اعتبر رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، أن الحكومة ارتكبت خطأ كبيرا في السنوات الفارطة، لما ضغطت على شركة سوناطراك لرفع حجم الإنتاج، وأهملت التعامل مع صيانة وسائل الإنتاج مما سبب خسائر كبيرة للدولة الجزائرية كانت في غنى عنها، وقال إن المصاعب المالية ستبدأ في النصف الثاني من السنة المقبلة. وكشف وزير الطاقة في حكومة رضا مالك، أن الخيار الذي اعتمدته سوناطراك بطلب من الحكومة برفع حجم الإنتاج لتغطية التأخير في تنفيذ الاكتشافات والبرنامج الجديد قبل 2006، لم يرافقه أدنى تحكم في الصيانة، مما كلف الجزائر خسائر كبيرة في مواردها النفطية، وربط بن بيتور تلك السياسة برغبة الحكومة في رفع حجم التصدير وتلبية العقود التي أبرمتها مسبقا مع جهات أجنبية من أجل تمويلها بالبترول الجزائري في عهد وزير الطاقة، السابق، شكيب خليل. ورد بن بيتور الذي قدم استقالته للرئيس بوتفليقة في أوت 2000 في حديث خص به الحوار، على إعلان الحكومة الأخير بعدم ترقب انخفاض بهذا المستوى في الأسعار، حيث قال الخبير الاقتصادي "إن الحكومة اتكلت على ارتفاع الأسعار رغم أن حجم التصدير انخفض من 2006 إلى 2011 بحوالي 25 بالمئة"، ويعتبر بن بيتور وجود مصادر جديدة للطاقة في السنوات الأخيرة، وانخفاض الطلب العالمي على البترول مؤشرا كافيا لاستشراف انخفاض في الأسعار، وأرجع المتحدث عدم انتباه الحكومة للمتغير الجديد والتحذيرات التي أطلقها أكثر من مرة بنفسه، إلى ما سماه "عدم نجاعة التسيير لدى القائمين على الحكم". وقدم بن بيتور قراءة مستقبلية للتوازنات المالية، بقوله إن احتياطات الصرف التي تملكها الجزائر تكفي لمدة أقصاها 5 سنوات، وقال بالمقابل "إن تمويل الميزانية سيدخل في صعوبات في النصف الثاني من سنة 2016″، حيث أشار إلى أن الادخار الموجود في صندوق ضبط الإيرادات يكفي لتغطية عجز السنة الحالية وشهور من السنة القادمة في أحسن الحالات. وبشأن الحلول التي تحدثت عنها الحكومة في وقت سابق وما اصطلح عليه بالتقشف، يقول القيادي في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي "إني لا أتصور انخفاضا محسوسا في النفقات مقابل انخفاض المداخيل"، واستند بن بيتور في رأيه إلى تخصيص جزء كبير من النفقات لميزانية التسيير، وتخصيص الجباية البترولية لتمويلها، "وما دام هناك انخفاض في الجباية البترولية فلا يمكن أن يكون تخفيض نفقات التجهيز كافيا لتغطية العجز" على حد قوله. وبالنسبة لاحتياطات الصرف التي أعلنت الحكومة أنها ستكون في حدود 38 مليار دولار في سنة 2019 بسعر 60 دولارا للبرميل، ينبه بن بيتور، أن الأخير ليس ملكا للحكومة وإنما هو احتكار للبنك المركزي، ويقول في هذا الصدد "إذا أرادت الحكومة نفقات بالعملة الصعبة عليها دفع المقابل بالدينار". ويستبعد المتحدث إمكانية عثور الجزائر على ممول في حال رغبتها في الاستدانة، حيث قال إن " وجود 98 بالمئة من مداخيل الجزائر من العملة الصعبة من المحروقات وفي ظل انخفاض التصدير، فلن تجد الجزائر ما تقدمه من ضمانات لأي جهة مانحة في المستقبل". ويعود رئيس الحكومة الأسبق الذي قاد الجزء الأكبر من مفاوضات الجزائر مع صندوق النقد الدولي في التسعينيات إلى قضية التسديد المسبق للديون التي قام بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ويصفها ب "الخطوة غير الناجعة"، ويقارن المتحدث الدفع الذي كان بمستوى 10 مليار دولار سنة 2006، باحتياطي الصرف الذي كان في حدود 56 مليار، ويقول بن بيتور بهذا الخصوص" إن الجزائر كان لديها ما يكفي لتغطية 27 شهرا من الاستيراد قبل دفع الديون المسبق، وقفز مخزونها إلى 77 مليار دولار سنة 2006 رغم دفع الديون"، ليستنتج بن بيتور مما سبق أن الدفع المسبق للديون لم يكن له أي آثار على مستوى مخزون الجزائر من العملة الصعبة، وفي السياق ذاته ذكر المتحدث أنه لو أنفقت تلك الأموال لإنشاء آلاف المؤسسات الصغيرة لكان لها أثر ملموس في انخفاض البطالة وتنمية الاقتصاد. محمد رابح