في هذا الحوار، يعود المدرب الفرنسي “آلان جيراس”، للحديث عن المونديال الأخير في جنوب إفريقيا، حيث استغل فرصة حديثه مع “الهداف” كي يبدي رأيه في العديد من الأمور الخاصة بمنتخبي الجزائروفرنسا، بما أنهما يحظيان باهتمام شديد من طرف المتتبعين في البلدين، إضافة إلى أنه كان يرى أن المستوى الذي أبان عنه هذان المنتخبان مختلف تماما عما كان يتوقعه البعض، فضلا عن بعض الأمور التي أماط عنها المدرب الحالي لمنتخب مالي اللثان، كل ذلك في هذا الحوار... في البداية، كيف تقيم الوجه العام الذي ظهرت به المنتخبات في المونديال؟ أود أن أقول قبل كل شيء إن سعادتي لا توصف بعد التتويج المستحق للمنتخب الإسباني، الذي برهن على أنه منتخب كان فعلا يعي جيدا الهدف الذي جاء من أجله، وهو ما ظهر مع المباريات حيث اكتسح هذا المنتخب جميع المنتخبات التي واجهها بفضل الأداء الجماعي للاعبيه، وخاصة على مستوى الهجوم أين صال لاعبوه وجالوا كيف شاؤوا، وصراحة، أنا جد سعيد بتتويج هذا المنتخب، والذي كان منطقيا إلى حد بعيد لأنه كان الأقوى والأفضل والأحسن. وهل أنت راض عن التنظيم؟ من يشاهد التنظيم يقول إن إفريقيا كانت متعودة على تنظيم مثل هذه التظاهرات الكبرى، وبما أني كنت متواجدا عن قرب في تلك الدورة بما أنني كنت محللا في قناة “فرانس 2 و3”، فيمكنني القول إن كل شيء يدل على جنوب إفريقيا نجحت إلى حد بعيد في احتضان المونديال، وهذا شيء يشرف القارة السمراء التي أشعر أني منتم إليها. وكيف تقيم أداء المنتخبات الإفريقية؟ صراحة لم تعجبني إطلاقا، لأن منتخبات مثل كوت ديفوار والكامرون وحتى نيجيريا والجزائر بخلت علينا بوجه أفضل، على كل لم يكن بوسع كوت ديفوار فعل الشيء الكثير، لأنها واجهت منتخبين قويين وهما البرازيل والبرتغال، ولم يكن بوسعها مسايرة الوتيرة العالية التي فرضها هذان المنتخبان، كما أن الجزائر كانت تفتقد إلى الواقعية في لعبها وإلا لكانت النتائج مرضية بالشكل الذي يتمناه الجميع، خاصة وأن منتخبي انجلترا والولايات المتحدة لم يظهرا الشيء الكثير. إذن يمكن اعتبار أن الجزائر أخفقت في المونديال. لا يمكن لأي شخص أن يلصق كلمة إخفاق بالمنتخب الجزائري، لأن الأمر لو تعلق بفرنسا أو ألمانيا يمكن اعتباره إخفاقا لأنه لا يحق لهما أن يمرا جانبا مهما كانت الأسباب، لذا لا يمكن القول إن المنتخب الجزائري أخفق في خرجته المونديالية، لأن الأمر يتعلق بمنتخب غاب عن الساحة الدولية لمدة 24 ساعة كاملة ويجب ألا نطالبه بأكثر من الذي قام به لاعبوه. بصراحة، كيف ترى المشاركة الفرنسية في المونديال؟ كانت محبطة، مخيبة وكارثية بكل المقاييس، ولن أتكلم باعتباري فرنسيا، بل سأتحدث لأني عاشق لكرة القدم ولا أرضى أن أرى منتخبا نشط نهائي النسخة الفارطة يخرج بتلك الطريقة المذلّة، صراحة، الأكيد أن الأمر فيه الكثير من الغموض ولو أني لا أشك مطلقا في أن السبب انضباطي قبل كل شيء. ماذا كان ينقص المنتخب الفرنسي حسب رأيك؟ كما صرحت به سابقا، القضية كانت في أن المدرب “ريمون دومينيك” فقد السيطرة على المجموعة في المونديال، وهذا ما تسبب في مرور المنتخب الفرنسي بجانب الإطار، فعندما يكون التمرد من طرف اللاعبين لا يمكن انتظار أي شيء، والمنتخب الذي يقاطع لاعبوه التدريبات فإني أعتبره أمرا خطيرا ولا يجب السكوت عليه إطلاقا لأن الثمن دفعه محبو المنتخب الفرنسي الذين لم يكونوا ليتقبلوا مثل تلك المهزلة. وهل أثر غياب لاعبين مثل بن زيمة ناصري وبن عرفة في الأداء الهجومي للمنتخب الفرنسي؟ المشكل أكبر بذلك بكثير كما سبق لي وأن صرحت به، ولا يمكن أن نربط إخفاقا لمنتخب ما بقول إن غياب عنصر أو عنصرين أثر في التشكيلة، لأن كرة القدم ما هي إلا لعبة جماعية ومن الضروري أن يظهر ذلك في المباريات، إضافة إلى كل هذا، فقد كان في السابق لاعبون كانوا يُعتبرون رئة المنتخب الفرنسي ومرآته العاكسة، على غرار بلاتيني وزيدان، وبالنسبة لهذا الأخير، أرى أن فرنسا لن تحلم بلاعب مثله على الإطلاق، لأن الذي قدّمه لا يمكن أن يفعله إلا لاعب موهوب، إلا أني لا أستبعد أن يظهر لاعب مثله حاليا، وهذا الأمر يتطلب وقتا طويلا . لنعد إلى المنتخب الجزائري، قلت قبل لحظات إن مشاركة الجزائر مشرفة بالرغم من أنها لم تسجل أي هدف ولم تفز في أي مباراة، هل هذا منطقي؟ يجب أن لا تأخذوا كلامي من زاوية ضيقة، أنا عندما تكلمت عن مشاركة جزائرية مشرفة كنت أقصد أمرا معينا، وهو أني كنت أوضح أن المنتخب الجزائري لم يكن مثل نظيره الكوري الشمالي أو الفرنسي أو الإيطالي الذين لم يشاهد العالم شيئا منهم، عكس الجزائر التي برهنت على قوتها وعلو كعبها ولم يخفها السمعة التي يملكها المنتخب الإنجليزي ذي الصيت العالمي، ولهذا قلت إن المشاركة كانت مشرفة، وما كان ينقص الجزائريين كما سبقت وأن أشرت إليه هو الواقعية على أرضية الميدان، ما جعلها تضيع على نفسها فرصة كبيرة في المرور إلى الدور الثاني. البعض يرى أن الناخب الوطني رابح سعدان يتحمل جزءا من العقم الهجومي، والكثير شبّهه بالمدرب دومينيك.. دعوني أقول لكم قبل كل شيء أنه لا علاقة لي لا من بعيد ولا من قريب بالمدرب سعدان وما يعيشه حاليا، ولو كان بمقدوري أن أقول شيئا بخصوصه هو أني أعتقد أن هناك 11 لاعبا على أرضية الميدان بالنسبة للمنتخب الجزائري ولا يمكن أن نطالب المدرب بالتسجيل، لأن هذا الأمر غير معقول، أما بخصوص تشبيهه بالمدرب دومينيك فإني أرى أنه لا يوجد أي مجال للمقارنة ولا أحد بإمكانه أن يقوم بذلك، لأن المشاكل التي عانى منها المنتخب الفرنسي استثنائية ولا يمكن إيجادها في أي منتخب آخر. لو كنت مكان سعدان، ما هو الشيء الذي كنت ستفكر فيه بعد المونديال؟ التفكير في مستقبل أفضل والاستمرارية في العمل الذي تم القيام به إلى حد الآن، خاصة أن الجزائر تملك جواهر في صفوفها يجب فقط الاعتناء بها، وستعرفون قيمتها مع مرور الأيام وتتأكدون مما أقوله، أنا لا أقول هذا الكلام لأجاملكم، بل لأن الحقيقة تقال وهو أن المنتخب الجزائري يملك كل الإمكانات التي تسمح له بأن يكون في القمة في المواعيد التي تنتظره في كل المنافسات، ولهذا لا أرى أي شيء سيمنعهم من تحقيق هذا الهدف. لنختم في الأخير، ما هي أهدافك في المنتخب المالي؟ تعلمون جيدا الإمكانات التي يملكها اللاعبون الماليون الذين أحوزهم، ولهذا السبب فإن هدفنا سيكون هو التأهل إلى المونديال القادم في البرازيل، لأن المادة الخام متوفرة لدينا، كما باستطاعتنا أن نبرهن أننا قادرون على الذهاب بعيدا في كأس إفريقيا القادمة في الغابون وغينيا الاستوائية، بإمكاننا أيضا أن نتأهل إلى المونديال، وهي مهمة ليست بصعبة، إذا عملنا في هدوء كبير وابتعدنا عن كل الأمور التي قد تؤثر فينا مستقبلا، ولا تنسوا أن تبلغوا تحياتي للشعب الجزائري وأتمنى لكم حظا موفقا.