لا انتقال ديمقراطي دون شراكة حقيقية بين السلطة والمعارضة _ المعارضة اليوم أصبحت تجمع أكثر مما تجمعه السلطة _ أصحاب المبادرات يجب أن يتحلوا بأخلاق سياسية حتى تكون مبادرتهم مبررة حاوره : مراد بوقرة اعتبر الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي، أن الانتقال الديمقراطي الذي تسعى له التنسيقية لا يمكن أن يتحقق دون التوافق مع السلطة والتوصل معها إلى شراكة حقيقية تفضي إلى ممارسة سياسية سليمة قائمة على التعددية والديمقراطية والشفافية. * التعديلات الدستورية أخذت الوقت الكثير، لكن الرسالة الأخيرة لرئيس الجمهورية أكدت أنها باتت أقرب من أي وقت مضى، كما أعطت بعض الخطوط العريضة وأبرزها كان "إنشاء آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات" أليس هذا ما تطلبونه في المعارضة ؟ – قبل التطرق إلى التعديلات الدستورية الحالية سنعود إلى الوراء قليلا وبالذات إلى التعديل الذي أجراه السيد رئيس الجمهورية سنة 2008 والذي قضى به على حلم التداول على السلطة نهائيا وأضر بالجزائر وقتها، وربما ما نعيشه الآن من انسداد هو أحد أسباب ذلك التعديل، كما نعود إلى الإصلاحات التي تفضل بها السيد الرئيس سنة 2011 على ضوء احتجاجات ما عرف وقتها بالزيت والسكر وأحداث الربيع العربي، والتي طالت عدة قوانين على غرار قانون الأحزاب والانتخابات والإعلام والبلديات وغيرها، وهو ما جعلنا في حركة النهضة وقتها نطالب بالانطلاق من تعديل الدستور وليس من القوانين العضوية الأخرى، لكن شاءت الظروف أن تسير الأمور عكس ما كنا نريد وأخرنا الدستور لغياب الإرادة السياسية، الآن وبعد الانتخابات الرئاسية التي قاطعناها وأحزاب المعارضة الأخرى نتيجة لعدم توفر شروط النزاهة، تم إطلاق المشاورات من أجل تعديل الدستور وأشرف عليها أحمد أويحيى والتي برأينا كانت بعيدة عن متطلبات وطموحات الشعب الجزائري، أما عن ما جاء في رسالة الرئيس حول إنشاء آلية لمراقبة الانتخابات فهذا لم يكن طلب المعارضة، وإنما مطلبها يكمن في هيئة مشرفة على الانتخابات من ألفها إلى يائها وليس مراقبتها كما جاء في الرسالة.
* أنتم في المعارضة رفضتم المشاركة في المشاورات لكنكم تعلنون رفضكم لبعض المواد وتنتقدون عدم إقحام مواد أخرى، ألا يعد هذا تناقضا ؟ – أولا نحن تحفظنا على المشاركة للمنهجية المعتمدة وليس كمبدأ سياسي، نحن نقول الجزائر ستخسر من خلال هذه السياسية المتبعة وهي سياسة الإقصاء والإبعاد، ثانيا نحن رفضنا لأن المنهجية اعتمدت التميع ولم تعط ضمانات للمشاركين بالأخذ بآرائهم، ونحن لا نريد صياغة دستور بعيدا عن المجتمع لذلك من حقنا أن ننتقد ونرفض ونعلق لأنه دستور دولة وليس دستور أفراد بعينهم.
* كيف تفضلون أن تمرر التعديلات الدستورية ؟ * الأصل أن تكون منهجية التمرير كاملة ابتداء من منهجية النقاش ومنهجية الإعداد ومنهجية الصياغة ومنهجية التمرير، لذلك من المفروض أن يمرر الدستور عبر استفتاء شعبي نزيه خاصة وأن البرلمان لا يتمتع بالشرعية ولا يعبر عن الإرادة الشعبية.
