لا يختلف رواد الثقافة والفكر في الجزائر على القيمة الأدبية والإبداعية للكاتب الإشكالي رشيد بوجدرة الذي شغل الساحة الثقافية بأفكاره ومواقفه الجريئة، والتي يتفق كل الذين تحدثنا إليهم في هذه الورقة، على أنّها خدمت إسمه كثيرا وروجت لأعماله أكثر، وفي الوقت الذي يقول فيه البعض بأن بوجدرة يستحق وسام الأثير على مسيرته الأدبية التي تصل إلى خمسين عاما يؤكد آخرون بأنّ بوجدرة أخذ أكثر من حقه في التكريم وهو الذي حضيت أعماله بأكثر نسبة نشر من قبل وزارة الثقافة. بوجدرة الذي أجهر بإلحاده لأكثر من مرة وورط نفسه إعلاميا في هذا السياق قسم أيضا الكتاب الجزائريين في هذا الاستطلاع بين من اعتبر اعتقاداته حرية شخصية وبين من يدين خرجاته تلك التي صنعت بمجملها إسم الحلزون العنيد. جمعتها:خيرة بوعمرة الروائي واسيني الأعرج: رشيد بوجدة يستحق وسام الأثير الوطني رشيد بوجدرة واحد من أهم الكتاب الجزائريين. كان يستحق ان يكرم في الجزائر التي لم تمنحه اي جائزة .و عليه فلا يمكننا ان نلوم فرنسا التي أجحفت حقه في عديد الجوائز وكرمت من هم اقل قيمة وخبرة منه .و ننسى انا الجزائر لم تكرمه ولم تلتفت اليه حتى . في التسعينيات اتهم بوجدرة بنفس ما يتهم به اليوم في قضية الإلحاد وما إلى ذلك ووضع اسمه في ذلك الوقت في القائمة السوداء.و لكنه لم يغادر الجزائر واختار البقاء هنا بين أفراد شعبه. بوجدرة يستحق تكريما اكبر يستحق تكريما وطنيا بوسام الأثير الوطني. لأنه كان يمكنه أن يعيش في فرنسا مثل الملك، لكنه اختار حمل هم وطنه الجزائر وكل الجزائريين رغم انه كان بإمكانه أن يعيش في مستوى وظروف أحسن. أما عن كونه معارضا فان الكاتب لا يمكن أن يكون صورة طبق الأصل عن السلطة . وعليه فلا يمكننا محاسبته لأنه معارض آو لأنه اشتراكي هذه أفكاره ومبادئه، الشيء الوحيد الذي يمكننا أن نلومه عليه هو أن رشيد بوجدرة دخل في اللعبة الإعلامية التي تتاجر باسمه في كل مرة من خلال أثارة مواضيع هدفها المساس باسمه. الكاتب رابح ظريف: بوجدرة متحدث غير مقنع مع أنّه كاتب كبير رشيد بوجدرة كاتب كبير، قد يكون محاورا فاشلا أو متحدثا غير مقنع، لكنه في النهاية أديب كبير، لم يؤثر توجهه الأيديولوجي على عالميته ولم تتمكن الفكرة من اختصاره داخلها.. والحديث عن بوجدرة يقودنا للحديث عن علاقة الكاتب بالقارئ وبالساحة الثقافية والإعلامية المتوترة وغير المستقرة، لقد عاصر بوجدرة قفزات فكرية وتحولات سياسية واجتماعية كبيرة لدى المجتمع الجزائري، أعتقد من خلال كتاباته أنه كان يتعامل معها بوفاء شديد لقناعاته الفكرية التحررية الواعية متعايشا مع الآخر / النقيض له بكل حيادية، وهو أمر نادر الحدوث عند كتاب اليسار في الجزائر الذين عادة ما يرفضون أي تيار يخالفهم.. فنجده مثلا يقف ضد إيقاف المسار الانتخابي ويصفه بالانقلاب متقاطعا مع جبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلّة في هذا الموقف.. في النهاية بوجدرة إضافة كبيرة للمتن الأدبي والثقافي الجزائريّ.. قد يكون محاورا غير مقنع.. أو متحدثا فاشلا لكنه كاتب كبير. الكاتب بشير مفتي: بوجدرة كاتب كبير لكنه اخذ أكثر من حقه على عكس الكتاب الأكبر منه رشيد بوجدرة قامة كبيرة، فهو يعتبر من روّاد الكتابة الروائية في بلادنا، وهذا في حد ذاته تعطي له مكانة خاصة، حيث يمكن اعتباره اليوم شيخ الروائيين الجزائريين، ولعل أهم ما مميز تجربته الأدبية انه كتب باللغتين الفرنسية والعربية ومع انه كتب باللغة