قبل أيام من إنطلاق مونديال جنوب إفريقيا، لا حديث وسط هواة الكرة المستديرة في العالمين العربي والإسلامي سوى عن المنتخب الجزائري الذي سيكون ممثلهم الوحيد بعد إقصاء كل المنتخبات العربية والإسلامية من سباق التصفيات، وهو ما يُضاعف حتما من مسؤولية رفقاء كريم زياني في تشريفهم خلال العرس الجنوب إفريقي، ويفرض عليهم الكثير من التحديات التي وجب عليهم رفعها في هذا المحفل الكروي العالمي. وقد كان العدد الأخير من برنامج “شبكة المراسلين” الذي تقدمه قناة “الجزيرة الرياضية” مناسبة لعرض آخر التحضيرات الجارية في العديد من الدول العربية والإسلامية لاستقبال المونديال، وهو العرض الذي أبان عن القيمة التي بلغها الخضر في قلوب عشاق الكرة ليس في العالم العربي فحسب بل في العالم الإسلامي كذلك، وهو ما برهنت عليه الانطباعات والصور التي رصدتها قناة الجزيرة عبر مراسليها المنتشرين في عديد الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها إيران وتركيا. ثقة كبيرة في “الخضر“ وملحمة خيخون على كل لسان ويظهر جليا أن مسؤولية الخضر ستكون ثقيلة في جنوب إفريقيا ليس لأن 35 مليون جزائري في انتظارهم لرفع الراية الوطنية عالية خفاقة في سماء بلاد مانديلا، بل لأن مئات الملايين من العرب والمسلمين في انتظارهم كذلك وهو ما عكسته التصريحات التي جمعها مراسلو القناة القطرية من عديد الدول والتي أجمع أصحابها على أن ثقتهم في المنتخب الجزائري الذي سيكون ممثلهم الوحيد في كأس العالم القادمة لا حدود لها رغم تعثراته في لقاءاته الودية الأخيرة، وأن جيل عنتر يحيى وكريم زياني قادر على النسج على منوال جيل عصاد وبلومي الذي أبهر العالم في مونديال 82 من خلال الإطاحة بأحد عمالقة الكرة الأوروبية والعالمية ألا وهو المنتخب الألماني. الكل مع الجزائر من المحيط الى الخليج و”التوانسة” والمغاربة الأكثر حرارة وإذا كانت ردود فعل المستجوبين من قبل مراسلي “الجزيرة” جاءت متقاربة من حيث إجماعها على الوقوف وراء “الخضر” ودعمهم لتشريف العرب والمسلمين في المونديال، فإن الملاحظ هو أن التحضيرات في بعض الدول المغاربية والخليجية من أجل تشجيع الخضر ومشاهدة مبارياتهم ربما تفوق تلك المسجلة حتى في الجزائر، بل إن المتمعن في هذه التحضيرات لابد أن يعتقد ولو للحظات بأن الجزائر ليست وحدها التي ستكون ممثلة في مونديال جنوب إفريقيا بل كل الدول العربية الأخرى على اعتبار أن أنصار كل دولة من هذه الدول يرون في المنتخب الجزائري بديلهم في المونديال ومعوّضهم عن منتخب بلدهم الأصلي، ولو أن “التوانسة والمغاربة” بدوا أكثر حماسا من نظرائهم ببقية الدول العربية، وهو ما دلت عليه الصور الملتقطة من هذين البلدين والتي غلبت عليها ألوان العلم الجزائري الى درجة أن مقاهي في تونس خصصت فضاءات عريضة وطويلة لاستقبال مناصري الخضر بداية من الثالث عشر جوان، والسماح لهؤلاء بمتابعة مباريات التشكيلة الوطنية في أجواء حميمية وعائلية كما يحدث عادة مع مباريات المنتخب التونسي. الأتراك “ما نساوش خير الجزائريين” ويُريدون