* الدستور القادم سيعطي المعارضة آليات ومساحة كبيرة من الحرية لم تكن تتمتع بها من قبل هذا ما جاء في رسالة الرئيس ما تعليقكم ؟ – الملاحظة الأولى حول هذا الكلام أن الدستور سيعطي لنا حقا وهذا انتقاص لما يجب أن يكون، نحن نريد تداولا على السلطة، أما أن تقول السلطة إنها تريد أن تعطي حقا للمعارضة فهذا يعني أن حق التداول على السلطة غير موجود نهائيا وبالتالي الذي نريده هو أن تكون الساحة السياسية قائمة على مواد سياسية معروفة ونزيهة تضمن حق الجميع في المشاركة، والقراءة البسيطة والسليمة لهذا الامتياز الذي ترى السلطة أنه ستمنحه للمعارضة هو أن هذه الحقوق تكفي المعارضة وعليها أن تتمسك بها لأن الوصول إلى السلطة بعيد عنها ولا يمكنها الوصول إليها بأي حال من الأحوال وهذا طرح غير مجدٍ وغير نافع حتى.
* المعارضة المنضوية تحت لواء تنسيقية الانتقال الديمقراطي وهيئة التشاور تسير نحو عقد لقاء "مازافران" 2 ما الجدوى من هذا اللقاء وماذا يعني ذلك؟ – أولا بالنسبة لتنسيقية الانتقال الديمقراطي واجتماعها الذي يعبر عن مدى وعي الطبقة السياسية ومدى إدراكها للمخاطر التي تتهدد البلاد وهو بحسبي تطور للفكر السياسي بعيدا عن التناقض الذي كانت تلعب السلطة عليه لتفريق المعارضة، هذه الأخيرة اليوم أصبحت بفضل مازفران تجمع أكثر مما تجمعه السلطة. السلطة اليوم تنظر إلينا نظرة سلبية وتحاول بمختلف الطرق تعطيل مسارنا، ونحن نرى تحركاتها على أنها مجرد محاولة للبقاء في الحكم أطول وقت ممكن لا غير. التقينا في مازفران حول الأرضية السياسية الموحدة وهذا إنجاز بالنسبة لنا، لأننا نعتقد أنه مشروع سياسي يمكن أن ينقذ الجزائر ويؤمنها لذا سنبقى متمسكين بهذه الأرضية إلى الأخير. أما لقاء "مازافران 2" الذي أقرته هيئة التشاور والمتابعة فيدخل في إطار التطوير والتحسن والتثمين والانفتاح أكثر على مكونات الشعب الجزائري، والمفروض على السلطة أن تتعامل معنا إيجابيا بدل التعامل بمنطق الإقصاء.
* قلتم إن المعارضة أصبحت تجمع أكثر مما تجمعه السلطة، لكن أحزاب الموالاة وعلى رأسها الآفلان تمكنت من جمع العديد من الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية ؟ – في اعتقادي عندما نتكلم على المبادرات نتحدث عن حراك سياسي كبير باتت تتسم به الساحة السياسية الوطنية، وهو نتيجة إلى الغلق السياسي الذي اتسمت به العهدة الأولى والثانية لرئيس الجمهورية التي لم نكن نسمع فيها إلا برنامج الرئيس ومشاريع الرئيس، وبعدها فشل الكثير من هذه المشاريع بحسب تقييمنا والتي سوقت على أنها ستحل مشاكل الجزائريين، وهو في اعتقادي ما جعل الطبقة السياسية تتحرك وتطلق مشاريعها ومبادراتها بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه. ونحن لا نضيق بالمبادرات لكن نريدها أن تكون واضحة وتكون خادمة للوطن وليس للأشخاص.
* تنسيقية الانتقال الديمقراطي أصبحت الآن تقابلها الجبهة الوطنية هل ترى أننا نسير إلى مرحلة تذوب فيها الأحزاب السياسية في هذين الكيانين. – هذا هو الأصل، في كل الدول هناك معارضة وسلطة لكن في الجزائر هناك مفارقات ربما لا تحدث إلا هنا وهو أن أحزاب في المعارضة تدعم السلطة وهذا لا يصح ومنطق غير سليم، هناك سلطة وهناك معارضة ومحددات يجب عدم الحياد عنها من كلا الطرفين مثل مبادئ أول نوفمبر والسيادة التي نراها باتت منقوصة، هناك أيضا كيف نطور الوضع الاجتماعي للجزائريين الذين لم يتحقق لهم ذلك منذ الاستقلال بدليل أننا مازلنا نعتمد على النفط بنسبة 98 بالمائة في اقتصادنا منذ الاستقلال وهذا بطبيعة الحال دليل واضح على فشل السلطة التي من المفروض أن تتحمل مسؤولياتها.
