اتفق أبناء الشيخ نحناح على ضرورة اغتنام محطة التشريعيات المقبلة للتوجه إلى طاولة حوار حقيقية بين كافة الأطياف السياسية بمشاركة السلطة، يتوصل من خلالها إلى توافق وطني حقيقي يفضي لانتقال ديمقراطي سلس، وتشكيل حكومة وحدة وطني، معتبرين أن تحقيق الانبعاث الاقتصادي والأمن الاجتماعي لن يكون إلا في ظلال رؤية سياسية جماعية لإيجاد حل للأزمة التي تزداد تعقيدا من يوم إلى آخر. طرح ثلاث سيناريوهات لإنقاذ البلاد من "المجهول" مقري: التوجه نحو توافق وطني ضرورة ملحة..؟ * الموقف النهائي من التشريعيات سيحدده مجلس الشورى في ديسمبر دعا رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، إلى اغتنام محطة الانتخابات التشريعية المقبلة، للتوجه إلى توافق وطني حقيقي بين كافة الأطياف السياسية بغية "إخراج" البلاد من "المشاكل والانسداد السياسي" الذي تواجهه، تكون فيه الكتل البرلمانية الفائزة بإرادة أحزابها ضمانة الانتقال الديمقراطي بتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع.
قال عبد الرزاق مقري، أمس، في كلمته خلال الجامعة الصيفية ال14 لحركته، تحت عنوان "الحريات.. سبيل الرايدة السياسية" إن حركته متمسكة بأهمية التشريعيات المقبلة كمحطة للمناورة السياسية، مؤكدا أن مسؤولية اتخاذ القرار بالمشاركة أو المقاطعة أمر صعب جدا، معتبرا انه إذا ما قررت مؤسسات الحركة المشاركة رغم مخاطر "التزوير" معناه استمرار المقاومة داخل المؤسسات التشريعية، أما إذا اتفقت على ضرورة مقاطعة الموعد فإنه دليل على أن هذه المؤسسات قد ماتت نهائيا.
وانتقد مقري ما سماه الدعوات الاستباقية للتقشف، والرسائل السياسية بشأن المستقبل، المروجة من قبل بعض المسؤولين، التي تعتبر أن مستقبل الجزائر غامض، وأن خزائن الدولة فارغة، مؤكدا أن جامعته الصيفية ستتدارس مشكلة انهيار الأمان المالي المتمثل في نضوب أموال صندوق ضبط الموارد، وعدم القدرة على تغطية العجز في الميزانية، واقترب انهيار أمان الصادرات، بسبب التراجع المتسارع لاحتياط الصرف، وضعف الإنتاج الداخلي،، وقلة المؤسسات المنتجة للثروة والمستوعبة لليد العاملة، مؤكدا أن هذه الأوضاع سبق للحركة أن استشرفتها حينما كان الجميع غافلا عنها: "و بقينا نذكر بها طيلة سنوات حتى أصبحت أمرا مكشوفا لا يقوى طرف أن ينكرها، وتحدثنا عن مظاهر الأزمة والتصرفات المتوقعة من السلطة ايزاءها، سواء الاقتصادي او السياسي"، محذرا مما قال إنه: "يمكن أن يقع إذا استمرت نفس السياسة، من بداية ظهور الأزمة على مستوى الحلقات الضعيفة التي منها صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي، وتبدأ الصعوبة تتجلى في مؤسسات القطاع العام وتنامي هامش القطاع الموازي وتغول القطاع الخاص… إلخ".
ثلاثة سيناريوهات مقترحة للسلطة والمعارضة ودعا مقري الجميع إلى الاستماع إلى مقارباته التي تؤكد: "أن الجزائر تتجه إلى واقع مجهول، ولا حل لتجنب الكوارث والمصائب والفتن بحسبه إلا بانتهاج ثلاث طرق، في مقدمتها: أن يرشد النظام السياسي بكل سلطه فيقرر ويقود التحول الديمقراطي بنفسه بأي اسم شاء أن يسميه، فيسمح للجميع في المساهمة في تخليص البلد، ولن يجد فرصة أفضل من التشريعيات المقبلة اذا كان لا يريد ان يجلس مع المعارضة خارج المؤسسات، عليه في هذه الحالة أن يترك الانتخابات تجري في كل مراحلها بلا توجيه ولا غش حتى تبرز كتل برلمانية قوية تمثل الإرادة الشعبية حقا"، مقترحا ضمن هذا المشهد: "ان تكون الكتل البرلمانية الفائزة بإرادة أحزابها ضمانة الانتقال السياسي والاقتصادي دون تهافت على السلطة والمناصب فتدعو وتسمح بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الأحزاب الرابحة والخاسرة في الانتخابات، المشاركة فيها والمقاطعة من كل قوة سياسية لا يختلف في شأن قدرتها على النفع في حكومة تحمل هذه الراية، ليتفق بعدها الجميع على جملة سياسية واقتصادية واجتماعية لعهدة انتخابية كاملة يتحمل فيها الجميع الإجراءات الصعبة للتحول الديمقراطي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج". وتحدث الرجل الأول في "حمس" عن طريق ثان قال إنه جرى العمل به رغم صعوبته وإكراهاته، وذلك بمواصلة المعارضة التنسيق بينها للضغط ومواصلة العمل على تغيير موازين القوى، معتقدة بأن الزمن يشتغل لصالحها، جاعلة التشريعيات المقبلة محطة لا قيمة لها إذا تأكد تزويرها، غير عابئة بمصيرها ضمن تفهم تام لاختلافات السياسات والأولويات كما حدث في الرئاسيات المنصرمة، حينما قاطعت الموعد بعد أن خاضت تجربة جمع التوقيعات، مؤكدا أن التشريعيات المقبلة: "ستعيدنا إلى ما نحن عليه، وتتجلى في وضع سياسي أشد من الحالي، فإن تآلفت المعارضة فستكون قادرة على إنقاذ البلد بتجربة تكون أحسن من تجربة تونس، باعتبار الخبرة المتراكمة من معاناة المأساة الوطنية"، داعيا المعارضة إلى الخروج من النخبوية التي تلازمها، وتعتبر أن الاجتماعات في القاعات ما هي إلا فرصة للتخطيط، وأن العمل وجب أن يصب في بوتقة الشعب، بالعمل الجواري.
الريادة السياسية سبيل "حمس" إذا فشكلت كل الحلول وبحسب مقري، فإن حركة حمس ستنتهج رواق الريادة السياسية لتؤهل نفسها أن تكون قوة سياسية وفكرية ودعوية تستطيع الجزائر أن تعتمد عليها في حال فشل تحقيق السيناريوهين الأولين، مخاطبا السلطة والمعارضة: "بأن العهد الذي بين حمس والجزائر هو عهد للشهداء والمجاهدين، وأننا لا ننافس على كراسي ولا على سلطة، ولكن لخدمة البلاد والعباد". بالمقال، قال مقري إن هذه الجامعة الصيفية فرصة لقيادات الحركة وطنيا ومحليا لتقييم أوضاع البلد ومحيطه القريب، وتطوير الفرص المتاحة والتحديات القائمة، وتحديد الواجب تجاه كل فرصة، والموقف إزاء كل تحد، ثم رصد ما يلزم بما يجعل الحركة تكتسب من أسباب القوة التي تبنيها وفق الاحتياج الذي ترشدها إليه الدراسات والتجارب والخبرات والخطط المحكمة. نورالدين علواش