أبدت غابريال كيسال المشرفة على برامج التعاون التقني الألماني بالجزائر رغبة قوية لشبكة ''جي تي زاد'' في دعم إستراتيجية تطوير الموارد المائية التي باشرتها الوزارة منذ ,1995 عن طريق النصوص القانونية الرامية إلى تحديث القطاع بانتهاج سياسة جديدة قائمة على ترشيد استخدام الموارد المائية، انطلاقا من توصيات الخبراء المشاركين في الجلسات الوطنية الأولى حول المياه، التي اختتمت بالاتفاق على استحداث هياكل محلية تأخذ على عاتقها ترقية التسيير المتكامل للموارد المائية. وأكد القائمون على الشبكة خلال يوم دراسي حول طرق تسيير الموارد المائية مؤخرا بالعاصمة تحت إشراف السفارة الألمانية بالجزائر أن ''جي. تي. زاد'' انطلاقا من خبرتها في التعاون المشترك بين البلدين استطاعت احتلال مكانة مرموقة في إطار تطبيق مخطط التسيير الجديد الذي ستطرحه وزارة الموارد المائية مطلع العام المقبل، بغرض مواكبة التطورات الحاصلة في مجال تطوير القطاع، خاصة ما يتعلق منها بالتحكم الأمثل في التقنيات الحديثة لمعالجة مياه البحر وطرق التطهير، بالنظر إلى نسبة النمو المتسارع الذي تعرفه وتيرة انجاز المحطات الذي سيصل عددها إلى 13 محطة آفاق ,2010 إضافة إلى ترشيد استخدام الموارد المائية في ظل الارتفاع الكبير الذي تعرفه معدلات الطلب على المياه موازاة مع ارتفاع منسوب التزويد الإجمالي. وأوضح القائمون على الشبكة أن وزارة الموارد المائية حددت جملة من المرتكزات التي ستقوم عليها الشراكة المستقبلية في إطار المخطط الوزاري للتسيير الجديد، من بينها توفير الدعم الكافي للوزارة ووكالات الأحواض المائية، في إطار تجسيد أدوات التخطيط الميداني والتسيير المتكامل للموارد المائية، إضافة إلى تقوية الدور الريادي لوكالات الأحواض المائية المنتشرة عبر مناطق الوطن كفواعل رئيسية في تسيير الموارد المائية على المستوى المحلي. وفيما يتعلق بدعم الإصلاحات التي باشرتها الوزارة في إطار إستراتيجية تطوير الموارد المائية تهدف الشبكة الألمانية إلى تقوية قدرات تسيير الخدمات العمومية في المياه والتطهير عموما عبر تزويد وكالات تطهير المياه بأحدث تقنيات الإدارة، علاوة على المساهمة في بلورة برنامج خاص للتسيير المتكامل في جنوب الصحراء، بالشراكة مع كل من وزارة الموارد المائية، وكالات التطهير التابعة لها، مركز تطوير استخدام الموارد المائية، وكذا مديرية المياه لولاية بشار وواحة بني عباس فيما يخص الشق المتعلق ببرنامج التسيير المتكامل في جنوب الصحراء، كما سيعرف مشاركة خلايا التنسيق، المتابعة والقرارات لضمان التكامل القطاعي في تجسيد برامج التعاون التقني المشتركة. ------------------------------------------------------------------------ 1990- 2000... مشاريع متفرقة وتواجد صعب ------------------------------------------------------------------------ سجلت برامج المساعدة التقنية لوزارة الموارد المائية من طرف ''جي. تي. زاد'' انطلاقتها الحقيقية مطلع عام 1990 على إثر التوقيع على بروتوكول التعاون بين حكومة البلدين والذي أعقبه التوقيع على عديد الاتفاقيات في مجال التسيير المشترك للموارد المائية والاستفادة من الخبرة الألمانية في المجال. وكشفت آخر حصيلة لبرامج لشبكة ''جي. تي. زاد'' بالجزائر تحصلت ''الحوار'' على نسخة منها عن مدى التراجع في انجاز المشاريع المسطرة خلال الفترة الممتدة من 1990 إلى غاية سنة 2000. بسبب الوضع الأمني والحالة الصعبة التي عرفها الاقتصاد الوطني آنذاك، الأمر الذي جعل برامج التعاون الجزائري- الألماني تعرف وتيرة نمو بطيئة بسبب اقتصارها