* كثيرا ما تخرج خلافات أحزاب التنسيقية إلى العلن ألا تخشون انفجار الأوضاع داخلها ؟ – التنسيقية ليست حزبا واحد وإنما هي مجموعة من الأحزاب مختلفة التوجه وهي تحاول أن ترسم خارطة سياسية وآليات العمل موجودة وهناك قانون داخلي والاختلاف لا يفسد للود قضية.
* تطرحون كتنسيقية أنفسكم بديلا عن النظام الحالي هل أنتم قادرون على قيادة البلاد في هكذا ظروف ؟ – نحن طرحنا المبادرة لكي ننسق مع السلطة نحن لم نقل أننا نريد أن نكون بديلا للسلطة، لا يمكن أن يكون هناك انتقال ديمقراطي دون شراكة حقيقية بين السلطة والمعارضة بهدف الوصول إلى ممارسة سياسية سليمة قائمة على التعددية والديمقراطية والشفافية.
* ما تعليقكم على رسالة ال 19 وكيف تقرؤونها ؟ – أولا أعتقد أن هذه استفاقة متأخرة نحن منذ زمن طويل نقول الجزائر تتجه إلى المجهول وأن على السلطة تحمل مسؤولياتها أمام الشعب، مجموعة من هذه الأشخاص استفادت من السلطة بطرق مباشرة وغير مباشرة، لذلك في اعتقادي أنه من أراد أن يخدم الجزائر يجب أن يكون متخلقا بأخلاق سياسية حتى تكون مبادرتها مبررة سياسيا على الأقل، لذلك أعتقد أن أهم المبادرات الموجودة الآن هي مبادرة الانتقال الديمقراطي.
* تغيرات الجيش والمخابرات هل تبريرها بالسير نحو دولة مدنية مقنع لكم ؟ – نحن ننتظر أن تتكرس دولة القانون والدولة المدنية عبر تحقيق الإرادة الشعبية وتطبيق القانون لأنه إذا تحقق هذان الشرطان لن يهم من يحكم ومن يعين ويقيل، لأن الدولة المدنية يكرسها القانون واحترام الإرادة الشعبية وليس شيء آخر.
* انتفاضة الشباب الفلسطيني في القدسالمحتلة تحتاج دعما كبيرا رغم ذلك نرى الكثير من التخاذل خاصة من الأنظمة العربية ؟ – شكرا لسؤالك هذا، في اعتقادنا نحن في حركة النهضة أنه دون تحرر فلسطين الأمة ستبقى مكبلة لأن العدو يريد أن نكون ضعافا دون تنمية دون تطور دون قوة وبالتالي موضوع فلسطين يجب أن يكون هو المحور والأولوية لهذه الأمة. كان مخططا في 2015 احتلال آخر نقطة في فلسطين وهي المسجد الأقصى لذلك كثرة الاقتحامات والاعتداءات لاستكمال مشروع التهويد لكن الله جند المرابطين والمرابطات للوقوف في وجه الاحتلال وأبطلوا مشروعهم الخبيث، وهذا ما يتطلب منا الوقوف معها، كما يتطلب من الرسميين التحرك خاصة أن الجزائر الرسمية لم تعد تقدم ما كانت تقدمه في السابق.
* الشباب الفلسطيني أصبح يحمل الأعلام الجزائرية بجانب الفلسطينية على ماذا يدل ذلك ؟ – الشيء الذي نعلمه هو أننا نحن الجزائريون عانينا من احتلال مشابه ونعرف الحرمان والتدمير والقتل والاستيطان والحرمان من الحقوق الأساسية كما يعانيه الآن الشعب الفلسطيني، لذلك يقول الفلسطينيون أن أعرف الشعوب بمعاناتنا هم الجزائريون ولا يحق لشعب أن يتكلم عن معاناتنا غيرهم، وهذا بطبيعة الحال يزيدنا مسؤولية في دعمهم ومساعدتهم على بناء دولة فلسطينية عاصمتها القدس.