بقلم: قادة صافي يكاد المرء ينسلخ من جلده أو يشج رأسه على الجدار من هول الصدمة وهو يتابع بعض البرامج التي تبث في هذا الشهر الفضيل، ليتها لم ترق الأذواق فحسب، بل أصابت المرء بالقرف، وفي بعض الأحيان يصيبك الهذيان والجنون، تكاد بسببها أن تلقي ما في يدك على شاشة التلفاز، مستوى منحط، أداء فني مبتذل يطبعه الارتجال، لغة الخطاب أشبه بلغة "الزونقة" وتجاوز لحدود اللباقة، والمصيبة أن هذه البرامج تبث على قنوات ذات صيت وتملك رصيدا مقبولا من المشاهدين. دموع تذرف في برامج الكاميرا الخفية من أناس سقطوا ضحية استفزاز و "تبهديل" وتشويه للسمعة، كانت البداية من شيخ من المفروض حضوره في "البلاتو" من أجل أن يعظ الناس ويقدم دروسا للصائمين، لكن وآسفاه الشيخ الجليل وجد نفسه محل سخرية واستفزاز ومحل افتراء وبهتان الغاية منه إضحاك الناس على شيخ جليل، فهوت دموعه، وكيف لا وهو من المفروض الشيخ القدوة الذي يكون محل إجلال وإكبار لا لعبة في برامج لإلهاء الرأي العام، ومحل سخرية وتندر. الدموع لم تتوقف عند هذا الشيخ الذي أحس بالظلم، سياسي هو الآخر ذرف في مشهد يطرح علامات استفهام، ما الغاية من برنامج كهذا ؟ من المفروض أنّ مثل هذه البرامج من ورائها مغزى ورسالة هادفة ونبيلة، أو الغاية منها زرع البسمة على محيا المشاهد الكريم في مقلب يحترم خصوصيات ومشاعر الضحايا، لكن ما نشاهده مجرد عبث و "تكعرير"، وكأننا في مقهى، أو في جلسة على الرصيف، ترمى الكلمات هكذا جزافا وعلى عواهنها، دون أدنى مراعاة. غير بعيد برنامج غير عنوانه ولكن لم تتغير الوجوه، والرداءة تكرست بشكل أو بآخر من خلال الكلام السوقي، والألفاظ المستقاة من الشارع التي لم تحترم ذوق المشاهد ولا خصوصية الجزائريين، فكنت أعتقد أنّ البرنامج سيتعلم الدرس ويحفظه جيدا ويظهر بثوب حسن، ويقدم نفسه للمشاهدين في أبهى حلة وبتغيير على مستوى الأداء، لكن على النقيض بدا البرنامج هزيلا يتمايل ذات اليمين وذات الشمال تحت تأثير التقليد وإعادة نفس الأسطوانة التي ألفها المشاهد الكريم. للأسف لم يتغير شيء في هذه البرامج مقارنة بالسنوات الماضية عدا العناوين، لا زالت الرداءة تفوح وتزكم الأنوف، ربما أكثر حدة مما سبق، ولا زال الارتجال والابتذال يتربع المشهد، والكلام السوقي يتسيد الكثير من فصوله، من ممثلين تجاوزوا حدود اللباقة ونزلوا بمستوى لغة التواصل إلى الحضيض. الآن.. أليس من حق المشاهد أن "يندب" ويبكي على أطلال برامج تسعينات القرن الماضي التي كان يبثها التلفزيون الجزائري يوم كان ينافس نفسه، ورغم ذلك قدم برامج راقية لازالت ذاكرة المشاهد الجزائري تحتفظ بها الى يومنا هذا رغم قلتها آنذاك، أما اليوم فنشهد كما هائلا من البرامج المرتجلة والمبتذلة التي بدل أن تضحك الناس تحولت إلى "مضحكة" ومسخرة، فصدق قائل القولة الشهيرة "المندبة كبيرة والميت فار".