_ المواطنون يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية آمنة/ب يستقبل الجزائريون الصيف كعادتهم بأخبار التسممات الغذائية التي تهدد صحة وسلامة المواطنين في الأعراس و"الزردات" وفي محلات الأكل الخفيف. وتحصي الجزائر سنويا 50 ألف حالة تسمم في صفوف المواطنين بسبب استهلاك مواد فاسدة تطال بصفة خاصة فئة الأطفال، رغم حملات التوعية التي تنظمها مديرية الوقاية التابعة لوزارة الصحة بإشراك عدة هيئات للوصول إلى كل شرائح المواطنين. تقول نصيرة التي عادت لتوها من إجازة مرضية أنها مدمنة "مايونيز"، فهي لا تتناول الأكل الخفيف بدونها، لكن بعد الذي أصابها هي وابنها جراء تناولها "سندويتش فريت بالمايونيز" بأحد محلات ساحة الشهداء التي تعج بالزبائن ولا تحترم جلها شروط ومقاييس الحفظ والنظافة، قررت أن تبتعد تماما عن محلات الأكل الخفيف على الأقل خلال الصائفة، تقول " لن أنس ما أصاب ابني المسكين جراء تهاوني وثقتي التي كانت في غير محلها، فقد تناولنا المايونيز بكمية كبيرة كعادتنا في البيت، لكننا دفعنا الثمن غاليا من صحتنا، وأكثر ما حز في نفسي هو تأثر صحة ابني كثيرا فقد أوشك على الهلاك، لقد تأثرت صحته أكثر مني، وقالت الطبيبة أن الأطفال يتضررون أكثر جراء تناولهم مواد فاسدة لأن الجهاز المناعي لديهم لا يزال ضعيفا. أما حوادث التسمم التي تحدث بشواطئ الوطن، فحدث ولا حرج باعتبار أن الكثير من الجزائريين يفتقرون إلى ثقافة الاصطياف، خاصة منهم الأطفال الذين يقصدون شواطئ البحر بمفردهم بدون مرافقة الكبار ويلتهمون كل ما يتاح أمامهم من أغذية لا تخرج في الأغلب عن "سندويشات" البطاطا المقلية "بالمايونيز" أو"الباتي" و"الكشير" الذي يحتفظون به لساعات في الشاطئ دون أدنى وسائل الحفظ ولا حتى الشمسية وهي أضعف الإيمان في أماكن كالشواطئ، وحتى المواد الاستهلاكية التي تعرض على المصافين في الشواطئ تعرض حياتهم للخطر، لأنها تظل لساعات تحت أشعة الشمس اللافحة، وفي الأخير تباع للمصطافين على أنها صنع بيتي، والغريب في الأمر أن المصطافين لا يهمهم الأمر لأنهم يفتقرون إلى الثقافة الاستهلاكية. ولعل جولة قصيرة إلى شواطئ فرانكو ولافيجي وغيرهما من سلسلة الشواطئ الممتدة ما بين "لابوانت" إلى عين بنيان، تكشف عن مدى الأخطار الغذائية المحدقة بأطفال وشباب الجزائر الذي لا يعير صحته أدنى اهتمام، وأقل ما يقال أنهم لا يتمتعون بالوعي الكافي لحماية أنفسهم من مغبة التسممات الغذائية الخطيرة التي تؤدي سنويا بحياة الجزائريين، فالمصطافين في "لافيجي" وغيره يتعرضون إلى أشعة الشمس لساعات طويلة دون حماية ويتناولون أغذية تعرضت هي الأخرى لأشعة الشمس لساعات ولكم أن تتخيلوا الحالة التي آلت إليها، لكن وبما أن جلهم من أطفال البسطاء فلا خيار أمامهم سوى تناولها بل والتصارع عليها لسد الرمق ولا يهم إن كانت سامة ؟ البروفيسور مصطفى خياطي: المثلجات والمشروبات الغازية مصدر للتسمم في الصيف أوضح البروفيسور مصطفى خياطي، أخصائي في طب الأطفال ورئيس الهيئة الوطنية لترقية وحماية حقوق الطفل، في تصريح ل "الحوار"، أن سبب تفاقم حالات الإصابة بالتسممات الغذائية صيفا يعود إلى الارتفاع في درجات الحرارة من جهة، وإخلال سلسلة التبريد بالمواد الغذائية التي يجب أن تخضع للتبريد من جهة أخرى، بالإضافة إلى عدم خضوع بعض المواد للمعايير الصحية اللازمة فيما يخص النظافة والتعليب والتسويق، ما يجعلها قاتلة على غرار مادة "الكاشير" التي تسبب الوفاة إذا لم تراع شروط تصنيعها وحفظها بفضل الجرثومة الخطيرة "كلوستريديوم برفرجانس". وبالنسبة للأغذية الواجب تجنبها لتفادي الوقوع في شراك التسممات الغذائية، فقد أشار المتحدث ذاته إلى أن كل المواد الخاضعة لسلسلة تبريد معنية بالتجنب على غرار المثلجات