لم تخل الطبعة 12 لحفل الكرة الذهبية عن سابقاتها، وكانت ناجحة بكلّ المقاييس سواء من حيث الجانب التنظيمي أو من حيث الشخصيات العالمية والمحلية العملاقة التي شرفتنا بحضورها سهرة أول أمس الاثنين كما لم يخل الحفل من اللحظات البارزة والرائعة التي فضلنا أن نتوقف عندها، لحظات منها ما كان مؤثّرا ومحزنا لأنّنا تذكّرنا رفقة الحضور من غابوا عنا ولم يسعفهم الحظّ لكي معنا في هذا العرس الكروي الذي نحتفي به مع نهاية كلّ سنة، ولحظات أخرى مضحكة رفّهت رفّهت من حين لآخر عن الحضور وجعلتهم يعيشون سهرة لا تنسى. تأثّر كل من في القاعة ب كرمالي، "FLN"، كزال وطالبي أبرز وأروع الفترات التي قضيناها وضيوف سهرة "الهداف" و"لوبيتور"، لا يمكنها أن تقتصر على حضور الشخصيات الكروية العالمية والمحلية العملاقة فقط، ولا على لحظة تسلّم سفيان فغولي الكرة الذهبية، لأن الحفل عرف لحظات مؤثّرة عندما تذكّرنا رفقة حضورنا شيخ المدربين شافاه الله عبد الحميد كرمالي الذي يصارع المرض منذ فترة، حيث خيّم الصمت لدى عرض صوره يوم قاد المنتخب الوطني إلى التتويج بأوّل كأس إفريقيا للأمم سنة 1990، وانفجرت القاعة بالتصفيق الحارة عندما نالت التكريم بالنيابة عنه ابنته، واعترف ماجر بأن اللقب الإفريقي جلبه شيخ المدربين كرمالي وليس اللاعبين، معتبرا إياه الأب الرّوحي للمنتخب، اللحظات المؤثّرة ذاتها عشناها عندما كرم فريق حزب جبهة التحرير الوطني بنجومه مخلوفي، سوكان ومعّوش، وخيّم الصمت على القاعة أيضا لدى تذكّر المرحومين محمد طالبي وعمار كزال اللذين غادرانا هذه السنة وخلفا فراغا رهيبا، فاسترجع الجميع خصال الرجّلين والخدمات الكبيرة التي قدّماها للكرة الجزائرية. عنتر يحيى... الجزائر حرّة ديمقراطية... "ضربتها وين الشيطان ما يجبدهاش" واقشعرّت أبدان الحضور لمّا تقدّم بطل ملحمة أم درمان عنتر يحيى، من أجل تكريمه على الخدمات الكبيرة التي قدمها للمنتخب الوطني طيلة مسيرته لاعبا دوليا، وبما أن عنتر من طينة الكبار فقد تجاهل الجائزة التي تحصل عليها ومرّ مرور الكرام على تكريمه، وتذكّر الشهداء والمجاهدين الذين كافحوا من أجل الجزائر وقال: "الرحمة على الشهداء الأبرار، والشكر لهؤلاء المجاهدين من فريق جبهة التحرير الوطني ومجاهدين آخرين، لأننا لولاهم ما سنحت لنا الفرصة اليوم لتمثيل الجزائر وهي حرّة"، تصريح صفق له الحضور في القاعة البيضاوية بحرارة، كما وأضحك عنتر الحضور لما أعادهم إلى الهدف الذي سجّله في أم درمان أمام مصر وذكرهم بعبارته قائلا: "تربيت 7 سنوات في سدراتة، وعندما كنا صغارا كنا عندما نسجل أهدافا بتلك الطريقة، نقول إننا ضربناها وين يسكن الشيطان". "كرويف" ساعات في الجزائر نطق بالعربية وأجبر الجميع في القاعة على ردّ السلام لحظات أخرى رائعة عشناها هذه المرة مع ضيف السّهرة الهولندي "يوهان كرويف"، الذي لم يلفت الأنظار إليه بصفته نجما عالميا يزور الجزائر لأول مرة في حياته، بل بعفويته وبساطته التي اكتشفناها فيه منذ أن ةطأت قدماه أرض الوطن، وكانت لحظة نطقه بالعربية وإلقائه السلام على الجميع من أبرز اللحظات التي عشناها في الحفل، فما إن تم تقديمه من طرف منشط الحفل كريم آيت عثمان، حتى ردّ الهولندي قائلا: "السلام عليكم" مجبرا كل من كان بالقاعة على ردّ السلام والتحية "وعليكم السلام"، في ساعات قليلة بالجزائر نطق العربية، فما بالكم لو يبقى أسبوعا؟ أكيد أنه سيتحدث باللهجة الجزائرية. زغاريد "خالتي عيشة" أضحكت "كرويف" ودائما مع "كرويف" الذي عاش خلال زيارته الأولى إلى الجزائر، لحظات قال لنا عنها إنه لن ينساها في حوار مطول سوف تطلعون عليه لاحقا، فقد أجبر الرجل الذي تعلم قليلا من مصطلحات اللغة العربية ك"السلام عليكم" و"شكرا"، على اكتشاف أمر جديد لا يعرفه لا في هولندا ولا في إسبانيا، والأمر يتعلق بالزغاريد التي دوت القاعة التي لم تخل من العنصر النسوي، وإن كانت كل حسناوات القاعة قد لفتن الانتباه إليهن بأناقتهن في هذه السهرة، فإن "خالتي عيشة" هي من خطفت الأضواء بحضورها المميّز، إلى جانب أسرة أفضل فريق كرم في السهرة ألا وهو وفاق سطيف صاحب الثنائية الموسم الماضي، حيث دوّت "خالتي عيشة" القاعة بالزغاريد التي أضحكت "كرويف" الذي اضطر إلى الاستفسارمن ماجر الذي كان بجانبه عن سرّ ما تقوم به، فما كان على صاحب العقب الذهبي إلا أن شرح له أنها طريقة تستعمل في الأفراح، لتبقى زغاريد خالتي عيشة في آذان الأسطورة "كرويف" لحظة مميزة من لحظات هذا الحفل. جمعية أم درمان ذكّرتنا بأيام زمان الحفل أعادنا إلى أوقات لا تنسى، أوقات عرف فيها الجزائريون فرحة غامرة خرج إثرها 36 مليون جزائري يجوبون شوارع الولايات 48، تعبيرا عن ابتهاجهم بوصول الجزائر إلى "مونديال" 2010، وكان لا بد للعودة إلى تلك الفترة وتكريم أبطال "ملحمة أم درمان" في صورة زاوي، صايفي، لموشية، عنتر يحيى، ڤاواوي، ورغم غياب مهندس تلك الملحمة الشيخ رابح سعدان الذي اعتذر عن الحضور، إلا أن أشباله أعلنوا عن ميلاد جمعية أم درمان خلال الحفل. اللحظة الحاسمة تسلم فغولي الذهب من يدي "كرويف" وإن كانت كل المحطات التي استعرضناها وإياكم مهمة، إلا أن اللحظة الحاسمة كانت في نهاية الحفل وبالضبط عندما تسلم أفضل لاعب جزائري لموسم 2011/2012 سفيان فغولي، الكرة الذهبية من بين يدي الأسطورة "يوهان كرويف"، وهي اللحظة التي انتهت عليها سهرة الأبطال.