سمير تملولت كشف أحدث تقرير للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن عدد المواطنين الجزائريين الذين يعيشون تحت خط الفقر يتجاوز 13 مليوناً بما نسبته 30% من السكان. واستند التقرير الذي صدر أمس على دراسة حديثة أعدتها المكاتب الولائية للرابطة وشملت 4500 عائلة تم اختيارها من مختلف جهات الوطن. وكشف التقرير الذي تحوز الحوار على نسخة منه، والذي يتزامن صدوره كل سنة مع اليوم الدولي للقضاء على الفقر المصادف لتاريخ 17 أكتوبر من كل سنة، اختير له هذه السنة شعار: بناء مستقبل مستدام: العمل معا للقضاء على الفقر والتمييز أن "مظاهر الفقر في المجتمع الجزائري تتجلى من خلال تدهور المستوى المعيشي، وسوء الخدمات الصحية، والبطالة وتزايد الراغبين في الهجرة بأي ثمن وانتشار ظاهرة التسول وأطفال الشوارع والدعارة وتشغيل الأطفال وانتشار الأحياء الفوضوية على شكل الأكواخ القصديرية". وطالبت رابطة حقوق الإنسان في تقريرها الحكومة الجزائرية بالتحرك الجدي والعاجل، على اعتبار أن القضاء على الفقر يستوجب إعادة النظر في السياسة الاقتصادية خاصة ما تعلق بالتوزيع العادل للثروات من خلال نظام عادل للأجور ومحاربة اقتصاد الريع والفساد الذي شمل كل الميادين السياسية والاقتصادية. وترى الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بأن ارتباط الفقر في الجزائر يعتبر انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تقرها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في التنمية والحق في العمل، الحق في الصحة، الضمان الاجتماعي، والتعليم، السكن اللائق، والعيش الكريم، والبيئة السليمة. وقال التقرير:« أمام فشل سياسة الترقيعية للحكومة، فان الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق تلفت نظر الرأي العام الوطني إلى خطورة هذه الظاهرة وتؤكد بأن الفقر يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان حيث يفتقد فيها الفرد الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء والملبس والتعليم، وكل ما يعدُّ من الاحتياجات الضرورية لتأمين مستوى لائق للحياة ، وفرص المشاركة الديمقراطية في اتخاذ القرارات في جوانب الحياة المدنية". في ذات السياق دقت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، على لسان السيد هواري قدور الأمين الوطني المكلف بالملفات المختصة ناقوس الخطر، حيث أكد ذات المسؤول أن كافة المؤشرات الإحصائية تكشف عن ظاهرة الإفقار المنتشرة في الجزائر منذ تخلي الدولة عن التزاماتها و محاولة تسويق وترويج شعارات جوفاء منها "اقتصاد السوق" في ظل غياب رؤية واضحة حول السياسة الاجتماعية، وهشاشة فئات متزايدة من السكان، مشيرا أن مظاهر الفقر عرفت تحولا كبيرًا في الجزائر بحيث لم يعد الفقر يمس الفئات المحرومة فقط، بل حتى الفئات المتوسطة انزلقت إلى هوة الفقر وأصبحت مهددة به، فإذا كان الفقر يميز سكان المناطق الريفية فيما قبل، فإنه أصبح اليوم منتشر في شكل كبير حتى في المدن والمناطق الحضرية وساءت الظروف التعليمية والصحية وعادت إلى الواجهة أمراض كان تم القضاء عليها وتم تسجيل نقص في معدل التغذية وارتفاع في معدل البطالة. وشككت الرابطة في الأرقام والإحصائيات المتعلقة بعدد الفقراء في الجزائر بدليل التناقض والتضارب بين الوزارات والمنظمات شبه الحكومية، حيث سبق وأن حددت وزارة التضامن عدد العائلات المعوزة بمليون و700 ألف عائلة، بينما أشارت وزارة الشؤون الدينية إلى أن عدد العائلات المحتاجة يقدر بنحو 660 ألف عائلة فقيرة، في وقت أحصت هيئة الهلال الأحمر الجزائري نحو 15 ألف عائلة فقيرة ضمن خطتها المستمرة لإعداد خارطة الفقر في الجزائر، إلا الآن المشهد يتكرر كل عام سيناريو قفة رمضان وما ينتج عنه في طوابير لا متناهية ومن احتجاجات عارمة عبر القطر الوطني وهو ما يشير إلى أن الإحصائيات مختلف الهيئات بعيدة كل البعد عن الواقع المعيشي لنسبة كبيرة من العائلات الجزائرية، وتلك الأرقام لم تخص الجزائر العميقة التي تشهد فقرا مدقعا لدى فئات واسعة تتخبط في ظروف اجتماعية مزرية تطبعها البطالة والدخل الضعيف. من جهة أخرى، وبهدف ضمان الشفافية التامة في تقديم المعلومات للرأي العام كان وزير الشؤون الدينية و الأوقاف محمد عيسى قد أعلن في الفاتح جوان 2015 من دار الإمام خلال ندوة صحفية عقدها بمناسبة التحضير لمسابقة المترشح الجزائري للمسابقة الدولية للقران الكريم، وفي رد عن سؤال صحفي حول عدد الفقراء في الجزائر ذكر تواجد 660 ألف عائلة فقيرة في الجزائر و التي تحتاج إلى دعم من المؤسسات الخيرية مضيفا بان تقرير الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مبالغ فيه إلا أنه في نفس الوقت لم يحدد الوزير تاريخ إحصاء الأرقام ولا حتى المعايير الاقتصادية التي تم على أساسها إحصاء عدد الفقراء الجزائر. وأضاف تقرير رابطة حقوق الإنسان أن "النظام الجزائري يرفض إطلاق كلمة الفقر ويفضل استعمال كلمة "عائلات محتاجة" في وقت كان عليه التفكير في حل للملايين من الجزائريين الذين لا يجدون ما يسد رمقهم، حيث أن 93 بالمائة من المواطنين المعنيين بالدراسة وحسب أكدوا بان حالتهم المادية الاقتصادية والاجتماعية كانت أفضل قبل انهيار أسعار النفط، كما أن الدراسة بان القدرة الشرائية لدى الجزائريين قد انهارت بنسبة 60 بالمائة خلال الأشهر القليلة الماضية مع ارتفاع الأسعار خاصة فيما يتعلق بالمواد الأساسية مما يضطرهم إلى العيش بتواضع آو ما يسمى بضمان القوت اليومي للعائلات.