من بين اللاعبين الدوليين الجزائريين للجيل الحاضر، الذي هو بصدد كتابة صفحات خالدة للكرة الجزائرية، يزيد منصوري الذي يعتبر رمزا للجميع، لأنه يحمل شارة قائد المنتخب الوطني منذ عدة مواسم، لكن في الحقيقة يبدو أمام عامة الناس غير ذلك، بل مجهولا تماما... والسبب يعود إلى أنه يحتل منصبا في الفريق لا يخوّل له سوى دورا بعيدا عن الأضواء، ويتعلق الأمر بمنصب لاعب وسط مسترجع... “الجمهور يهتم خصوصا بالمهاجمين الذين يُسجلون الأهداف، أو المدافعين والحراس الذين ينقذون مرماهم، بينما اللاعبون الذين يقومون بنفس الدور الذي أشغله لا يظهرون للجمهور، لكن نؤدي في الحقيقة دورا كبيرا يتمثل في شل هجمات الفريق المنافس واسترجاع الكرة ومن ثم إعادة بعث الهجوم” يقول بحسرة شديدة القائد الفذ. وليس هذا التأسف الذي سيجعله يُغيّر منصبه حتى يلفت أنظار المتتبعين، حيث يقول: “أجد راحتي في منصبي الحالي، ولو أنني أحبذ أن أكون أكثر حضورا في الهجوم، وهذا ليس معناه أن أبقى مسمّرا في مكاني، وقد حدث لي ذلك مرة لما اضطررت إلى تعويض لاعب في فريقي يلعب في الجهة اليمنى“. “قائد الفريق ليس فقط حمل شارة القائد أو إجراء قرعة البداية“ لا يتذكر منصوري مباراته الأولى التي حمل خلالها شارة قائد المنتخب الوطني، “من المفترض أن نتذكر أحداثا هامة مثل هذه، لكني أعاني مشكلا في الذاكرة” يقول يزيد ضاحكا، حيث يعترف أنه يتحمّل مسؤولية ثقيلة تجاه زملائه وأيضا إزاء الطاقم الفني والجمهور. “حمل شارة القائد ليس فقط إجراء قرعة البداية مع الحكم وقائد الفريق المنافس، إنّه قبل كل شيء ربط العلاقات بين اللاعبين والمدرب، وأحيانا مع الإتحادية الجزائرية لكرة القدم“، وعن سؤال يتعلق بحصيلته كقائد الفريق، قال يزيد: “إيجابية للغاية، حيث بدا الناخب الوطني ورئيس الفاف راضين تمام الرضا ،بدليل أنهما ينصتان إليّ باهتمام بالغ، بالإضافة إلى الإحترام المتبادل في علاقاتنا“. “لم يسبق لي أن عالجت أزمة داخل المجموعة“ وعن طبيعة العلاقات مع الزملاء، قال منصوري: “في كنف الإحترام المتبادل، لأن كل واحد يعرف دوره المطالب بتطبيقه، كما يجب الإعتراف بأننا نُشكّل فوجا جيّدا، حيث يعمل كل الأفراد في اتجاه واحد من أجل مصلحة الجميع، وهو ما يُسهّل طبيعة العلاقات”. ويكون على منصوري في بعض الأحيان من موقعه كقائد الفريق أن يحرك زملاءه عند الضرورة ...“ بعد الهزيمة أمام مالاوي كان لزاما عليّ وضع النقاط على الحروف وكشف النقائص بصراحة”، لكن منصوري لا يتذكّر أنه واجه يوما أزمة معقدة داخل الفوج، “نادرا ما تحدث مناوشات خفيفة بين اللاعبين، خاصة خلال التربّصات الطويلة والمرهقة والتي تُثير أعصاب اللاعبين، ما يجعلني أتدخل لتهدئتهم، وحتى بعد الهزيمة المريرة أمام غينيا (0-2) بملعب 5 جويلية لم أكن بحاجة إلى التدخل لمواساة