رابطة حقوق الانسان تحذر وتنتقد غياب سياسة ناجعة لدعم الفئات الهشة 14 مليون جزائري يعيشون تحت وطأة الفقر
دقت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان ناقوس الخطر حول تفشي ظاهرة الفقر وارتفاع عدد الفقراء في الجزائر بنسبة 35 بالمئة، أي عيش أكثرمن 14 مليون جزائري تحت خط الفقر وأن ما يقارب 10 بالمائة فقط من الجزائريين يستولون على 80 بالمائة من ثروات البلاد، وهو الوضع الجد مقلق ويشير الىيان الفجوة ستكون أعمق بين طبقات الشعب، فيما انتقدت غياب تام للدولة في وضع سياسات تنموية ناجعة في دعم الفئات الهشة ومحاربة الظاهرة التي ستسقط الفئات المتوسطة الدخل في مستنقع الفقر المدقع خصوصا مع تهاوي اسعار النفط وتداعيات الازمة الاقتصادية.
وأوضح هواري قدور الامين الوطني المكلف بالملفات المتخصصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في تقرير تلقت "اليوم" نسخة منه، بأن الأزمة الاقتصادية اثرت على الطبقة العاملة وتسببت في ظهور عدد جديد من الفقراء. وذلك حسب دراسة حديثة للمكاتب الولائية للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان , وخصت 4500 عائلة، تم اختيارها من مختلف جهات الوطن، ووفقا للمؤشر الاقتصادي الذين يعيشون على أقل من دولار في اليوم الواحد.
تدهور المستوى المعيشي سيجر الى تنامي ظواهر اجتماعية أخرى وأشارت الرابطة الى أن مظاهر الفقر في المجتمع الجزائري تتجلى من خلال تدهور المستوى المعيشي وسوء الخدمات الصحية والبطالة وتزايد الراغبين في الهجرة بأي ثمن، وانتشار ظاهرة التسول، وأطفال الشوارع، والدعارة، وتشغيل الأطفال وانتشار الأحياء الفوضوية على شكل أكواخ قصديرية، داعية الحكومة الى التحرك الجدي والعاجل، لأن القضاء على الفقر يستوجب إعادة النظر في السياسة الاقتصادية وعلى الأخص منها التوزيع العادل للثروات، من خلال نظام عادل للأجور مع محاربة اقتصاد الريع والفساد الذي شمل كل الميادين السياسية والاقتصادية.
في هذا السياق فان الرابطة تؤكد بأن كافة المؤشرات الإحصائية تكشف عن ظاهرة الإفقار المنتشرة في الجزائر منذ تخلي الدولة عن التزاماتها ومحاولة تسويق وترويج شعارات جوفاء منها "اقتصاد السوق" في ظل غياب رؤية واضحة حول السياسة الاجتماعية وهشاشة فئات متزايدة من السكان.
خطر حقيقي يترصد بالوضع الاجتماعي مع تدهور أسعار النفط وعليه الفقر ليس مجرد انخفاض في الدخل فقط، فالفقراء يعانون على جبهات كثيرة: اعتلال الصحة، الحرمان من التغذية، السكن، التعليم، البطالة، العزلة، الاضطرابات الاقتصادية في تدني السلم الاجتماعي والخوف من المستقبل؛ في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي تعيشها الجزائر بعد الانهيار المتواصل لأسعار البترول، وبالتالي فإن الجزائر في خطر حقيقي بالنظر إلى اعتمادها المطلق على عائدات تصدير البترول، وتراجع كذلك قيمة الدينار الى مستوى متدن لم يشهد له مثيل منذ الاستقلال مقابل الدولار، حيث بلغ 101.95 دج مقابل 01 واحد دولار.
تضارب في الإحصائيات حول عدد الفقراء يطرح عدة تساؤلات عن صدق الأرقام وتطرقت الرابطة الى مشكل التناقض في الإحصائيات وجاء في البيان "بأن الأمر يجرنا الى التساؤل من نصدق في الأرقام حول عدد الفقراء بعد أصبح أن تم تسجيل التناقض والتضارب بين الوزارات والمنظمة شبه الحكومية، بينما حددت وزارة التضامن عدد العائلات المعوزة بمليون و700 ألف عائلة، وأشارت وزارة الشؤون الدينية إلى أن عدد العائلات المحتاجة يقدر بنحو 660 ألف عائلة فقيرة، في وقت أحصت هيئة الهلال الأحمر الجزائري نحو 15 ألف عائلة فقيرة ضمن خطتها المستمرة لإعداد خارطة الفقر في الجزائر، كما أن المشهد يتكرر كل عام فسيناريو قفة رمضان وما ينتج عنه في طوابير لا متناهية ومن احتجاجات عارمة عبر القطر الوطني، يشير إلى أن الإحصائيات مختلف الهيئات بعيدة كل البعد عن الواقع المعيشي لنسبة كبيرة من العائلات الجزائرية.
93 بالمئة من العائلات تبدي تأثر مستواها المعيشي بعد انخفاض أسعار البترول وأشارت الرابطة الى أن 93 بالمائة من المواطنين المعنيين بالدراسة أكدوا بأن حالتهم المادية الاقتصادية والاجتماعية كانت أفضل قبل انهيار أسعار النفط، كما أظهرت الدراسة بأن القدرة الشرائية لدى الجزائريين قد انهارت بنسبة 60 بالمائة خلال الأشهر القليلة الماضية مع ارتفاع الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالمواد الأساسية مما يضطرهم إلى العيش بتواضع أو ما يسمى بضمان القوت اليومي للعائلات.
وفي نفس السياق، كشفت آخر التقارير والدارسات التي توصل إليها أساتذة باحثون، شاركوا في الملتقى الدولي الذي نظمته جامعة الجزائر 3 في يوم 09 ديسمبر 2014 حول تقييم سياسات الإقلال من الفقر في الدول العربية في ظل العولمة، أن نصف سكان الجزائر فقراء" 20 مليون جزائري"، ما يعني بأن جزائريا من اثنين يعيش تحت خط الفقر ويعشون ظروفا اجتماعية مزرية.
انتهاج سياسة تنموية واقتصادية جدية بات ضروريا لتفادي الكارثة وأكدت الرابطة "بأن دور الدولة الطبيعي في حماية الفئات الهشة غائب تماما، وذلك واضح من خلال نتائج مشاريع التنمية التي تهدف إلى تقليص نسبة الفقر خاصة في إطار انخفاض أسعار النفط والتي تخلت عن الطبقة الشعبية تحت رحمة الأسواق الاقتصادية المتوحشة التي تسيرها جماعات مافيوية وليس تجارا".
ووجهت الرابطة أصابع الاتهام إلى "السياسة الاقتصادية المنتهجة والتي تبتعد يوما بعد يوم عن التنمية الحقيقية وخلق الثروة ويقوم الاقتصاد على توزيع المداخيل هذه الأخيرة، والتي لا تتم وفق المعايير التي تضمن العدل والمساواة، يكرسها وجود فئات تستفيد من المداخيل بدون بذل أي مجهود وفئات أخرى تقبع تحت أجور هشة وضعيفة وفئات مقصية تماما من مسار التوزيع".