والشوكولاته والمشروبات الغازية واللحوم المجمدة وغيرها، كما حذّر من اقتناء المواد الغذائية التي تباع على قارعة الطرقات وتحت أشعة الشمس الحارقة بالأسواق الشعبية، فقد أشار البروفيسور خياطي إلى ضرورة منعها تماما لأنها تبيع السموم للمواطنين، فحتى البيض يجب حفظه في درجة حرارة منخفضة. ضحايا التسمم الغذائي يقارب ال50 ألف حالة سنويا أشار البروفيسور مصطفى خياطي، إلى أن عدد الإصابات بالتسممات الغذائية قدرتها وزارة الصحة ب5 آلاف تسمم غذائي سنوي، ولكن الرقم بعيد عن الواقع، حيث لا يقصد كل من تعرض إلى التسمم المستشفيات العمومية، إنما منهم من يتعالج في المنزل باعتبار الإصابة غير خطيرة ومنهم من يقصد الأطباء الخواص، وعليه فإن الرقم الحقيقي يقارب ال 50 ألف حالة سنويا، وإن كان 5 آلاف منهم يتجهون إلى المستشفيات، وعليه دعا البروفيسور خياطي المواطنين بأن يكونوا أكثر وعيا عند اقتناء المواد الغذائية، كما أشار إلى ضرورة مراقبة المحلات، لأن منهم من يقوم بإطفاء التيار الكهربائي على الثلاجات والمجمدات لأجل توفير بعض المال على حساب صحة المستهلكين. مصطفى زبدي: عدم احترام سلسلة تبريد المواد سريعة التلف يحولها إلى سموم أوضح مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، في تصريح للحوار، بأن التسممات الغذائية تبلغ الذروة في فصل الصيف بسبب فساد المواد سريعة التلف التي يجب أن يتم تخزينها وحفظها وعرضها في درجة حرارة مناسبة، وإذا حصل تقطع في سلسلة تبريد هذه المنتجات تتضاعف الجراثيم فيها وبالتالي تقع إصابات بالتسمم الغذائي، كما أوضح بأن غالبية هذه التسممات تحدث بشكل جماعي خاصة في المطاعم الجامعية والمدارس والولائم والأعراس، ويبقى السبب دائما هو عدم احترام حفظ وعرض وتخزين المواد الغذائية وخاصة مشتقات الحليب كالأجبان والياغورت واللحوم، فضلا عن الحلويات والمرطبات وذلك نظرا للمواد الداخلة في تركيبها كالبيض والحليب، بالإضافة إلى اللحوم المجمدة التي يتعين تخزينها وعرضها في درجة حرارة تقل عن 18 مئوية، ويعتبر "الكاشير" أيضا من المواد التي لابد أن تحترم سلسلة تبريده، وإذا لم تحترم ينتج عنه تسممات غذائية حادة. حالات التسمم الغذائي أضعاف المعلن عنه وأضاف مصطفى زبدي، بأن الجزائر تسجل سنويا 4 آلاف حالة تسمم غذائي، وهذا الرقم يمثل ما يعلن عليه الأطباء إلى الجهات المختصة، وبالتالي فهو أقل بكثير لما هو عليه الأمر في الواقع، فبعض المرضى يقومون بالتداوي الذاتي، وعليه نتوقع أن الرقم الحقيقي هو أضعاف مضاعفة من الرقم المعلن عنه. وأضاف رئيس جمعية حماية المستهلك بأن جهل بعض التجار جعلهم يخاطرون بحياة المستهلكين من أجل توفير بضعة دنانير، ويقومون بغلق التيار الكهربائي عن المبردات والمثلجات ليلا، وهذا التصرف تترتب عليه عواقب وخيمة تصل إلى الوفاة. وأشار مصطفى زبدي، إلى أن جمعية حماية المستهلك تطلب وضع حد لهذه السلوكيات وتقترح أن تكون كل آلة تبريد مجهزة بجهاز قياس درجة حرارة خارجي حتى يتسنى للمستهلكين الاطمئنان بأن المواد الغذائية التي يقتنونها خاضعة للتبريد اللازم، مشيرا إلى أن ثمن ذلك الجهاز لا يتعدى مئات الدنانير ويمثل إضافة رائعة للرقابة. من يلجأ إلى الأسواق الفوضوية فقد ظلم نفسه عبّر مصطفى زبدي عن أسفه الشديد حيال ظاهرة بيع المنتجات سريعة التلف على الطاولات وتحت أشعة الشمس الحارقة في الأسواق، على غرار الحليب ومنتجاته المشتقة من أجبان وزبدة ومارغارين فضلا عن البيض والمايونيز وغيرها من المواد الغذائية الحساسة، ما يجعلها تهدد صحة المستهلكين بسبب تكاثر الجراثيم فيها والذي يؤدي إلى تلفها، وعليه أشار مصطفى زبدي إلى ضرورة تحلي المستهلكين بالوعي وأن يكون الجميع مدركا للمخاطر الجسيمة لهذه المواد، ومن لجأ إليها فقد ظلم نفسه.