الفرنسية أكثر من العربية إلا انه اشتهر بكتاباته العربية وهو ما جعله متميزا وجعله يتفوق على نظرائه الذين كتبوا بالفرنسية وحصروا انفسهم في خندق اللغة الفرنسية، وهو ما اعتبره ذكاء منه لأنه لم يقطع الخيط مع العربية وهو ما مميزه خلال مساره الأدبي الذي يمتد على مدار خمسين عاما . حتى على مستوى اعتقاداته الدينية وأفكاره ومبادئه السياسية بغض النظر على أنني مع حرية التعبير، إلا أنّ مواقف بوجدرة وخرجاته المتكررة والتي يعتقد الكثيرين بأنها سسببت له المشاكل إلا أنها ساهمت أكثر فأكثر في رفع نسبة المتتبعين لكتابات بوجدرة حتى ولو كان من باب الاطلاع. أما عما يقال بأنه لم يكرم في الجزائر وبأنه لم يأخذ حقه فانا اعتقد بان أهم تكريم لأي كاتب هو أن تطبع أعماله وتنشر وبوجدرة حظي ربما بأكبر نسبة نشر لأعماله من طرف المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار وأيضا من قبل وزارة الثقافة التي تطبع أعماله في كل مرة وهو ما لم يحصل مع كتابات أسيا جبار ومحمد ديب والذين لا يختلف عليهما اثنين على أنهما أقدم منه وأكثر انتشارا منه ولكنهما لم يحضيا بالعناية التي حضي بها بوجدرة من قبل وزارة الثقافة وعليه فيمكننا ان نقول بكل صراحة بان بوجدرة اخذ أكثر من حقه بكثير. فأسيا جبار مثلا لم تحصل على أي اهتمام من السلطات الجزائرية إلا بعد وفاتها حيث قاموا بتأسيس جائزة باسمها. وخلاصة الكلام انه لا يمكن لأي كان أن ينكر القيمة الأدبية لرشيد بوجدرة إلا انه اخذ أكثر من حقه. الإعلامي مليس بوحفص : بوجدرة أديب متمرد ركب العناد بوجدرة أديب متمرد ركب العناد .. وهو وطني إلى النخاع ويميل للعربية كمقوم وطني وكتب بها تحديا لنفسه وغيره مع الإشارة الى أنه أمازيغي الأصل كتاباته في البداية كانت متمردة وركبت الموجة في العهد البومديني وطغيان المد الاشتراكي في حينها كان الصراع الفكري حاد، حيث اتجه معظم الفكر العربي بتأثير الفكر الثوري من أجل تغيير الأوضاع الاجتماعية بفكرة إيديولوجية تصارع الفكر اليبيرالي وعموما تحت عنوان الحرب الباردة. وحينها كان بوجدرة الكاتب القوي المتمرد الذي يكتب بقلم من نار لم يخف ولم يتردد رغم كل التشديدات التي كان يعانيها الكتاب حينها. أما قضية انه شخص ملحد فانا لا أصنفه كذلك، وأتذكر جيدا يوم نشرت له إحدى القنوات الخاصة برنامجا تحاكمه لتعيد موضوع الإلحاد إلى الواجهة، إلتقيته في وهران حيث كان مكرما ضمن فعاليات مهرجان وهران للفيلم العربي بمناسبة مرور خمسين سنة من العطاء، حيث تقربت منه وسألته عن الموضوع حينها انكر بشدة وقال انه ليس ملحدا وبأنه لا يعرف كيف تم استدراجه لهذا الكلام . ……………………………….. قال بأنّه انتصر للحرف العربي دون مضمونه الدكتور بومدين بوزيد للحوار : افتخار بوجدرة بإلحاده ورّطه إعلاميا قال الدكتور وبالباحث بومدين بوزيد في تصريح له للحوار عن رأيه في شخصية رشيد بوجدرة الكاتب والإنسان، أن بداية معرفته برئيد بوجدرة كانت بقراءة بعض أعماله في مرحلة التعليم الثانوي حيث كان يشجّعه الاطلاع على الرواية الجزائرية الأديبان مخلوف عامر والسّايح الحبيب وكانت مدينة سعيدة معروفة بتنظيمها ملتقى القصة القصيرة السّنوي وبنشاط اليساريين ثقافياً، ويروي محدثنا انه صدم وقتها ب"الجملة الفاحشة" مع بداية قراءته لرشيد بوجدرة وهو الطالب القادم من معاهد التعليم الأصلي والشؤون الدينية، حيث تربى اغلب الطلبة في الجماعات الإخوانية الأولى في السبعينات من القرن الماضي، ولكن كانوا