على بعض المشاريع المتفرقة الموجهة من طرف الشبكة الألمانية لفائدة المسيرين المحليين. واقتصرت برامج التعاون المشترك بين البلدين خلال فترة العشرية السوداء على تطوير مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية الذي سيكون المنطلق الحقيقي للتعاون المشترك عبر كافة مراحل التعاون المزدوج، والذي يرتكز أساسا على التعاون التقني في مجال تسيير الموارد المائية، بناءا على توصيات الخبراء المشاركين في القمة التي جمعت قادة البلدين العام 1997 بألمانيا لمواكبة التطور الحاصل في المجال التشريعي بالجزائر، عقب المصادقة على السياسة الجديدة للمياه التي دخلت حيز التطبيق مطلع العام 1995 بالجزائر. كما شهدت نفس المرحلة التوقيع على مذكرة تعاون بين الطرفين لتجسيد مشروع الإدارة المتكاملة في 18 جوان 1999 بألمانيا، لتكون انطلاقة المشروع الفعلية في 2 ماي 2000 عقب مشاورات نهائية بين وزارة التعاون الألماني ممثلة في شبكة ''جي. تي. زاد'' والقائمين على قطاع الموارد المائية بالجزائر. ------------------------------------------------------------------------ 2000 - 2003..عزم مشترك على تجسيد التعاون ------------------------------------------------------------------------ سطرت شبكة ''جي. تي. زاد'' الألمانية بعد تجاوز مرحلة العشرية السوداء قائمة الأولويات في تجسيد برامج الشراكة الثنائية، من حيث ضرورة تحسين إدارة واستغلال كافة الموارد المائية المتواجدة عبر التراب الوطني، والعمل على مراقبة الاحتياجات اليومية للموطنين بغرض تأمين الموارد الكافية لتزويد قطاعي الصناعة الفلاحة على وجه الخصوص، وكذا ضمان توافق سياسة الإدارة الجديدة للموارد المائية مع برامج تهيئة الإقليم وحماية البيئة، انطلاقا من الخبرة الألمانية الرائدة في مجال حماية البيئة والمحيط. وعرفت هذه المرحلة حسب الحصيلة التقييميّة لسير برنامج التعاون التقني لشبكة ''جي. تي. زاد'' لقاءات تشاورية بالجزائر العاصمة جمعت نشطاء وخبراء من منظمات غير حكومية من البلدين في 30 أفريل ,2002 شملت هذه اللقاءات ورشات عمل لنقل التجارب الألمانية في التسيير كمرحلة تمهيدية لتجسيد التعاون الميداني، كما تم العمل في إطار هذه اللقاءات على تكوين الخبراء المحللين، بناءا على الطرق التقنية الحديثة المعمول بها في الدول الأوروبية في مجالي الإدارة والتسيير. ووصفت ذات الوثيقة هذه المرحلة من التعاون التقني بالمرحلة الجنينيّة لاعتمادها على سياسات تأهيل الأجهزة الوطنية والمشرفين عليها لتجاوز مرحلة الصعوبات في التسيير، بالنظر إلى الانفجار الديموغرافي الذي ميز المرحلة، تزامنا مع الارتفاع الكبير في الطلب على المياه، في الوقت الذي عرف فيه منسوب احتياطي المياه تراجعا كبيرا، الأمر الذي أدى بالقائمين على المشروع الألماني إلى حتمية نقل التقاليد الأوروبية في مجال التحكم في المياه تمهيدا لأول خطوة في التطبيق الفعلي لبرنامج الإدارة المتكاملة للموارد المائية. ------------------------------------------------------------------------ 2003 - 2006... أول خطوة في التطبيق الفعلي ------------------------------------------------------------------------ توجت مرحلة تهيئة الطرف الجزائري لاستقبال برامج المساعدة التقنية التي انطلقت مطلع عام 2000 بالتوقيع على معاهدة التعاون الثنائي بين البلدين، بعد مصادقة وزارة التعاون الألمانية على التقارير المرفوعة من طرف شبكة ''جي. تي. زاد'' حول المساعدة التقنية، والتي ساعدت على استحداث العديد من الأجهزة التي ستلقى على عاتقها مهمة تطوير