بعدما سبق وأن أشرنا في عدد أمس إلى أن أزمة الحكّام الجزائريين الذين كانوا محتجزين في العاصمة المالية باماكو لمدة أسبوع تقريبا قد انفرجت. وصل بعد ظهر أمس طاقم التحكيم الجزائري المتكون من الرباعي بنوزة، بوستر، بشيران وعمّاري إلى مطار هواري بومدين حيث وجدونا في استقبالهم هناك، وقد كان الطاقم التحكيمي في حالة طبيعية رغم الرعب الذي عاشوه في مالي، إذ سردوا علينا جزء بسيطا مما شاهدوه في المدينة التي كان من المقرر أن تحتضن مباراة المنتخب الوطني أمام نظيره المالي شهر جوان المقبل في تصفيات كأس العالم 2014. التحقوا عن طريق الدّار البيضاء المغربية وبعدما عاد الأمن إلى محيط مطار باماكو بعدما تمّ الاستيلاء عليه من قبل أنصار الرئيس المالي المخلوع "أمادو توري سونجا"، والذين دخلوا في مواجهات عنيفة مع الجيش المالي، أعيد فتحه أمام الملاحة الجوية مساء أول أمس، وهو ما سمح لفريق الأهلي المصري- الذي كان متواجدا هناك- بالعودة إلى القاهرة، كما سمح أيضا بمغادرة الطاقم التحكيمي الجزائري عبر رحلة الخطوط الجوية الملكية المغربي من باماكو إلى الدّار البيضاء، حيث قضوا الليلة قبل الالتحاق مساء أمس بمطار هواري بومدين في حدود الثانية والنصف زوالا. أداروا مباراة جوليبا وسان شاين في رابطة الأبطال الإفريقية وكان رباعي التحكيم الجزائري قد أدار مباراة الدور الثمن نهائي بين نادي جوليبا المالي ونادي سان شاين النيجيرين والذي انتهى بنتيجة التعادل الإيجابي هدف لمثله يوم 29 أفريل الماضي. وكان من المنتظر أن يعود رباعي التحكيم في اليوم الموالي- أي يوم 30 من الشهر نفسه- لإدارة مباراة النهائي العسكري بين الناحية العسكرية الأولى وفريق الدرك الوطني، إلا أن ذلك لم يحدث. العاصفة الرملية ثم المواجهات العسكرية العنيفة أجلت التحاقهم وقد تأجل مجيء بنوزة وزملائه إلى الجزائر على مرتين، وكان السبب في المرة الأولى هبوب عاصفة رملية دفعت بالقائمين على مطار باماكو الدّولي إلى تعليق كل الرحلات إلى غاية تحسن الأجواء، وفي اليوم الموالي وفي الوقت الذي تنقل الطاقم التحكيمي إلى المطار، اندلعت هناك اشتباكات مسلّحة عنيفة بين أنصار الرئيس المخلوع "أمادو توري" وعناصر الجيش المالي التي قادت الانقلاب العسكري على الحكم في البلاد، وهو ما جعل الحابل يختلط بالنابل وأدى إلى تأجيل كل الرحلات إلى غاية استتباب الأمن. اشتباكات بالسلاح الثقيل، زجاج محطّم وصوت إطلاق النّار يوميا وبعدما اقتربنا من الحكام الأربعة لمعرفة ما حدث معهم بالضبط، رووا لنا الجحيم الذي عاشوه في مطار مالي يوم 30 أفريل المالي، بالإضافة إلى الأجواء التي كانت محيطة بالحياة اليومية للماليين في باماكو خلال الأسبوع الماضي. وقد كشفوا لنا أن الاشتباكات التي وقعت في المطار كانت عن طريق الأسلحة الثقيلة والرشاشات، وهو ما زاد من مخاوفهم من التعرض للخطّر، كما حدّثونا عن الأجواء التي كانت سائدة في العاصمة المالية من زجاج محطم في كل مكان وسماعهم صوت إطلاق النّار يوميا. نجووا من الموت بأعجوبة خلال اشتباكات المطار ولم يخف طاقم التحكيم الجزائري الخطر الذي كان يحدّق به خلال الاشتباكات التي دارت في مطار باماكو الدّولي، إذ شاهدوا بأم أعينهم الاشتباكات التي اندلعت في المكان الذي تحطّ فيه الطّائرات المدنية بما أن المطار مدني وليس عسكريا. وقد أكد بوتسر أنه وزملاءه كانوا بالقرب من الزجاج المطل على مهبط الطائرات عندما اندلعت الاشتباكات، وهو ما جعلهم يرون على المباشر انكسار الزجاج الذي يفصل بين بهو المطار في الدّاخل ومهبط الطائرات في الخارج. السفارة الجزائرية أعادتهم إلى الفندق ومنعوا من الخروج 3 أيام وخلال ذلك تكفّل أحد الإطارات في السفارة الجزائرية- الذي رافقهم إلى المطار قبل موعد عودتهم إلى أرض الوطن- وتدّخل لإجلاء رباعي التحكيم الجزائري الذي كان محاصرا في المطّار إلى غاية الفندق الذين كان متواجدا فيه، فقد عاد بنوزة وزملاؤه الثلاثة إلى الفندق سالمين وبقوا هناك ثلاثة أيام إضافية منعوا خلالها من الخروج تماما من أسوار الفندق، إلا أن ذلك لم يمنعهم من سماع صوت إطلاق النار بشكل يومي، وكان أعضاء السفارة الجزائرية- بتنسيق مع القنصلية- يطمئنون عليهم بشكل دوري. بنوزة: "هذا التأخير راجع لمشكل داخلي وقع في مالي" قال بنوزة في تصريح مقتضب له أن السبب الذي جعلهم يتأخرون في العودة إلى الجزائر راجع إلى مشكل داخلي يخص مالي والماليين فيما بينهم، وأضاف: "تأخرنا للعودة إلى الجزائر بسبب أزمة داخلية وقعت في مالي، وبعيدا عن ذلك لم يحدث أي شيء في الملعب أو في المدرجات والأمن كان موجودا داخل الملعب، لا أعرف ما الذي حدث خارج المطار لأن كل الرّحلات قد تم إلغاؤها في وقت واحد". "الكاف الوحيدة التي يمكنها أن تقرر إن كانت الجزائر قادرة على اللعب في مالي" أما بالنسبة لإمكانية إجراء مباراة الجزائر ومالي في ظل تلك الظروف التي تعرفها العاصمة باماكو على إثر الانقلاب العسكري الذي حدث مؤخرا، قال الحكم الدولي: "لا أدري إن كانت باماكو قادرة على احتضان مباراة مالي والجزائر لأن هذا يدخل في صلاحيات الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم".