طرح مجلس أساتذة الثانويات الجزائرية، مبادرة جديدة تسعى لإعادة تركيز النقاش في قطاع التربية خارج ما يعرف بميثاق أخلاقيات المهنة، ودعا من خلال هذه المبادرة إلى اعتماد "خارطة طريق متفاوض عليها" بغية الوصول إلى تكريس وتجسيد مفهوم مدرسة عمومية جزائرية مستقرة وذات نوعية مفتوحة على الكل، متهمة وزارة التربية بمحاولة تمرير مشروع إصلاحاتها الذي يسير بالمدرسة الجزائرية نحو تحريرها وفتحها أمام القطاع الخاص. ودعت نقابة "الكلا" بالمناسبة الأسرة التربوية إلى نقاش حقيقي لإيجاد حلول جادة للخروج من الأزمة التي يعيشها القطاع، وأكدت أن الظرف قد حان لتستمع السلطات لانشغالات الموظفين وانشغالات القطاع، وليس لمُمارسة القمع وتكميم الأفواه، مبرزة أن البديل الذي قدمته من شأنه أن يعطي فرص النجاح لكل أبناء الجزائر، حيث التلميذ يكون هو محور الاهتمام وليس مجرد رهان مناسباتي. واستعرضت "الكلا" في بيان تحوزه "الحوار"، الخطوط العريضة للمبادرة، والتي من شأنها أن تُحدّد وتُعرّف التزامات كل الفاعلين في القطاع، وألا نتستّر وراء ما سُمّي بميثاق الأخلاقيات من خلال مراعاة الظروف البيداغوجية والظروف الاجتماعية والمهنية وكذا ظروف التكوين والتأطير، وحددت هوامش خارطة الطريق بتشكيل رؤية على علاقة بمشروع تربوي مبني على مبادئ كمبدأ "المعرفة للجميع"، وعلى القيم الإنسانية، والتطور، وتسيير شفاف وديمقراطي للمدرسة الجزائرية. الوصاية خططت مسبقا لإغراق الجميع في ساحة نقاش مغلوطة بالميثاق وفي السياق ذاته، جدّدت النقابة رفضها القاطع لميثاق الأخلاقيات الذي اعتبرت أنه يخص المهن الحرّة كالمحاماة والأطباء والموثقين "شكلا"، أما من حيث المبدأ فإن الميثاق موجّه بالأساس إلى الموظفين وليس ليفرض على النقابات، وبخصوص نقابات التربية التي نضالها موجه بشكل مباشر باتجاه الوصاية، مفقد شددت على عدم حاجة المربين له لأنه ميثاق سياسي أكثر منه مهني، وتحاول الوصاية توجيهه للرأي العام لتحميل مسؤولية عدم استقرار المدرسة للنقابات، وتجريمها في أعين المجتمع وبخاصة أولياء التلاميذ، بغية منعها من ممارسة حقهم الدستوري والديمقراطي. وواصلت اتهامها للوصاية بسعيها للتعتيم على المشاكل العميقة للقطاع كظروف العمل المزرية للأساتذة، والاكتظاظ، والبيداغوجية المنتهجة التي حوّلت التلميذ إلى عنصر سلبي وجامد لا يُبادر بالإبداع، ونددت بسياسة "الإشهار" لسياستها التي تتبعها بتواطؤ بعض وسائل الإعلام، متغافلة الانشغالات العميقة واليومية للنظام التربوي التي يطرحه الفاعلون الرئيسيون في القطاع، فيما أكدت "الكلا" أن الكّل أصبح واعيا بأنّ المدرسة الجزائرية "مريضة وليست بخير"، وأن التحدي الراهن لا يخص قطاع التربية لوحده، بل يتعدّاه إلى المجتمع ككلّ، وهو ما يستدعي تجند الجميع لضمان تعليم هادف وواعد لتلاميذنا، بعيدا عن الحسابات السياسية والمساومات الرخيصة. أكثر من 1000 احتجاج بالمدارس منذ بداية الدخول المدرسي من جهة أخرى، ورد في ذات البيان ما أحصته النقابة من احتجاجات بالقطاع منذ بداية الدخول المدرسي الجاري، حيث سجلت أزيد من 1000 احتجاج على المستوى المحلي، غير مستبعدة اندلاع المزيد من الاحتجاجات بالنظر إلى حالة الترهل والتدهور التي توجد عليها غالبية المؤسسات التربوية من نقص في التأطير واستفحال العنف المدرسي، إضافة إلى الاكتظاظ في الأقسام والتأخر في استلام الهياكل التربوية الجديدة والتأخر في تسديد الأجور، ناهيك عن عدم كفاءة المسؤولين. وعادت النقابة لتتهم الوصاية ممثلة في الوزيرة بن غبريت، بالعمل على طمس انشغالات القطاع التي نادت بها النقابات، وعلى رأسها "القدرة الشرائية والقانون الخاص والتقاعد"، حيث تبرر في كل مرة عدم الاستجابة بما تسميه "الخطر الداخلي والخارجي"، "سياسة التقشف"، "سيادة الدولة"، "العولمة"، بالإضافة إلى مصلحة التلميذ، منددة بما اعتبرته أقبح من ذلك وهو لجوءها إلى إرهاب الأساتذة المضربين بالاقتطاع من الأجور بحجة أن الإضراب غير شرعي، لتصبح هذه الوسائل الترهيبية محور سياسة التسيير الاستبدادي لوزارة التربية، حسب "الكلا".