هل العلاج حق دستوري مكفول للجميع؟ سؤال جال في خاطري بعد رحيل سيّدة لم تطلب قرضا خياليا لأجل القيام بمشاريع اقتصادية كبرى ،وإنّما كل ما طلبته تكفّل بعملية جراحية في الخارج ،لعلّ بعدها تستعيد عافيتها،لكن غادرت دون أن يلتفت لها أحد من المسؤولين، ولو من باب الإنسانية والتّضامن مع قضيتها،إنّها نادية من ولاية داخلية اسمها غليزان ، يبدو أنّ صوت مواطنيها لا يصل صداه للعاصمة ، و لا يتذكرها المسؤولون إلاّ في المواعيد الانتخابية لتهديهم أرقام مكوكية تتجاوز التسعون بالمئة ، فهي بالنسبة لهؤلاء مجرد محطة انتخابية عابرة ولا غير ،فوحدهم مواطنو هذه الولاية من يجعلون من الوالي وزيرا على حين صدفة،من خلال الأصوات الانتخابية ،لكن في المقابل لا ينالون شيئا . نادية ابنة قطاع الصّحة من هذه الولاية المنسية ناشدت وزارة بوضياف من أجل أن تتكفّل بها ، من أجل إجراء عملية جراحية في فرنسا ، و لكن، وأسافاه لا حياة لمن تنادي، لترحل وفي قلبها غصّة على هذه الوزارة التي تنتمي لها ،والتي أهملتها تاركة إيّاها تصارع قدرها وحيدة،ولم تتلق أدنى تضامن ولو من باب الإنسانية التي تقتضيها هكذا مواقف،لترحل وهي تجتر مرارتها،وفي حلقها غصّة على هذا الوطن الذي أدار لها ظهره. سؤال مطروح لوزارة الصحة،هل المناطق الداخلية تدخل ضمن اهتماماتها أم لا؟ أم أن صدى وأهّات وأنّات الحالات الإنسانية في هذه المناطق لا تصل إلى هذه الوزارة؟ فلذا يجب أن نرحل جميعا إلى العاصمة حتى يُسمع صوتنا ويُستجاب لنا، على المسؤولين أنّ يعوا الجزائر تمثل 48 ولاية،فلينزلوا من أبراجهم العاجية ليستمعوا لصوت الشّعب الذي يئن أنينا ولا يجد من يسمع له،وليستجيبوا لصرخات الاستغاثة التي تُطلق في كل مكان لأنّه حق مكفول. يا ترى متى سيكون لنا مسؤولين على قدر المسؤولية، فوحده الشّعب يتبنّى القضايا الإنسانية،ويقدّم دروسا في التّكافل والتآزر من خلال الهبّة التّضامنية،نعم العديد من الأرواح أُنقذت من طرف ذوي البر والإحسان الذين يجودون بما استطاعوا،والنّماذج كثيرة لا يسع المقام لذكرها جميعا،جمع لها هذا الشّعب الجواد الملايير من أجل إجراء عملية جراحية ،لكن على النّقيض من ذلك تجد مسؤولين غير معنيين بهذه الصّرخات والاستغاثات لا من قريب و لا من بعيد ،والمصيبة الكبرى أنهم لا يستجيبون حتى لاستغاثات عمال قطاعاتهم. إنّها الحقيقة المؤلمة الّتي تدفعنا لنتساءل، متى تستحدث الدولة صندوق الحالات الإنسانية وتغني الجزائريين عناء التّسول عند باب وزارة الصحة، وما دام أنّها تتبجح بمجانية العلاج فلما لا تتبنى الحالات الإنسانية التي تُطلق صرخاتها بشكل يومي على المنابر الإعلامية المختلفة؟وتسهم في إنقاذ أرواح مواطنيها الّذين يرحلون وفي قلوبهم غصّة ، فنادية ليست وحدها من رحلت وهي تحترق مرارة جراء الإهمال ،فكثيرة هي الحالات الإنسانية التي غادرت في صمت في وطن أصبح فيه العلاج لمن استطاع إليه سبيلا.