رد الجميل ولم تقتصر التحضيرات لمتابعة الخضر في مونديال جنوب إفريقيا على الأشقاء العرب الذين قد يبدو موقفهم عاديا لاعتبارات كروية وتاريخية، بل تعدتها الى دول أخرى خارج الرقعة العربية وفي مقدمتها تركيا التي لم تختلف الصور القادمة منها عن تلك التي التقطت في العالم العربي الى درجة أن بعض المستجوبين بهذه الدولة أصروا على التذكير بالتاريخ المشترك للجزائريين والأتراك مند عهد الدولة العثمانية، وهو التاريخ الذي يفرض علينا يقول هؤلاء الوقوف الى جانب المنتخب الجزائري في حين ربط آخرون موقفهم المساند “للأفناك“ بموقف الجزائريين ومن ورائهم بقية العرب من المنتخب التركي ومساندتهم القوية له في آخر مونديال شارك فيه والذي أدرك فيه المربع الذهبي، وهو ما يفرض علينا يقول هؤلاء رد الجميل للجزائريين ومساندة منتخبهم الذي يبقى حسبهم الأقرب الى قلوبهم بين بقية المنتخبات المشاركة في المونديال. الجرائد الإيرانية تفتح صفحاتها ل “الخضر” وإذا كان الأتراك يريدون من وراء دعمهم للخضر رد جميل الجزائريين والنسج على منوال رئيس حكومتهم عبد الله قول الذي لم يفوّت فرصة إلا وأبان خلالها عن تعلق تركيا بجذورها الإسلامية والعربية، فإن الإيرانيين لم يتأخروا بدورهم في إبداء المساندة للمنتخب الجزائري بحكم روابط الدين التي تجمع بلدهم بالجزائر، وهي المساندة التي لا تقتصر على الشارع الإيراني فقط بل تتعداه الى أقطاب هذا المجتمع وحتى صحافته بدليل تخصيص الصحيفتان العربيتان الوحيدتان بإيران لمواضيع بالجملة للتعريف بالمنتخب الجزائري ومشواره في تصفيات المونديال، ناهيك عن تعهد مسؤولي الجريدتين بتخصيص أكثر من صفحة للخضر بداية من الحادي عشر جوان قصد السماح لعشاق التشكيلة الجزائرية من الإيرانيين بمتابعة كل صغيرة وكبيرة تخص هذه الأخيرة، ومن ثم تقديم دعم معنوي لأشبال سعدان الذي نحس يقول رئيس تحرير صحيفة إيرانية بأنهم يمثلون إيران ومن خلالها بقية الدول الإسلامية والعربية في المونديال. تقنية الصورة الثلاثية الأبعاد ستقتصر على عدد محدود من المشاهدين وفي سياق الحديث عما ينتظره أنصار المنتخبات المشاركة في المونديال وبالخصوص أنصار المنتخب الجزائري في العالمين العربي والإسلامي من قناة الجزيرة التي ضبطت برنامجا ثريا لتقديم أفضل صورة لمشاهديها في ظل المنافسة الشرسة التي تلقاها هذه الأخيرة من قبل نظيراتها الأوروبية على وجه الخصوص، أكد أحد مسؤولي القناة القطرية بأن تقنية البث الجديدة أو بالأحرى تقنية الصورة الثلاثية الأبعاد والتي تعتزم الجزيرة تجريبها بمناسبة مونديال جنوب إفريقيا ستكون في متناول عدد محدود جدا من المشاهدين، وذلك نظر ا لتكاليفها الباهظة وضرورة توفر من يطمح الى الاستفادة منها على أجهزة استقبال خاصة وحتى على نظارات، وهي الأجهزة التي يتعذر على الأغلبية الساحقة من المتفرجين الحصول عليها بالنظر الى أسعارها المرتفعة جدا، وهو ما جعلها تقتصر كمرحلة أولى على الأثرياء فقط في انتظار تعميمها على بقية الطبقات بعد إعادة النظر في أسعارها الخيالية.