س زقاري يعيش سكان قرية أم زديوة، الواقعة على بعد 14 كم غربي بلدية أم الطوب بالجنوب الغربي لولاية سكيكدة، وضعية مزرية، نتيجة العزلة المفروضة عليهم منذ سنوات، بسبب تدهور الطريق الذي يربط قريتهم بمقر البلدية، والذي يعد بمثابة المنفذ الوحيد لسكان القرية، الذين يقارب عددهم ال 1000 نسمة. وحسب العديد من سكان القرية الذين تحدثوا إلينا، فإنهم ملوا من التهميش ومن الوعود الكاذبة، حيث صرحوا لنا بأن المسؤولين المحليين لا يزورون قريتهم إلا عشية كل موعد انتخابي، أين يقومون بتقديم وعود تجعل سكان القرية يعيشون على حلم أن قريتهم ستتحول إلى جنة بعد الانتخابات، لكن وللأسف الشديد فإن المنتخبين وبمجرد فرز أصوات الناخبين والتأكد من الفوز في الانتخاب، ينقلبون على أعقابهم وينسون ما وعدوا به أثناء الحملة الانتخابية.
قال أحد الشباب المتذمرين، هؤلاء النواب ينسون أصلا بأنهم يعرفون قرية اسمها أم زديوة وينسون من فتحوا لهم بيوتهم وقلوبهم ومنحوهم الثقة التي أوصلتهم إلى المسؤولية وإلى مراكز صناعة القرار بالبلدية، أو بغيرها من المجالس المنتخبة، وهكذا بقي سكان القرية يتجرعون الحسرة والأسى على ما أصابهم وما ابتلاهم الله به من مسؤولين محليين مخلفين لوعودهم، وظلت قرية أم زديوة تعاني العزلة والتهميش لسنوات عدة، فالطريق لم يعد صالحا للسير في بعض المناطق حتى بواسطة الجرارات، وهو ما جعل كل الناقلين الخواص يرفضون العمل على الخط الرابط بين القرية ومقر البلدية، فأصبح سكان القرية يعيشون تحت رحمة أصحاب سيارات ما يعرف محليا ب"الفرود"، أي الناقلين الخواص الذين لا يتوفرون على رخص لنقل المسافرين، حيث يفرض هؤلاء منطقهم وأسعارهم الخيالية على سكان القرية، إذ يتراوح ثمن الرحلة بين القرية ومقر البلدية بين 400 و500 دج لمسافة لا تتعدى ال 14 كم، وهو ما جعل سكان القرية الذين تحدثوا إلينا يطالبون بضرورة إلحاق قريتهم ببلدية "بين الويدان" التي لا تبعد عن قريتهم، حسبما صرحوا لنا به سوى بحوالي 07 كم، خاصة وأن سكان القرية يقتنون معظم احتياجاتهم اليومية من بلديتي بين الويدان وتمالوس.
* العطش يلاحق السكان منذ سنوات
ولا يعتبر الطريق هو المشكل الوحيد الذي يعاني منه سكان قرية أم زديوة، وإنما تفتقر القرية كذلك لمعظم المرافق العمومية الضرورية للحياة، وعلى رأسها الماء الشروب، حيث لازال السكان يشربون من ينابيع تشرب منها الخنازير، والكثير منها لا تخضع للمراقبة الصحية، رغم أن المسافة بين القرية وسد القنيطرة الذي تبلغ طاقته 125 مليون متر مكعب لا تتجاوز ال 06 كيلومتر، وفي الوقت الذي يتمتع فيه فلاحو مناطق بعيدة بعشرات الكيلومترات عن السد بمياه هذا الأخير لسقي محاصيلهم الزراعية، بقيت أراضي قرية أم زديوة بورا لانعدام مصادر الري، رغم توفرها على سهول شاسعة المساحة.
* مرضى بلا مستوصف
كما أن القرية لا تتوفر على مركز للعلاج، مما جعل تكلفة الحقنة الواحدة تتجاوز ال 400 دج، وهو ثمن الرحلة بواسطة سيارات الفرود إلى أم الطوب، كما يشكو سكان القرية من انعدام الإنارة العمومية، فأصبح سكان القرية يخشون الخروج من بيوتهم ليلا خوفا على حياتهم من الحيوانات المتوحشة التي تجوب قريتهم ليلا، كالذئاب والخنازير، إضافة إلى غياب النقل المدرسي، مما جعل مصير معظم أبناء القرية محددا في السنة الخامسة ابتدائي، وخاصة بالنسبة للفتيات، لأن معظم أولياء التلاميذ بالقرية يرفضون المغامرة بإرسال بناتهم إلى أم الطوب لمزاولة دراستهن في التعليم المتوسط أوالثانوي، بسبب انعدام وسائل النقل، حيث يضطر الأطفال لقطع مسافات طويلة مشيا على أقدامهم، فتجدهم يخرجون من بيوتهم في ساعات مبكرة من الصباح، ولا يعودون إليها إلا في الليل، وخاصة في فصل الشتاء، وهو ما أثر سلبا على التحصيل العلمي للكثير من التلاميذ، لكون هؤلاء يقضون معظم ساعات اليوم بعيدا عن أعين أوليائهم، وقد أدى ذلك بالكثير من الأطفال للدخول في عالم الانحراف.
* البطالة تطارد الشباب
كما يشكو شباب القرية من البطالة الخانقة التي يعيشونها، فأصبح التفكير في الحرقة هو شغلهم الشاغل، في غياب المرافق الترفيهية بقريتهم، حيث أن القرية لا تتوفر على أي ساحة للعب أو أي مرفق من مرافق الشباب، وهو ما جعل العديد من شباب القرية الذين تحدثوا إلينا يطالبون بضرورة إنجاز ملعب جواري بقريتهم على الأقل، لتمكينهم من ممارسة الرياضة كبقية أترابهم عبر مناطق التراب الوطني. وإلى غاية أن يتدخل المسؤولون المحليون لتحريك عجلة التنمية بقرية أم زديوة، تبقى معاناة سكان القرية، ويبقى أمل سكانها في حصول قريتهم على نصيبها من التنمية الريفية، التي تعد من أولويات برنامج رئيس الجمهورية.