل” في القبة، فكيف سننجو من السقوط، هناك من يثيرون البلبلة والفتنة داخل الفريق، الرئيس غائب، طيلة مشواري الكروي الطويل لم أر ما أعيشه هذا الموسم في القبة. وضّح أكثر؟ بعض الأنصار ضدّنا، يأتوا من أجل شتمنا، مسيرين لا يفقهون شيئا في كرة القدم، كل شيء ضدّنا كي نسقط، وأحمّل المسؤولية إن سقطت القبة إلى كل من ميساني، حاج بوزيد ومشري، لأنهم السبب في ما وصل إليه الرائد اليوم. وهل يتحمّل اللاعبون جزءا من المسؤولية فيما يحدث للرائد؟ اللاعبون لا دخل لهم، والدليل على ذلك أن الرائد كان في المرتبة الثانية خلال مرحلة الذهاب، واليوم صار في مؤخرة الترتيب ويلعب من أجل تفادي السقوط، غبت 3 أشهر ولا أحد بحث عني أو طلب مني العودة، لم أحصل على مستحقاتي مثل الكثير من اللاعبين ولا أحدث تحرك، هناك من اللاعبين من غادر وهناك من فرطوا فيهم، وأذكر على سبيل المثال داود بوعبد الله الذي سجّل الكثير من الأهداف في مرحلة الذهاب، لكنهم فرّطوا فيه وتركوه يرحل إلى بارادو. وماذا عن مستحقاتكم أنتم اللاعبون؟ طالبنا بها، فقالوا لنا أنتم الذين جلبكم ميساني لن تتلقوا أموالكم، والنتيجة اليوم تعرفونها، صرنا لا نقدر حتى على الجري، المعنويات محبطة والفريق ذاهب إلى الهاوية. هذه الحقائق يعرفها طالبي رحمه الله؟ نعم سردت له كل شيء بالتفصيل لدى زيارتي له، وردّ عليّ قائلا: “لو ما زلت بصحتي وعافيتي، هؤلاء سأغلق الأبواب عليهم جميعا، هؤلاء لن يكون لهم أي مكان في القبة“، وهذا صحيح لأنّ محمد طالبي لو كان معافى ولم يكن يعاني من المرض لما وصلت القبة إلى هذه الحالة المزرية. محمد يوم كان “بصحتو” الكلّ يلجأ إليه، وبعدما مرض نسوه وفرطوا فيه... رحمه الله كان يساعد القبة، كان يساهم في جلب الأموال، كان يشجع اللاعبين. وكيف ترى القبة بعدما فقدت هي والكرة الجزائرية وجها بارزا وشخصية قوية ومعروفة مثل طالبي؟ لا بدّ من الاعتراف أن القبة والكرة الجزائرية والجزائر فقدت شخصية عظيمة، رحمه الله، الأجل أراد أن يغادرنا “محمد” وعلينا أن نقبل بقضاء الله وقدره، اليوم نأمل أن ننقذ القبة من السقوط حتى تتحقق رغبته. نتمنى أن تبقى القبة في المكان الذي وجدناها فيه، لكن على المسيرين أن يتحمّلوا مسؤولياتهم، لأنهم في الساورة مثلا تركونا لوحدنا، مسيرو الساورة "غضناهم" لما شاهدونا لوحدنا هناك، ومع ذلك عدنا بنقطة لم يكن أحدا ينتظرها. هل تفكر في الاعتزال في نهاية الموسم في ظلّ ما تعيشه اليوم؟ نعم، لا أعتقد أني سأواصل، ما رأيته هذا الموسم جعلني أكره كرة القدم، وفي حياتي لم أره مع كل الفرق التي لعبت لها، وحتى في المرة الأولى التي لعبت فيها للقبة لم أر هذا، لذلك لا أعتقد أني سأواصل ممارسة كرة القدم. كلمة أخيرة... أدعو بالرحمة لطالبي رحمه الله، لقد كان بمثابة والدي وقلتها له يوم كان لا يزال على قيد الحياة. أدعو الله أن يلهم ذويه الصبر والسلوان، وربي يصبّرنا كلنا عليه... إنا لله وإنا إليه راجعون.