الاستعانة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم الشيخ أبوجرة سلطاني الجزء السابع والأخير وأمرك ألا تفتح هذا الختم إلاّ بتعويذة قرآنية توقيفية، هي وحدها دون سواها- التي تقيك من الانحراف في الاعتقاد فتقرأ كلام الله كما أراده الله لا كما يشاء بعض الناس تلاوة القرآن على مزاج مصروف عما تحمله هذه التعويذة الإيمانية، فتقرأ كلام الله بمفتاح العالم بأسراره لأنه كلام الله المعصوم من الزيادة والنقصان ومن المقارنة والمشابهة والتمثيل والتشبيه والتعطيل لأنه جل جلاله "ليس كمثله شىء" الشورى: 11، فاجعل تعويذتك حين تهم بقراءة كلام الله- أمر الله تعالى بالتعوذ من الشيطان الرجيم لتدرك أنك مقبل على أمر جلل، وأن الله سيخاطبك بكلامه النافذ إلى القلوب فلا يجوز لك أن تدخل على أعظم كلام في هذا الكون وقلبك غافل عن حقيقة كونية عظمى لا يعلم إلاّ الله أسرارها أو كلام الله على قلب قد جثم عليه الشيطان أو علاه صدأ الرَّين أو أغلقته الشهوات بأقفال منْع التدبر أو تركه صاحبه همْلا فختمت عليه الشياطين بأختام التلبيس لتجعل بعض من يقرأ كتاب الله غافلا عن حقيقة ما جاء فيه من تكاليف إذا عجزت عن أن تدفعه إلى أن يتخذ القرآن مهجورا، وأفهم أن في معنى: "فإذا قرأت القرآن" صيغة الظرفية وصيغة الاستقبال، مما يعني أن الافتتاح بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم لحماية القلب من "ملوثات" التفكر والتدبّر والعيش القويم مع كلام الله تعالى، فإذا أخذ المؤمن حظه من القراءة وأراد الانصراف جاز له أن يلجأ إلى الله ثانية ليعيذه من الرياء والسمعة ويحجز عنه الشيطان، فلا يفسد أجر ما تلا بوزر ما سوف يكون بعد التلاوة ويحمي نفسه من لعنة القرآن لبعض قرائه المتلاعبين بعظمة الوحي الإلهي عما فيه من تكاليف..فقد جاء في الأثر كما في الإحياء قولهم: "رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه" أو "ربّ تال" ساقه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ميمون بن مهران، حتى لا يكون العائذ بالله من الشيطان وليّا للشيطان. إذا فقهت هذه المعاني، وفهمت بعض أسرار الاستعاذة صارت "البسملة" في حقك واجبة حتى لا يكون ما أنت مقبل عليه أقطع أبتر، فافتح واسع صدرك لتفقه عن الله بعض من نسمات لطفه بأن تقرن البسملة بالاستعاذة حالة استقبالك للقرآن الكريم، فكلاهما من المجاديح المستدرة لرحمة الخالق المانعة من وسوسات الشياطين ورعاية المؤمنين بكلامه وهو الذي يتولى الصالحين، ذلك أن المؤمن الحق الذي ينوي التعاطي الإيجابي مع كلام الله يدرك يقينا أنه سوف يسمع من ربه ما أنزله على رسوله (ص) فيحتاج إلى طهارة واستئذان ليكون القرع على باب الوحي محكوما بالوحي نفسه الذي علمه الله رسوله بأداة الاستئذان القرآنية المزدوجة: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لوضع هذه المخلوقات الغيبية في أصفاد الوحي، ثم بسم الله الرحمن الرحيم ليكون الدخول على الحق بالحق الذي نزل، وهكذا يجمع قارئ القرآن أو التعامل معه بأية نية فيها طاعة لله- في قلبه هيبة الذات والصفات والأفعال، التي تشي بها الأسماء والصفات المجموعة في التعويذة والبسملة، فاختيار اسم الجلالة الذي هو الله (سبحانه) هو اختيار جامع للأسماء كلها والأفعال جميعها لتحرير الإعتقاد بتوحيد الألوهية والدخول على كلام الله باسم ذاته الذي شاءت قدرته أن يربطه بالرحمانية والرحيمية، وهو ما سوف نتناوله في إشارات تفسير معاني البسملة: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". والحمد لله ربّ العالمين. يتبع… تفسير البسملة