السلسة الثالثة.. رؤية التيارين الجهادي والسلفي للإخوان 2 الحلقة 10 وينتقد التياران الجهادي والسلفي جماعة الإخوان في كونها تقوم على التجميع دون التربية العقائدية التي تحدث عنها سيد قطب في كتابه "معالم في الطريق" تحت عنوان "جيل قرآني فريد"، وكان من آثار التجميع الذي جعل أكثر من مليون يدخلون الجماعة قبل قيام الثورة -وفق ريتشارد ميتشل- هو عدم الثبات في المحنة، إذ أيد الكثيرون عبد الناصر في السجون ولم تثبت إلا فئة قليلة. ويرى هؤلاء أن التربية العقدية المتينة هي الكفيلة بحماية الدعوة والحركة وليست الأعداد الغفيرة دون تنقية العقيدة وتصفية التجمع الكبير، وهو المنهج الذي سارت عليه الدعوة الإسلامية في العهد النبوي ويتبنى التيار السلفي ما يطلق عليه منهج "التصفية والتنقية". ويتحدث التيار نفسه عن عدم الوضوح العقيدي فيما يتصل بطبيعة الفكرة الإخوانية التي تبدو لهم وكأنها نوع من التلفيق بين الصوفية والسلفية والسنية والهيئة السياسية والجماعة الرياضية والرابطة العلمية والثقافية والشركة الاقتصادية والفكرة الاجتماعية، كما ذكر البنا في رسالة المؤتمر الخامس، كما أنهم انتقدوا موقف البنا في كتابه "العقائد الإسلامية" من قضية الأسماء والصفات التي اعتبرها مسألة خلافية للخلف مذهبهم فيها وللسلف مذهبهم وكلاهما صحيح، ومن المعلوم أن قضية الأسماء والصفات تمثل جوهر مفهوم التوحيد عند التيار السلفي. إلى جانب ذلك ينتقد التياران الجهادي والسلفي مسألة الشخصانية عند الإخوان ولكن من منظور شرعي، حيث يرون أن المنتمين لجماعة الإخوان يبالغون في تقديس وتعظيم شخصية البنا والمبالغة في اتخاذ كلامه وطريقته وكأنها نوع من الدين الذي تذوي معه شخصية الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام، ذلك لأن التربية الإخوانية تركز بشكل مبالغ فيه على الرسائل والمأثورات والأوراد والأذكار المأثورة عن البنا أكثر من التركيز على المصادر الأخرى في الشريعة، وتكون النتيجة تقديم تعاليم البنا على غيرها من المصادر وخاصة السنة وفقه السلف ولو بشكل غير واع. ويخشى هؤلاء أنه مع تطاول الزمن يصبح البنا الأصل في حين تأتي المصادر الأخرى في المراتب التالية، وهو ما يدخل في سوء الأدب مع السنة والنبي باعتباره تقديما بين يديهما. كما تنتقد التيارات السلفية على الفقه الإخواني المبالغة في الترخص وتتبع الرخص بطريقة وصلت حد تمييع القضايا في نفوس الناس، ويفسر هؤلاء ما يطلقون عليه ظاهرة تكيف حالة الصحوة مع الواقع الجاهلي بسبب فتاوى الإخوان التي تميل إلى تغليب الإباحة على الأخذ بالأحوط، ويذهب هؤلاء إلى أن هذا الفقه أضر بالصحوة الإسلامية عامة وبحركة الإخوان التي يبدو أفرادها وكأنهم لا صلة لهم بالمشروع الإسلامي في الممارسة على المستوى الفردي أو الأسري، وقد فجع الكثير من أبناء هذا التيار في المرات التي قدر لهم فيها أن يطلعوا على أحوال زعماء كبار في الإخوان حيث تبدو أسرهم ومنازلهم بعيدة عن الانضباط الشرعي والإسلامي، ويضيف هؤلاء إلى ذلك ترخص الإخوان في ترك ما يطلق عليه هذا التيار "الهدى الظاهر" دون ضرورة تفرض ذلك. هذه هي الخطوط الأساسية لرؤى التيارين السلفي والجهادي لحركة الإخوان، ولكن ما هو مستقبل العلاقة بين الإخوان وهذين التيارين، وننقل لكم وجهة نظر أخرى لأبي محمد العدناني الشامي المتحدث الرسمي للدولة الاسلامية في العراق والشام في كلمة بعنوان: السلمية دين من؟ جاء فيه مايلي بتصرف طبعا: "لقد آل الأمر في آخر فصوله في مصر إلى صراع واضح بين الإيمان والكفر، وإن المعركة هي ليست معركة الإخوان، وإنما هي معركة الموحدين المجاهدين، معركة الأمة وما الإخوان إلا حزب علماني بعباءة إسلامية، بل هم أشر وأخبث العلمانيين حزب يعبدون الكراسي والبرلمانات فقد وسعهم الجهاد والموت في سبيل الديمقراطية ولم يسعهم الجهاد والقتل في سبيل الله، ولقد سمعت خطيبهم في حشد مئات الآلاف يقول بملء فيه: إياكم والرجوع موتوا في سبيل الديمقراطية، حزب لو تطلب الحصول على الكرسي السجود لإبليس لفعلوا غير مترددين، متقلب حسب الظروف فمؤمن… يوماً ويوماً كافر متزندق، لا يستقر على قرار طبعه … ومتى استقر مدى الحياة الزئبق، كيف لا؟ وحزب الإخوان وأخيه حزب الظلام تخلو عن كل ثوابت الإيمان وكثير من فروع الإسلام تخلَّو عن ثوابت الإيمان عندما وافقوا على نسبة الحكم والتشريع لغير الله تعالى فقالوا متبجحين بغير خفاء ولا مواربة: إن الحكم والتشريع للشعب، ثم أضافوا ونحن الآن الممثلون لهذا الشعب في مجلسي: الشعب، والشورى، وفي هذا الأمر الذي قالوه ومارسوه مصادمة واضحة لعقيدة الأنبياء ولتوحيد رب الأرض والسماء، ثم تخلَّو بعد ذلك عن كثير من فروع الإسلام وذلك أنهم عندما وافقوا على هذا الكفر وأقروا به ادعوا زاعمين أنه سوف يتخذون من هذه الوسائل الديمقراطية سبيلاً لتطبيق شرائع الإسلام وجزئياته، ثم خرجوا علينا بعد ذلك مرة أخرى وقالوا: إنه لا يمكننا الآن تطبيق الشريعة كاملة، ولذلك فإننا ومن وموقعنا التشريعي هذا سوف نؤخر تطبيق بعض الأحكام الشرعية بحسب ما يتراءى لنا، ثم بعد ذلك وعندما يتراءى لنا تطبيقها سوف نصدر بذلك مرسوماً تشريعياً جديداً، وهكذا حتى نصل في عام من الأعوام القادمة إلى التطبيق الكامل للشريعة، ولا نزعم أن ذلك العام سيكون عاماً من الأربعة المتاحة لنا قبل عقد انتخابات تشريعية أو رئاسية جديدة، ولكن قد يكون هذا العام في أربعة أُخر غير هذه الأربعة، وهذا التأخير بالطبع سوف يكون بحسب ما يتراءى لنا أو نقره أو نلغيه، فإلى الله المشتكى. يتبع…