اللاعبين، طالما كانوا محبطين معنويا وفي الوقت نفسه مصمّمين على تدارك تلك الهزيمة المفاجئة والتي كان لها أثر طيب في تصفيات كأسي إفريقيا والعالم 2010 التي إنطلقنا فيها بإرادة وصرامة قويتين” أضاف منصوري. “ڤوركوف رأى أنني قادر على تأطير المجموعة“ وتقلّد منصوري هذا الموسم مهمة جديدة، حيث أسندت إليه شارة قائد نادي لوريان، لأنه حظي باهتمام مدربه كرستيان ڤوركوف الذي اعتبره الرجل المناسب للتكفّل بهذه المهمة. “يعود ذلك إلى عدة عوامل، أولها أنني قائد المنتخب الجزائري، ما جعل مدربي يرى بأنني أملك -دون غرور- كل المواصفات لتأطير المجموعة، خاصة أن سلوكي مثالي داخل الميدان وخارجه. وبالنسبة لي، يعتبر ذلك مثالا حيا للثقة الموضوعة في من قبل فريق ينتمي إلى الدرجة الفرنسية الأولى. من النادر أن نرى في يومنا هذا لاعبا جزائريا يحمل شارة قائد فريق ضمن الأندية الأوروبية، وهو ما يزيدني فخرا. الآن أطمح لأن ألعب أكبر عدد من المباريات حتى نهاية الموسم، خاصة أن فريقي يحتل حاليا مرتبة سيّئة في البطولة، ونأمل أن ننهي الموسم بطريقة رائعة” يقول لاعب “الخضر“، ولا داعي إلى ذكر أن منصوري يحظى باحترام شديد من طرف أنصار نادي لوريان. “أتذكّر الفترة التي كنت متردّدا في المجيء إلى المنتخب الجزائري“ قبيل انطلاق كأس العالم بجنوب إفريقيا، يدرك منصوري بأنه يخوض مغامرة حلوة سواء كلاعب أو كإنسان، “ مشاركة أي لاعب في المرحلة النهائية لكأس العالم، شيء لا يقدر بثمن، وحضوري في هذا العرس العالمي وخاصة كقائد للفريق يجعلني أشعر بشرف كبير، وسأحاول أن أكون في مستوى الثقة الموضوعة فيّ”، يوضح منصوري الذي يرى أن ظروف العمل تغيّرت كثيرا داخل الفريق الوطني، حيث يعود بنا إلى الوراء ويقول: صحيح أنه قبل سنوات، لم تكن الأمور منظمة كما ينبغي، وأتذكر أن بعض اللاعبين الدوليين ومن بينهم المتحدث، كانوا يتذمّرين من طريقة التسيير الفوضوي داخل المنتخب، إلى درجة أننا كنا نتردد أحيانا في الإستجابة لدعوة المنتخب الوطني، لكن حب الألوان يتغلب علينا، فنضطر أحيانا إلى شراء تذاكر الطائرة من أموالنا الخاصة. والآن كل شيء منظم، حيث يركز اللاعبون خلال التربصات على عملهم فقط في ظل توفر كل الشروط الإدارية اللازمة”، ويعتبر منصوري كل هذا مؤشرا طيبا قبل منافسة كأس العالم، “إني متأكد من أن لا شيء سينقصنا، وكل شيء سيكون ممكنا هناك، خاصة أننا نكون محفزين أكثر من اللازم في المناسبات الكبرى، وسنحدث المعجزة، من يدري!