أعابت أحزاب المعارضة على السلطة إصرارها على إقصاء الشعب من المشاورات المتعلقة بإعداد الدستور التوافقي، وتحفظ بعضها على تكليف أحمد أويحيى بقيادة هذه الاستشارات، بدعوى أنه لن يحقق أي تقدم في مسار الإصلاحات على غرار بن صالح، في حين رحبت أحزاب الموالاة بالمبادرة، واعتبرتها تنفيذا للوعود التي قدمها الرئيس أثناء الحملة الانتخابية. بن خلاف: أويحيى معروف بتناقضاته وانتقد العضو القيادي في جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، تعيين أحمد أويحيى من قبل رئيس الجمهورية لقيادة المشاورات السياسية، التي ستمكن من إعداد دستور توافقي، بحجة أن أيحيى معروف بتوجهاته، وفي تسيير مثل هذه الملفات، فضلا عن تناقضاته، والتي ظهرت جليا أثناء الحملة، حينما عارض إقرار مرحلة انتقالية، عكس ما كان يدعو إليه عبد العزيز بلخادم، وتعتقد هذه التشكيلة بأن تعيين أويحيى هو إقصاء لشريحة واسعة ممن سيقبلون بالتشاور، علما أن التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي التي ينتمي إليها هذا الحزب، أعلنت عن رفضها مشروع الدستور التوافقي، بعد أن تحصلت على معطيات مسبقة حول تعيين أويحيى لقيادة هذه المشاورات، إلى جانب أسباب أخرى، منها عدم وفاء الرئيس بوعده بإجراء تعديل عميق على الدستور، وتصف جبهة العدالة والتنمية الاستشارات المقبلة بأنها المحاولة الخامسة في ظل عامين، وأنه لا جدوى منها، بدعوى أنها فاشلة، ولا تقوم على حوار يشارك فيه الجميع، أي فئات الشعب، للخروج بدستور يكون محل توافق. نوارة جعفر: "الرئيس يريد تعميق الإصلاحات" ولا تعارض الناطقة باسم التجمع الوطني الديمقراطي، نوارة جعفر، أن يشارك حزبها مرة أخرى في إثراء الاقتراحات التي سبق وأن قدمها في إطار الاستشارات التي قادها الأمين العام الحالي للأرندي، عبد القادر بن صالح، بدعوى أن الرئيس يرغب في استشارات أوسع، لأن التعديل مر عليه عامان، لذلك فقد ارتأى فتح استشارات أخرى، "ونحن حزب كان لنا دور في إثراء الاقتراحات"، معتقدة بأن المسألة تتعلق بالإصلاحات، التي يؤيدها حزب التجمع، ويدعم توسيعها، لأن الأمر يتعلق بالقانون الأسمى للبلاد، الذي يجب أن تندمج فيه كافة الطبقة السياسية والمجتمع المدني. رمضان تعزيبت: "نريد إصلاحا يساهم فيه الشعب" ولا يبدي حزب العمال أي اعتراض على تكليف رئيس ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى، بإدارة جولة الاستشارات الجديدة، بحجة أنه وزير دولة ورئيس ديوان، وهذا معناه أن الرئاسة هي من ستتابع هذه الاستشارات، قائلا بأن حزبه سيشارك في الاستشارة، غير أنه ينتظر المعطيات الشافية لمعرفة مضمونها وكيفية إدارتها، مذكرا بأن حزب العمال طالب بإصلاح عميق للدستور، في حين إنه يجهل حاليا المواد التي سيتم تعديلها، وهل سيتم إحالتها على الاستفتاء، وفي ظل غياب المعلومات الكافية يرفض حزب العمال تقديم حكم مسبق على المشاورات، لكنه أبدى بعض الاحترازات بخصوص الدستور التوافقي، بسب رفضه أن تأخذ التيارات السياسية والأحزاب محل الإرادة والسيادة الشعبية. عبد المجيد مناصرة: "نفضل شخصية غير حكومية بدل أويحيى" وقال رئيس جبهة التغيير، عبد المجيد مناصرة، بأنه يفضل لو تولت شخصية غير حكومية قيادة الاستشارات بخصوص الدستور التوافقي، لكنه يرى بأن أحمد أويحيى سيعمل تحت إشراف الرئيس الذي يتحمل مسؤولية التعديل، معبرا عن خشيته من أن يتم استعمال مصطلح الدستور التوافقي بمصطلحات مختلفة، قائلا: "نريد دستورا بالحوار الجامع، وليس أن تنفرد به الرئاسة"، وأن يبقى محصورا في المشروع المعروض، مقترحا مشاركة الجميع دون إقصاء، للتوصل إلى صياغة توافقية، من ثم إحالته على الشعب للاستفتاء، بغرض تحقيق الفرق ما بين دستور الرئيس ودستور الأغلبية والدستور التوافقي. لمين عصماني: "ما يهمنا هو مضمون الدستور" وتطمح الحركة الشعبية الجزائرية لتكون قوة اقتراح في صياغة تستور توافقي، الذي كان من بين الالتزامات التي أعلن عنها رئيس الحزب، عمارة بن يونس، خلال تنشيط الحملة الانتخابية لفائدة الرئيس، ويؤكد العضو القيادي في الحزب "لمين عصماني"، بأن الحركة الشعبية الجزائرية لها مقترحاتها، وأن تعيين أويحيى هو من صلاحيات الرئيس، الذي كلف واحدا من رجالات الدولة، والأهم هو مضمون الدستور المقبل، الذي ينبغي أن يكرس دولة مدنية، ويرد الاعتبار للمؤسسات الدستورية. عبد الرزاق مقري: "نرفض العمل المكرر والمستهلك" ويعتقد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، بأن العملية التي سيتولاها أحمد أويحيى هي مجرد عمل مكرر واستهلاك للجهد والوقت، بدعوى أنهم سبق وأن شاركوا في الاستشارات التي قادها بن صالح وقدموا مقترحاتهم، التي لا يمكن تغييرها في ظرف سنة واحدة، واصفا تعيين أويحيى بالأمر العادي مثله مثل بن صالح، "فجميعهم لديهم منطق واحد ويخضعون للسلطة"، وهو يرى بأن المسألة تكمن في الإرادة السياسية، داعيا إلى عرض مشروع متكامل على الأحزاب والشعب، لتحقيق مشروع مجتمع كبير، وهو نفس الهدف الذي تسعى التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي لتحقيقه، من خلال الحوار بدل الإرادة الفوقية. موسى تواتي: "النخبة فشلت وعلى الشعب أخذ الكلمة" ويعتبر موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية بأن النخبة أثبت فشلها في تحقيق التغيير بسبب أنانيتها، "لذلك علينا أن نجعل الشعب مصدر السلطة، وفق ما ينص عليه الدستور"، معتقدا بأن الجزائر خرجت من انتخابات عرفية، وهي مقبلة على رتوشات تنفيذا لبرنامج تم التخطيط له مسبقا، متسائلا: "هل نحن أمام سلطة شعب"، موضحا بأن الكلمة يجب أن تعاد إلى الشعب "لأنه ليس فينا من هو أحسن من الآخر"، واصفا أويحيى بالشخص المأمور.