القطاع، على غرار الجزائرية للمياه والمركز الوطني للتطهير، وجاء ذلك تزامنا مع تجسيد إستراتيجية تخطيط جديدة في وزارة الموارد المائية أخذت على عاتقها مهمة إنشاء وكالات الأحواض المائية الخمسة الموزعة عبر كافة التراب الوطني، كما تمّ العمل خلال هذه المرحلة كذلك على تحديث ''مخطط وطني للمياه''، إضافة إلى مخططات التنمية الجهوية أو ما يعرف ب ''مخطط تهيئة الموارد المائية''. وعرفت المرحلة الأولى لتطبيق برنامج التعاون التقني العديد من التغيرات التنظيمية والهيكلية في سلم القطاع بداية من التحديد الصارم للمسؤوليات إلى استحداث الهيئات التنفيذية اللازمة لتطبيق البرامج التابعة للوزارة. وعكف الطرفان على تباحث مسألة الاستغلال الأحسن للموارد المائية المتواجدة في جنوب الصحراء خلال ندوة مشتركة عقدت بمنطقة بني عباس في الجنوب الجزائري في الفترة الممتدة من 3 إلى 10 ديسمبر ,2003 لتدارس سبل الاستعمال الأمثل لهذه الموارد في عمليات التزويد اليومي لمواطني المناطق الجنوبية بالمياه الصالحة للشرب. وقد أعطى هذا اللقاء دفعا قويا لبرنامج الإدارة المتكاملة للموارد المائية في الجنوب بالنظر إلى توصيات المشاركين في الدورة والمتمحورة حول إدماج المناطق الجنوبية في الساسة الشاملة لتطوير الموارد المائية. ------------------------------------------------------------------------ 2007 - 2009... إصرار على العمل ورفع التحدي ------------------------------------------------------------------------ عرفت آخر مرحلة من برنامج المساعدة التقنية الألمانية الذي تشرف عليه شبكة ''جي. تي. زاد'' تحقيق العديد من النتائج الايجابية على غرار مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية في منطقة بني عباس الذي استطاع تغطية الاحتياجات اليومية للمواطنين في المناطق الجنوبية للوطن، بالإضافة إلى تحقيق الترابط ما بين الفواعل المشاركة في برامج الإدارة المتكاملة انطلاقا من المشاريع الجهوية المسطرة، حيث عملت الشبكة الألمانية خلال هذه الفترة على إشراك الخلايا القيادية والتنظيمات الحكومية مع مستهلكي المياه في إطار تطبيق مشاريع الإدارة الراشدة للموارد، عن طريق التحسيس بأولوية العمل على اقتصاد وترشيد استهلاك المياه لدى المواطنين، مقابل العمل على تحسين نوعية الخدمات المقدمة. وفي إطار المقاربة التشاركية التي عمدت الشبكة على تطبيقها بين جميع الفواعل المعنية بإدارة الموارد المائية وبالخصوص في منطقة بني عباس الجنوبية، عرف برنامج الإدارة المتكاملة في مرحلته الأخيرة وعيا شعبيا بضرورة الاستعمال العقلاني للموارد المتاحة وبأولوية العمل على اقتصاد الاستهلاك، في حين التزمت الجهات الإدارية المسؤولة عن البرامج بتحسين نوعية المياه باعتماد معايير دولية في المحافظة على صحة المواطن، كما استطاعت الشبكة بتطبيقها للمقاربة التشاركية في التسيير تحسيس سكان المناطق الجنوبية للوطن بأهمية اقتصاد الموارد المائية والعمل على المحافظة عليها، بفضل نشر ثقافة المحافظة على الموارد المائية في أوساط سكان المناطق الجنوبية للوطن، على أن يتم العمل على تعميمها في المناطق الشمالية انطلاقا من استكمال تطبيق برامج الإدارة المتكاملة للموارد المائية في شمال الوطن مطلع العام المقبل. وسمحت سياسة التشارك التي اعتمدتها الشبكة الألمانية بنقل التسيير المتكامل للموارد إلى المستوى الجهوي، عن طريق وكالات الأحواض المائية المنتشرة عبر المناطق الوطنية التي استطاعت نشر ثقافة المحافظة الجماعية على الموارد في إطار سياسة مشتركة لترقية الاستعمال العقلاني للموارد.