“. “أدين كثيرا ل السيد ماجر“ وإذا كان هناك شخص يدين له يزيد منصوري كثيرا، فهو رابح ماجر اللاعب الدولي السابق والذي تولى أيضا تدريب المنتخب الجزائري في مناسبتين، حيث استدعى خلال عهدته الثانية القائد الحالي ل “الخضر” لأول مرة ضمن الفريق الوطني. “لا أتذكّر بالضبط تاريخ إستدعائي، لأني أعاني مشكلا في الذاكرة وخاصة في التواريخ، لكن يبدو أنه حدث سنة 2000 أو2001، أي قبل اللقاء التاريخي بين فرنساوالجزائر بملعب “ستاد دو فرانس”- يقول منصوري - الذي كان يحمل آنذاك ألوان نادي “لوهافر” رفقة لاعبين دوليين جزائريين وهما ماموني وكركار. “بصراحة، لم أكن أنتظر تلك الدعوة التي شكلت لي مفاجأة سارة” يتذكر يزيد. “شيء طبيعي أن أبعث له رسالة قصيرة لأشكره“ دعوة منصوري جاءت خلال الفترة الانتقالية التي تمت بين جيلين من اللاعبين، حيث كان يزيد يمثل الجيل الجديد. وقد بادر منصوري بإرسال رسالة قصيرة إلى رابح ماجر بمناسبة تأهل الجزائر إلى مونديال 2010 يُعبر له عن شكره وامتنانه، حيث يوضح يزيد: “وجودي هنا في المنتخب الجزائري يعود بدرجة كبيرة إلى رابح ماجر، لذا من الطبيعي أن أبعث له برسالة قصيرة لأشكره، ولن أنسى أبدا ما فعله السيد ماجر نحوي” يلح منصوري على عبارة “السيد”، كما يشكر بالمناسبة كل المدربين الوطنيين الذين عمل معهم على غرار كافالي، فرڤاني وبطبيعة الحال سعدان. “خرّيج مدرسة لوهافر“ يجهل عدد كبير من الجزائريين أن نادي لوهافر بفرنسا يعتبر مصنعا يخرج كبار اللاعبين، وخاصة منهم أبناء الهجرة، على غرار عبد الغني جداوي، إبراهيم با، لاسانا ديارا، فلوران سيناما بونغول، فيساك دوراسو، ڤيوم هوارو، أنتوني لو تالاك، ستاف ماندندا، ويزيد منصوري الذي رأى النور بمدينة رامس، الواقعة شرق فرنسا، ولوحظ في الشارع من طرف أحد المكلّفين باكتشاف البراعم بنادي لوهافر، حيث قام بتسجيله بمركز التكوين للنادي التابع لمنطقة “نورماندي” وقضى فيه يزيد سبعة مواسم قبل أن يرحل إلى نادي “كوفنتري“ الإنجليزي لفترة قصيرة لم تتعد ستة أشهر، ليعود بعدها إلى شاتورو ثم لوريان فريقه الحالي. “بسبب كرة القدم، أجد العشاء باردا“ مثل كل الأطفال، كان يزيد الصغير يقضي جل وقته في ممارسة كرة القدم في الشارع، حيث يخوض مباريات لا تنتهي وكثيرا ما يعود إلى بيته في المساء. “أتذكر عند دخولي المنزل، أجد العشاء باردا، حيث يكون كل أفراد عائلتي قد تناولوا عشاءهم دون انتظاري، ورغم ذلك أكون سعيدا بيومي وبالأهداف التي سجلتها.” “رغبتي في اللعب في كل مكان جعلتني أختار منصب لاعب وسط“ لماذا اختار منصب وسط دفاعي؟ وهو السؤال الذي خامر ذهن العديد من المتتبعين لمسيرته، وخاصة منهم الجزائريين الذين يُفضلون عن قناعة لاعبي الهجوم. الجواب يقدمه المعني بالأمر، “أنا الذي إخترت هذا المنصب منذ أن كنت صغيرا، أريد أن أكون في وسط الميدان الذي يخيّل لي فيه بأنني موجود في كل مكان من الميدان، فهي عبارة عن أنانية حتى لا أضيّع شيئا، وأن أكون قريبا من كل الكرات، ثم بقيت نهائيا في هذا المنصب“. “والداه كانا يحملان المثلجة لمتابعة مبارياته“ يؤكد يزيد في هذا الحوار أنه يعيش حياة عائلية متينة، حيث استفاد من مساعدة والديه لممارسة رياضته المفضّلة. “لما كنت في مركز التكوين ب لوهافر، كان والداي يأتيان باستمرار إلى مشاهدتي، وبما أن المسافة بين رامس ولوهافر بعيدة جدا، فكانا يحضران معهما الأكل في المثلجة (ڤلاسيار)... لن أنسى أبدا تلك الذكريات” يقول يزيد الذي لا يتردّد لحظة في زيارة عائلته ب رامس حيث تقطن حتى الآن، “كل ما تسنح لي الفرصة، أزور عائلتي بفرح شديد”، أضاف قائلا. “إيفلفل ذي الزّيت وأغروم”... أكلته المفضّلة إذا أردتم إرضاء يزيد منصوري، لا تُحضّروا له الأطباق المطلوبة، بل أعدوا له طبقا تقليديا قبائليا محضا والذي ينال إعجابه ويتعلق الأمر ب “إيفلفل ذي الزّيت وأغروم” أي بالعربية “الشليطة بالكسرى”. “لما تعد والدتي هذا الطبق....آآآآآآآآآآآآآآآه “يصيح يزيد بلهفة لأنه يشتاق لهذا الطبق المفضل. --------- “جذوره من الأربعاء ناث واسيف“ ينحدر أهل يزيد منصوري من قرية الأربعاء ناث واسيف بالقبائل الكبرى والتي تبعد بثلاثين كلم جنوب غرب تيزي وزو، ويقصدها يزيد في كل مرة تسنح له الفرصة، ولو أن الفرص كانت قليلة بسبب ارتباطاته المهنية. “آخر مرة زرت هذه القرية، كانت رفقة والدي في شهر ديسمبر 2008 بمناسبة العطلة الشتوية للبطولة الفرنسية، منذ ذلك الحين لم أتمكن من زيارتها ثانية، لكني سأزورها في أول فرصة، خاصة أن أهاليها في انتظاري“. “تحدثت مع بوتفليقة كقائد المنتخب“ خلال حفل الإستقبال الذي نظمه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على شرف “الخضر” بعد عودتهم من الخرطوم، حياهم الرئيس فردا فردا، وكان يزيد أولهم بوصفه قائد الفريق الوطني وفي هذا الشأن صرّح لنا منصوري: “ لقد هنّأني لأني تمكنت من دفع كل زملائي نحو الأعلى، كما شكرت الرئيس باسم كل زملائي لأنه شارك شخصيا في نجاحنا من خلال وضع كل الوسائل الضرورية تحت تصرفنا، وأرسل آلاف الأنصار إلى الخرطوم، وتحدّث معنا ببساطة ودون بروتوكول، بل كان حديثي معه كقائد فريق“. إسم منصوري على القميص الوطني تكريما ل والدي“ على غرار كل الشيوخ المغتربين في المهجر، عانى والد يزيد منصوري الكثير من أجل الحصول على لقمة العيش وإعالة فلذات كبده: “أبي شغل كل المهن في حياته، حيث عمل سائق طاكسي، عامل ومسلّم البضائع. لقد قاسى كثيرا، لذا فهو ووالدتي فخوران جدا بي، لأن تعبهما لم يذهب سدى” يعترف قائد “الخضر” الذي يعتبر أن أكبر مفخرة له تتمثل في وجود الإسم العائلي “منصوري“ على القميص الوطني. “أنا شغوف بالمفتش ...