بعد الخسارة بثلاثية والأداء الذي بدا للكثير هزيلا ومحيرا للمنتخب الجزائري في مباراته الودية أمام جمهورية إيرلندا، وبعد ردود الفعل الإعلامية الجزائرية والعربية القلقة على أحوال المنتخب واستعداداته وقدراته، بدأت تتسرب بوادر الطمأنينة والارتياح في أوساط المنتخب قبيل مباراته الودية أمام الإمارات وقبل المونديال بأيام من خلال تصريحات اللاعبين والمدرب الوطني ورئيس الاتّحاد، ومن خلال ما هو منتظر من تغييرات في طريقة اللعب والتشكيلة. ما حدث في مواجهة إيرلندا لم يكن كله سلبيا، وإلا لما تقرر إحداث التغييرات المرتقبة، فكانت المباراة فرصة للمدرب الوطني للوقوف على مهارات وقدرات اللاعبين الجدد، وقدرات بعض القدامى على التجاوب مع المستجدات والظروف، والوقوف عند القدرات البدنية للتشكيلة بعد تربص سويسرا، وكانت فرصة للتأكد بأن الاختيارات التكتيكية المتوفرة لدينا ليست كثيرة، والتأكد من المشكل القائم في الهجوم، ومن غياب العمق في اللعب وغياب الميكانيزمات اللازمة لأي منتخب. إن اكتشاف النقائص ومعالجتها هو أهم وأبرز ما يمكن استخلاصه من مباراة ودية تحضيرية، وتكرار نفس الأخطاء في المباريات، وملاحظة نفس النقائص لا يمكن سوى أن يخدم المدرب الوطني الذي بدأت ترتسم في ذهنه معالم التشكيلة والطريقة التي سينتهجها في جنوب إفريقيا من خلال الاعتماد على ثلاثي الوسط وثنائي الهجوم مغايرين لما كانا عليه سابقا، مع الاحتفاظ بثلاثي الدفاع المعروف مدعما بثنائي الرواق المتكون من بلحاج والوافد الجديد ڤديورة. لغة رئيس “الفاف“ مع اللاعبين بعد مباراة إيرلندا دخلت فيها مصطلحات جديدة لم يعهدوها من الرجل لأن الأمر يتعلق بالمونديال. بحيث ستكون فيه الجزائر محط الأنظار، وسيكون موعدا لبداية عهد جديد للكرة الجزائرية، ولا يجب تفويته لإعطاء نفس آخر للكرة الجزائرية نبحث عنه من زمان. المصطلحات الجديدة رافقتها أرقام جديدة خيالية من المكافآت سينالها اللاعبون في حالة وصولهم للنهائي تفوق ما يناله المنتخب الفرنسي في حالة تتويجه بكأس العالم، وهي إمكانات تضاف إلى كل ما تم توفيره للنخبة الوطنية في تحضيراتها الفريدة من نوعها في تاريخ الجزائر. اللاعبون من جهتهم يعرفون أن المونديال المقبل هو موعدهم مع دخول التاريخ ورد الجميل للجماهير التي ساندتهم وأحبتهم، ومستعدة لاحتضانهم والوقوف إلى جانبهم في كل الظروف، ويعرفون بأنهم يملكون الإمكانات الفنية والبدنية التي تسمح لهم بالتألق، ويدركون ما ينتظرهم عندما يصنعون الحدث. أما جماهيرنا وصحافتنا فقد فتحت أعينها مباراة إيرلندا على معطيات أعادتها إلى صوابها، وجعلتها تتحدث وتكتب بعقولها وليس بقلوبها، وتفهم بأن الضغط الشديد على عناصرنا بالكيفية التي عشناها في الأسابيع الماضية لن يكون في صالح المنتخب، وعليها أن تتحلى بالصبر والحكمة. ومع كل هذا نقول لكل من يحب الجزائر ويحترمها ويحملها في قلبه، ولكل من سيشجعها في المونديال نقول لهم إن المنتخب الذي شاهدوه أمام إيرلندا ليس هو نفس المنتخب الذي سنشاهده في جنوب إفريقيا من حيث الروح والأداء والتركيبة، وحتى لو لم يصل إلى نهائي كأس العالم فإنه لن يخيبنا في الأداء والنتائج، مثلما فعل في المواعيد الكبرى، كما أن نقائصنا نعرفها ويعرفها الطاقم الفني واللاعبون، وسنتجاوزها بكل حكمة وجرأة وشجاعة، ودون عقدة تردد لأن الأمر يتعلق بالجزائر في كأس العالم.