بحثُ المبدعين والمخترعين الدائم عمن يهتم بإبداعاتهم ويشجعهم على المزيد من العطاء في ظل قلة الجمعيات الجادة التي تُعنى بهم، دفع بعبد اللطيف بن أم هاني باحث في المعلوماتية والفلسفة، إلى التفكير في إنشاء منظمة وطنية لحماية الثورة الفكرية، الممثلة في جملة الاختراعات والابتكارات وتوجيهها لخدمة الوطن... “المساء” التقت الباحث عبد اللطيف بالجاحظية؛ حيث كان يقوم بوضع الخطوط العريضة للمنظمة رفقة بعض الأعضاء، حول المنظمة والأهداف التي تصبو إلى تحقيقها، وعادت لكم بهذه الأسطر... “المساء”: بداية، حدّثنا عن الأسباب التي جعلتك تفكر في إنشاء منظمة وطنية تُعنى بالمخترعين. الباحث عبد اللطيف: في الحقيقة، التفكير في إنشاء جمعية تُعنى بالمخترعين جاء بعد احتكاكي بالعديد من المبدعين الذين يطلبون مني شراء براءتهم بعد عجزهم عن الترويج لها أو التعريف بها، وحتى لا تبقى هذه المخترعات مخفية، انطلاقا من هذا فكرت رفقة بعض الأصدقاء في تأسيس هذه المنظمة التي نحن بصدد وضع آخر ترتيباتها، لنقدّم ملفها لوزارة الداخلية ونشرع بعدها في العمل مباشرة.
أليس هناك جمعيات تهتم بالمبدعين والمخترعين؟ في الحقيقة، الجمعيات موجودة وبكثرة ولكنها لم تول الأهمية اللازمة لمثل هذه النشاطات. وعلى حد علمي، هناك جمعية واحدة تهتم بالمبدعين والمخترعين، غير أن نشاطاتها غير ظاهرة؛ لذا أعتقد أن هذه المنظمة ستكون أول هيئة على المستوى الوطني تهتم بالمخترعين والمفكرين والمبدعين الذين يقدّمون أشياء جديدة وفريدة من نوعها لم تُطرح من قبل.
فيم تتمثل أهم الأهداف المسطّرة وراء إنشاء المنظمة؟ وضع المخترع والباحث والمبدع في الإطار القانوني الذي يحتويه أهم الأهداف المسطرة؛ لأن المبدع إن وجد الإطار المنظم الذي يعمل به فمن المؤكد أنه سيقدّم أفضل ما لديه، وكل هذا طبعا يوجَّه لفائدة الوطن عوض أن تُستغل هذه الإبداعات من الأجانب.
عند الحديث عن الإطار القانوني نجد أن الجامعة تُعنى بالبحوث والاختراعات العلمية، ألا يُعد هذا كافيا؟ الجامعية حقيقةً تهتم بالبحوث العلمية الخاصة بالطبقة المثقفة والجامعيين، ولكن المنظمة التي نسعى لتأسيسها تُعنى بكل الفئات وجميع شرائح المجتمع التي تقدّم شيئا مختلفا، يكفي فقط أن يتصلوا بالمنظمة بعد أن يتم اعتمادها، لنكون بمثابة همزة الوصل بينهم وبين مؤسسات الدولة، حتى يتم تجسيد ابتكاراتهم على أرض الواقع ويستفيد منها الوطن.
ألا تعتقد أن مجال الاختراع والابتكار يتطلب وجود متخصصين؟ في الواقع، نعمل على إعطاء هذه المنظمة صبغة علمية وفكرية وتربوية بالاعتماد على الأدوات التكنولوجية المتاحة والإطارات المثقفة والمتخصصة التي نملكها. وليكون عملنا دقيقا فكرنا في تأسيس مجلس علمي يكون بمثابة العمود الفقري للمنظمة، يتكون من أشخاص مؤهلين توكل إليهم مهمة دراسة وفحص الأعمال الإبداعية التي تقدَّم للمنظمة، والتي تتمركز فروعها عبر كامل التراب الوطني، حيث يتولى الناشطون عبر الفروع، عملية البحث عن مبدعين ومبتكرين في حاجة إلى الاهتمام والمساعدة، ليتم عرضهم على المجلس العلمي الذي يتولى تقييم عملهم، بعدها يعطي تعليمات للتكفل بهم سواء من الناحية المادية، كالتفتيش عن ممول للاختراع، أو من ناحية التأطير والتوجيه إلى بعض المؤسسات لتطوير الاختراع أو التشهير به.
بحكم أنك باحث في المعلوماتية هل من بحوث في الأفق؟ أتوقع لهذه المنظمة أن يكون لها صدى كبير بالنظر إلى الخدمات الكبيرة التي ينتظر أن تحققها. وأصالة عن نفسي، أنوي عرض واحد من اختراعاتي كفاتحة للمنظمة؛ إذ عملت منذ مدة على اختراع مشروع خارطة الطريق لإدراج مادة المعلوماتية في المنظومة التربوية بالأطوار التعليمية الثلاثة، وهو مشرع متكامل، أتمنى أن يُعتمد من طرف وزارة التربية؛ إذ يمكّن الطلبة من قراءة مادة المعلوماتية بأسلوب سهل وممتع في إطار برنامج منظم، إلى جانب ما سميته ببكالوريا الإعلام الآلي، التي تعطي طرحا جديدا لمفهوم البكالوريا.
ماذا عن فئة الأطفال، هل تشملهم خدمات المنظمة؟ المنظمة التي نستبشر بها خيرا لم تستثن أي شريحة؛ كل من لديه اختراع معني بخدماتها بمن في ذلك الأطفال، الذين كثيرا ما يفاجئوننا بابتكارات يعجز البالغون عن القيام بها. وفي هذا الإطار لديّ ما يسمى بأوبيرا الأطفال، التي أقدّم فيها طريقة بسيطة لمعرفة كل ما يتعلق بأجزاء الحاسوب، ليتسنى لهم استيعابها ببساطة.