الطاهر“ يزيد منصوري من هواة السينما، وكلما تسنح له الفرصة يذهب إلى دور السينما رفقة أصدقائه، رغم برنامجه اليومي المكثف، “أحيانا أكتفي بمشاهدة الأفلام على شاشة التلفزيون أو في الأقراص المسجلة، وآخر فيلم شاهدته هو “نويي أمها“ وهو عبارة عن فيلم غريب الأطوار يتحدث عن الضاحية الفرنسية “نويي سور سان” التي ترعرع فيها الرئيس نيكولا ساركوزي... لكن الممثل المفضّل لدى منصوري يبقى ممثل السينما الجزائرية المرحوم حاج عبد الرحمان الملقب بالمفتش الطاهر. “أعشق هذا الممثل وأعرف كل أفلامه التي أعيد مشاهدتها مرارا وتكرارا، وبصورة خاصة -عطلة المفتش الطاهر- وعبارته الشهيرة -ڤومبليكسي فا-” يقول يزيد وهو يضحك بقوة، معيدا في الوقت نفسه عددا من العبارات الشهيرة للمرحوم المفتش الطاهر. “منصوري يتميّز بالفكاهة أكثر مما نتصوّر“ ظاهريا، يبدو يزيد منصوري جديا وصارما وأحيانا متحفّظا، لكن الحقيقة غير ذلك عندما نتحاور معه، حيث يظهر لنا شخص لطيف ومثقف، وعندما يثق فيك يكون غريبا بفكاهاته التي لا تكاد تنتهي، وحبه الشديد للهزل. والحادثة الطريفة التالية تُجسّد بحق مدى حبه للهزل، فخلال تربص “كاستولي” الذي تم قبل التوجه إلى أنغولا، كان في اتصالات مع نادي بورنلي الإنجليزي، ورفض إعطاء تفاصيل عن هذه الإتصالات إلى درجة أن أحد زملائه سأله عن الموضوع : “هل من جديد؟” فأجابه يزيد: “جديد ماذا، عن أهلي، الحمد للّه، إنهم بخير” وهو ما أضحك الجميع. ------------- منصوري: “لم أضع أبدا الفيتو ضد مجيء لحسن“ “خضت مشوارا طيّبا في كأس إفريقيا وعلى لحسن أن يثبت مكانه“ “الهزيمة أمام مالاوي لم تكن فقط بسبب الحرارة“ “طريقة لعب لوريان تلائم جيّدا طريقة المنتخب الجزائري“ “جينياك ضرب لي موعدا في المونديال“ “في لوريان أصبحت ألقب ب كوبا دال موندو“ “سأنهي مشواري الكروي في الخليج... أو في الجزائر“ كيف عشت الفترة الانتقالية بين كأس إفريقيا للأمم واستئناف المنافسات مع ناديك لوريان؟ بعد “الكان”، ذهبت إلى رامس لقضاء ثلاثة أيام مع عائلتي لأسترجع قواي، والتي كانت مفيدة للغاية قبل العودة للعمل مع نادي لوريان، وكلما تسنح لي الفرصة أذهب دائما إلى أهلي لأستريح قليلا. دون شك تطرقت مع أفراد عائلتك للمغامرة الإفريقية؟ كان الناس سعداء بمشوارنا، لأنهم يدركون أننا حققنا إنجازا طيبا، خاصة وأنه لو قيل لنا قبل المنافسة، بأننا سنبلغ المربع الذهبي، لوافقت مغمض العينين، ولولا اللقاء أمام مصر الذي جرى في ظروف خاصة مثلما لاحظه الجميع، لذهبنا بعيدا في المنافسة، ويستحق المنتخب الجزائري كل الثناء رغم البداية المتعثرة أمام مالاوي. لقد أثيرت مسألة الحرارة لتبرير الهزيمة الثقيلة خلال اللقاء الأول، هل هو السبب الوحيد؟ صحيح أن الحرارة كانت عاملا هاما، لكن يجب الاعتراف أيضا، أننا لم نلعب جيدا، فلم نكن في يومنا، ولا داعي لإخفاء الحقيقة. هل استخففتم بالمنافس؟ ربما، ثم إننا عدنا للمنافسة بعد مرحلة التصفيات، كنا في فترة استرخاء، والهزيمة كانت عبرة لنا جعلتنا نتدارك الأمور بعدها. وأنت كقائد فريق، كيف كان رد فعلك بعد الهزيمة القاسية؟ اجتمعت باللاعبين وقلت لهم: “فلنتحدث بجدية. ماذا حدث، فلنكشف الأمور بصراحة” ثم تناقشنا فيما بيننا، حيث عبر كل واحد عن رأيه، والنتيجة أننا انطلقنا من جديد، وكشف مثل هذه الأمور يبقى دائما مفيدا، حيث كان اللاعبون مصممين على مسح آثار الهزيمة وهو ما تم فعلا خلال بقية المنافسة. وكقائد فريق دائما، هل اتخذت قرار مقاطعة الصحافة بعد ذلك؟ لا، لم أتخذ أي قرار في هذا المجال، القرار كان عفويا من اللاعبين الذين ردوا بطريقتهم، على بعض المقالات الصحافية التي آلمتهم كثيرا. وهنا يجب تفهم موقف اللاعبين الذين مروا في ظرف أيام، من أبطال إلى الحضيض بسبب مباراة واحدة، احتجاجهم كان عابرا، حيث لم يدم سوى أيام، قبل أن تعود المياه إلى مجاريها. كأس إفريقيا أصبحت من الماضي، والمستقبل لكأس العالم الذي سيتم التحضير لها بلاعبين جدد، على غرار مهدي لحسن الذي يلعب في نفس منصبك، هل ستستقبلونه مثلما استقبلتم مراد مغني، حسان يبدة وجمال عبدون؟ علي أولا كقائد الفريق أن أستقبله بحفاوة ومساعدته على الاندماج ضمن الفوج، كم أوضح بأني لم أكن بحاجة إلى مساعدة مغني ويبدة وعبدون الذين اندمجوا بسهولة ضمن محيطهم الجديد، لأنهم يعرفون مسبقا أغلب اللاعبين وكأنهم كانوا مع الفريق منذ مدة طويلة. وبخصوص لحسن، سأستقبله جيدا، لأني محترف وليست لي حسابات مسبقة، ومرحبا به مثل كل الآخرين. هناك إشاعات وأخبار تفيد بأن بعض اللاعبين لم يكونوا راضين عن قدومه، بماذا تجيب؟ أقولها صراحة وعاليا، لم يكن هناك “فيتو” ضد مجيء لحسن، وفيما يخصني لم أكن أبدا ضد قدومه، كما لم أكن أبدا ضد مجيء أي لاعب، وبأي صفه أرفض قدوم لحسن أو أي لاعب آخر، هذا ليس من صلاحيات، أنا لاعب مثل الآخرين، وليس لي الحق أن أملي إختياراتي على الناخب الوطني وكل واحد يبقى في مجال اختصاصه، ثم إن لحسن يبقى مطالبا بإثبات مستواه للظفر بمكانه، لأن عناصر المجموعة قوية جدا، والتنافس سيكون على أشده. معنى هذا أنه ليس من السهل أخذ مكانك؟ أقول فقط، عليه أن يعمل كثيرا للظفر بمكانه. بالنسبة لي، أديت مشوارا طيبا في كأس إفريقيا خلال كل المباريات باستثناء مباراة مالاوي التي عرفت إنهيارا جماعيا. الشيء الجميل هو أن يكون التنافس على مستوى كل المناصب لأجل الرفع من مستوى المنتخب. وفي هذا السياق نحن سعداء بوجود الشاذلي عمري مجددا ضمننا. ما هي حسب رأيك، الأشياء التي يجب تحسينها في طريقة لعب الفريق تحسبا للمونديال؟ حسب رأيي المتواضع، يجب أن نعمل أكثر من أجل الإحتفاظ بالكرة وتسييرها، وطريقة اللعب التي أقترحها هي التي نعتمد عليها في لوريان: اللعب بوتيرة سريعة، تمريرة واحدة أو إثنتين، وسهولة في التمريرات، وهي طريقة تناسب جيدا الصفات الفردية للاعبي المنتخب الجزائري، كما يجب أن يمس التحسين العمل الجماعي، ويبقى هذا مجرد رأي شخصي لأن سعدان هو الوحيد القادر على تشخيص ما يجب تحسينه على مستوى الفريق. بتطرقك إلى نادي لوريان، هل تغيّرت وضعيتك ضمن الفوج، لاسيما وأنت مقبل على المشاركة في المونديال؟ كثيرا، واللاعبون سعداء لأجلي، وقيمة النادي ترتفع لما يضم في صفوفه لاعبين متأهلين إلى المونديال، كما أن زملائي يُنادونني منذ شهر ديسمبر ب”كوبا دال موندو”... والأنصار وحتى المواطنون البسطاء يُهنّئوني على مشواري مع المنتخب الجزائري. قبل أيام فقط، كنت في مقهى النادي وتقدم إليّ عجوزان لا أعرفهما، ليُهنئاني وتمنيا لي مشوارا ناجحا في كأس العالم...مثل هذه الإلتفاتات تذهب مباشرة إلى القلب. ومن منافسيك، هل منهم من هنأك على التأهل إلى كأس العالم؟ الجميع في فرنسا على علم بأنني قائد المنتخب الجزائري، وسأسرد عليك نكتة طريفة... بعد مباراتنا أمام تولوز، جاءني المهاجم الدولي لمنتخب فرنسا أندري بيار جينياك وهو لاعب سابق لنادي لوريان، وذلك لتحيتي بغرفة الملابس وقال لي “الموعد في كأس العالم“, من يدري!؟، لعل منتخبا الجزائروفرنسا سيلتقيان في مونديال جنوب إفريقيا. والغريب أنك كنت في الصيف الماضي على وشك مغادرة لوريان؟ هذا صحيح. لكننّي بقيت في النهاية وفيا للنادي. حيث اقترح عليّ مسؤولوه تمديد العقد، ولازلنا في طور المفاوضات، هناك نقاط إتفقنا عليها وأخرى لا. يجب إنتظار الأيام القادمة لتجسيد الإتفاق وتمديد العقد إن شاء اللّه. نجزم أن الخلاف يكمن في الشروط المالية، أليس كذلك؟ نعم، لكن هناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الإعتبار في العقد. نحن بصدد التفاوض في جو هادئ وسنأخذ الوقت الكافي لأجل الوصول إلى إتفاق نهائي. وهل تشترط تمديد عقدك بتحسين الشروط المالية والحصول على منصب داخل الفريق بعد الإعتزال؟ لم أفكر في هذا الأمر، أريد فقط تمديد عقدي مع لوريان واللعب بأوروبا لمدة موسمين أو ثلاثة حسب إمكاناتي الصحية، وبعدها قد أخوض تجربة بأحد أندية الخليج أو الجزائر، من يدري!؟. لاعبون مغتربون خاضوا التجربة نفسها قبلك... نعم، أعلم ذلك، ربما سأخوض التجربة نفسها، لكن لم يحن الوقت بعد، إني بصدد التركيز على موسمي الحالي. في الصائفة الماضية قضيت عطلتك ب دبي رفقة مجيد بوڤرة، كريم زياني ومحمد بن حمو، هل هذه الزيارة لها علاقة برغبتك في اللعب بأحد بلدان الخليج؟ نعم، هذه الزيارة مكنتني من إكتشاف منطقة جميلة بإمكاناتها الجبارة ومرافقها الرياضية العالية. قلت في نفسي من الأحسن أن أخوض تجربة صغيرة هناك، وخاصة من الجانب المالي، لاسيما في نهاية المشوار... فهو مجرد إحتمال ولا شيء تقرر حتى الآن. كلمة أخيرة... أوجهها إلى جمهورنا الكريم الذي لا مثيل له في العالم، وأشكره من أعماق قلبي على مساهمته الكبيرة وتشجيعه لنا، وأعده بوصفي قائدا ل “الخضر” أننا سنحقق مشاركة مشرفة في كأس العالم، وأطلب منه فقط أن يواصل تشجيعه لنا ويثق فينا.