يكتبه كل سبت: رابح لونيسي نحتفل كل 16 أفريل بيوم العلم، لكن عادة ما يربط البعض هذه الاحتفالات بما يسميه بوكروح ب"العلم القديم" الذي عاد بقوة في مجتمعاتنا منذ صعود البترودولار في الثمانينيات، فكان أحد أسباب فتننا الطائفية والدينية، ومنها مأساة التسعينيات، وللأسف لازلنا نعيش عصور الانحطاط التي دخلت فيه حضارتنا الإسلامية منذ القرن12م، ولازال الكثير منا يرددون مفاهيمها ومصطلحاتها، ومنها مفهومي "العلم" و"العلماء"، فقلما طرحنا مشكلة التخلف التكنولوجي والعلمي الحقيقي في بلادنا، وقد سبق لنا تناولها، وطرحنا حلا جذريا للمشكلة في كتابنا "النظام البديل للاستبداد" أين تحدثنا عن دولة ديمقراطية واجتماعية وعلمية، أي دولة مبنية على أساس طبقي إيجابي سميناها "الطبقية العلمية"، وقلنا إنه يستحيل حل مشكلة تخلفنا واللحاق بركب الغرب المتقدم إلا بإحداث تغيير جذري في ميكانيزمات الترقية والصعود الاجتماعي، فيكون أساسها الرئيسي العلم والمعرفة بدل المناصب السلطوية التي عادة ماتوصل إلى الثروة بأشكال ملتوية ومشبوهة. نحتاج اليوم إلى بناء مجتمع طبقي جديد، لكنه إيجابي، وليس سلبيا مدمرا كما هو حاصل اليوم، طبقية ليست مبنية على الثروة والسلطة، بل مبنية على العلم والمعرفة. فبذلك يتحفز ويتسابق ويتنافس الجميع من أجل الإبداع العلمي والتكنولوجي لأنه هو الطريق الرئيسي للصعود الاجتماعي، وهو المبدأ الذي سيجعل الطفل يلد وهمه وهم والديه النجاح في التعليم الذي سيسمح له بولوج عالم الباحثين العلميين، لعله سيفتح له الطريق ليصبح مخترعا ومبدعا علميا، مما سيدر عليه امتيازات عدة، وتجعله من الطبقة العليا في المجتمع، وبذلك نكون قد وضعنا بذور التقدم بدل هذا التكالب المدمر من أجل الثروة والسلطة. ليس صعبا إعطاء امتيازات للمخترعين والمبدعين العلميين، كما تعطى اليوم لرجالات السلطة، وسيكونون هم الطبقة العليا في المجتمع، ونسميها مثلا ب"طبقة المواطنين الممتازين"، ويرتقي إليها كل منجز لاختراع وإبداع علمي يخدم مجتمعنا ويطوره، وبهذا سيكون هم كل مواطن الترقية إليها، فهي مفتوحة بفرص متكافئة للجميع، والتي يستحيل فيها الغش نسبيا، لأن الإبداعات العلمية والتكنولوجية هي التي تتكلم، فجزائرنا اليوم في أمس الحاجة إلى من يطورها ويبنيها بعقله وعلمه واختراعاته وإبداعاته العلمية، ويمكن أيضا وضع ميكانيزمات لجلب كبار الباحثين العالميين وجعل الجزائر قبلة لهم، فلنتحول إلى دولة ديمقراطية واجتماعية وعلمية يكون فيها للعقول الكبرى دور أساسي في صنع القرارات وصياغة مستقبلنا، فليس صعبا تحقيق ذلك، لكن نعرف أن فكرة كهذه، سيضع الفاشلون المقتاتون والمستفيدون من النظام الاجتماعي والسياسي الحالي كل العراقيل في وجهها، وسيصفونها بالطوباوية، لكنها في الحقيقة لا تحتاج إلا إلى إرادة سياسية وثورة في الذهنيات ووضع ميكانيزمات ومجموعة قوانين ومراسيم تنفيذية وتطبيقية لها، والتي ستلقى الدعم من كل المجتمع، لأنه يعلم أن البحث العلمي المرتبط بحاجاتنا التنموية هو السبيل الوحيد لتحسين حياته وترقيته وتطوير الجزائر. [email protected]