من الخوارج إلى داعش… الحلقة 18 من بداية الثّمانينات الزواج بين (القطبية)و (السّلفية) وانطلاقا من الثمانينات وربّما قبل ذلك بدأ التّمازج بين فكر (قطب) وفكر( السّلفية) يمتزج بعضه ببعض ليشكّل هويّة التّنظيم الجديد تحت مسمّى (السّلفية الجهاديّة). وقد كانت (السّرورية)(نسبة إلى محمد سرورسوري ولد علم 1938) في منتصف السّبعينات، أوّل من مارس هذا الامتزاج بين الفكر الحركيّ والفكر الوهابيّ، لكن مرحلة الجهاد الأفغاني (1984 -1992) وتجمّع المجاهدين من كلّ بلاد العرب والمسلمين للقتال ضّد الرّوس هي أهمّ تجربة كما يرى (الظّواهري) و(أبو مصعب السّوري) لبلورة الفكرة الجديدة بالحلّة التي شكّلت فيما بعد هُويّة القاعدة. والتقى الفكر السّلفي الوافد من (السّعودية) مثّله (عبد الله الرّشود) الذي قاتل (السّعودية ) وله كتاب (التّتار وآل السّعود)، وقُتل بالعراق مع التّأصيل السّلفي الوافد من (الأردن) ومثّله (أبو محمّد المقدسيّ) خصوصا في كتابه (ملة إبراهيم) و(أبو قتادة الفلسطينيّ)، "ليدخل التيّار الجهاديّ مرحلة العولمة" (أبو مصعب السّوري/ المقاومة الإسلاميّة العالميّة 698). وبعد حرب الخليج الأولى واستقدام (السّعودية) للقوات الأميريكية للحجاز، حاول قبل ذلك (بن لادن) ثنيهم عن هذا المسعى، وقدّم مساعداته للملك (فهد) عن طريق المقاتلين الأفغان لمواجهة (صدّام)، لكنّ الملك أصرّ على استقدام القوى الأمريكية وحرّك جهاز الفتوى ليصدرالشّيخ ( بن باز)( 1910 1999 ) فتوى باسم كبار العلماء بجواز الاستعانة بالكفّار. هذا المسار من أهمّ ما حوّل فكر( بن لادن) فقبل ذلك لم يكن يرى بطلان شرعيّة حكّام (السّعودية ) هو ومن قاتل من السّعوديين في (أفغانستان)، لكن بعد هذا الحدث لم يكن عنده شكّ في كفر (السّعودية ) ووجوب قتالها، لكن رأى زيادة في إحراج النّظام السّعودي وكبار العلماء الاتّجاه لقتال الأمريكيين حتى إذا ندّدوا يكونون في حرج (راجع كتاب الحلّ الإسلامي)، فقال "واعلموا أنّ استهداف الأمريكيين واليهود بالقتل في طول الأرض وعرضها من أعظم الواجبات وأفضل القربات "(توجيهات منهجية رقم 1). واعتبر( بن لادن) الخلاف مع الحكّام وخصوصا (السّعودية ) خلافا جوهريا وليس فرعيا يمكن حلّه "إنّما نتحدّث عن رأس الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله، فهؤلاء الحكّام نقضوها من أساسها بموالاتهم للكفّار"(توجيهات منهجيّة رقم 2). ايديولوجية القاعدة : وهكذا ظهرت هويّة (القاعدة) الجديدة التي تقوم على العناصر التّالية: -الحاكمية لله، فمن عطّل الشّريعة وحكم بالقوانين الوضعيّة ورضي بها كافر يقاتل حتى يخضع لألوهية الله -وجوب البراء من حكومات الردّة في بلاد العرب والمسلمين التي لا تحكم بالشّرع وتوالي الصّليبيين واليهود وتتعاون معهم ضدّ الإسلام والمسلمين. – وجوب موالاة المؤمنين المقاتلين في سبيل الله ضدّ الطّواغيت المحليّة والعالميّة وإسنادهم وتأييدهم بالهجرة إليهم إن توفّر ذلك وبغيرها، مما يثبت الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين. – الكفر بالطّاغوت ومنه الدّيمقراطية التي هي شرك وضلال وناقضة للتّوحيد من أساسه، وقد ألّف (المقدسي) رسالة سمّاها (الجواب المفيد بأنّ المشاركة في البرلمان وانتخاباته مناقضة للتّوحيد). – اعتبار الجهاد هو الطّريق الوحيد لاسترداد أمجاد المسلمين وقمع الملاحدة والمرتدّين (حسب تعبيراتهم) حكّاما ومحكومين. -توسيع الحرب وعولمتها ضدّ المرتدّين داخليا وضدّ أوليائهم من الصّليبيين واليهود. – استهداف أمريكا على وجه الخصوص باعتبارها أفعى الشرّ والفساد العالميّ. – اعتبار بعض بلاد المسلمين محتلّة كالسّعودية ودول الخليج. – اعتبار المقدسات الثّلاث (المسجد الأقصى والحرم المدني والحرم المكي)"تحت الاحتلال الصّليبي المباشر وبإشراف آل سعود وأمراء جزيرة العرب "(أبو مصعب السّوري /المقاومة الإسلامية العالمية 95). وبعد عمليات 11سبتمبر دشّن تيار القاعدة الدّخول إلى عالمية الجهاد، كما دخل مرحلة الضّعف خصوصا بعد سقوط إمارة (المُلاّ عمر) وضياع العراقي واستهداف رؤوس القاعدة دوليا وعربيا، ومصادرة الأموال وتعاظم الحملة الدولية المناهضة للقاعدة. يتبع…