كطلبة يجدون لكتابات بوجدرة وأمين الزاوي وكل وللذين يستخدمون الجنس في عملهم الأدبي المبررات، مع انهم من المنتمين للتراث "الرّوض العاطر في نزهة الخاطر" و"المُستطرف في كل فنّ مستظرف" و"روضة المحبّين" لابن القيم الجوزية، أقتصر على مثل هذه المصنفات دون "ألف ليلة وليلة" لأن مؤلفيها فقهاء، ويضيف الدكتور بومدين بوزيد انه حين التحاقه بجامعة وهران كان قسم اللغات بها محفلاً متميزاً لدعوة الأدباء والكتاب كالطاهر وطار وبن هدوقة، كما كان معهد الآداب ساحة يتبارى فيها الشعراء والنقاد، وشكل حينها بوجدرة الاستثناء في الكتابة بالعربية، وكان حدثاً لزم المعربين الاحتفاء به ولكن عُقدهم الايديولوجية جعلهم لا ينتصرون للحرف العربي دون مضمونه كما يشتهون، حيث كسر بوجدرة الغُربة التي عاشها مالك حداد في سجنه اللغوي، فكتب "التفكك"بقدرة لغوية وإبداعية متميّزة، ولعلّ تكوينه الفلسفي ساعده على ذلك، ولذلك يقول محدثنا "نشعر نحن المشتغلين بالفلسفة أن بوجدرة يتقاطع معنا، طبعاً مع رفضنا لافتخاره الجهر بالإلحاد، فالذي يُثني على إلحاده ويُعجب به لا يختلف عن المؤمن من حيث أنه يعتقد، فالاعتقاد ليس فقط الإيمان فقط ولكن حتى الإلحاد يصير اعتقاداً، وهذه مسألة شائكة ورّط نفسه فيها إعلامياً، وكان عليه أن يكون مثل أبي بكر الرازي وابن الرواندي أو مثل الملاحدة الأوربيين الذين طرحوا مثل هذه القضايا في خضم نشاطهم العلمي – الفلسفي". وختاما لكلامه يؤكد بومدين بوزيد انه مهما قيل عن رشيد بوجدرة في الجلسات والنوادي وبين صفوف الفقهاء والمكفّرين فقد شَغِل مساحة كبيرة في السّاحة الأدبية، وهو من الأسماء التي تُعرف بها الجزائر، وممّا يُحسب له موقفه المتميّز من مما يسمّى "الربيع العربي"، وتمسّكه باختياراته السياسية اليسارية، وقد يضيعه أحياناً شارع ديدوش مراد فيهرف في القول والموقف ويَخسر القريب والبعيد، طبعا هو "الحلزون العنيد". ……………………………….. رشيد بوجدرة في اسطر رشيد بو جدرة روائي جزائري ذو توجه شيوعي ماركسي يكتب باللغتين العربية والفرنسية، ويعد من بين الوجوه الروائية في الساحة الأدبية الجزائرية. ولد رشيد بوجدرة عام 1941 في مدينة العين البيضاء. تلقى تعليمه الابتدائي في مدينة قسنطينة، تخرج من المدرسة الصادقية في تونس. ومن جامعة السوربون – قسم الفلسفة. بعد استقلال الجزائر سنة 1962 انضم الى الحزب الشيوعي الجزائري اقام في باريس من 1969 الى غاية 1972 وبالرباط من 1972 الى غاية 1974 وبعدها عاد الى الجزائر. عمل في التعليم وتقلد مناصب كثيرة، منها أمين عام لرابطة حقوق الإنسان وفي سنة 1987 انتخب أميناً عاماً لاتحاد الكتاب الجزائريين لمدة 3 سنوات. وعند اندلاع العشرية السوداء في الجزائر ذهب رشيد بوجدرة الى تيميمون وبقي فيها 7 سنوات لهدوئها وبعدها عن مناطق الاضطرابات.وهو محاضر في كبريات الجامعات الغربية في اليابان والولايات المتحدة الأميركية. حائز على جوائز كثيرة، من إسبانيا وألمانيا وإيطاليا[4]. مؤلفاته الروائية على مدى 50 عاما كتب رشيد بوجدرة 30 عملا من قصة، وشعر، وروايات، ومسرح، ومراسلات، ودراسات نقدية، منها 17 بالعربية:الحلزون العنيد 1977، الإنكار 1972، القروي، العسس، الإرثة، ضربة جزاء، التطليق 1969، التفكك، ليليات امرأة آرق، ألف عام وعام من الحنين 1977، الحياة في المكان، تيميمون 1990، فيس الكراهية 1991، فوضى الاشياء 1991، الرعن، الجنازة 2003، فندق سان جورج 2007، شجر الصبار 2010، الربيع 2015.