يواصل احتياطي الصرف من العملة الأجنبية انكماشه، سائرا بخطى ثابتة نحو الأسفل، حيث فقد في ظل شهر واحد فقط ما يقارب 3 ملايير دولار، ببلوغه 119 مليار دولار نهاية الشهر الماضي، وهو ما يفند بشدة صموده فوق سقف 100 مليار دولار مع حلول سنة 2019 كما أكده الوزير الأول عبد المالك سلال سابقا. تتسارع منذ عامين وتيرة تراجع احتياطي الصرف من العملة الأجنبية، بسبب الأزمة النفطية وتراجع مداخيل البلاد من المحروقات، حيث كانت في حدود 194 مليار دولار نهاية 2013، لتتراجع إلى 178 مليار دولار نهاية 2014، و144 مليار نهاية 2015، حسب الأرقام التي قدمها بنك الجزائر، لتصل نهاية الشهر الماضي الى 119 مليار دولار، بعدما بلغت قرابة 122 مليار دولار نهاية شهر اكتوبر المنصرم، وسط التوقعات بمزيد من التراجع قد يصل الى حدود 118 أو 117 مليار دولار نهاية السنة الجارية، حسبما كشف عنه محافظ البنك المركزي محمد لوكال في تصريحاته الاخيرة. وحسب توقعات مراقبين للشأن الاقتصادي، فمن المرتقب ان يتواصل تراجع احتياطي الصرف بصورة أكبر خلال الأشهر المقبلة، على خلفية عوامل موضوعية منها تدني مستويات نسب الفائدة وهوامش الربح والمردودية وتقلبات سعر الصرف، مقابل أيضا تآكل الإيرادات الجزائرية وارتفاع العجز في الميزانية والخزينة الذي يقدر ب60 مليار دولار، بينما يتوقع أن يفوق عجز الميزان التجاري 16 مليار دولار، والأمر نفسه بالنسبة لعجز ميزان المدفوعات الذي يرتقب أن يقارب عتبة 30 مليار دولار، وهي العوامل التي من شأنها ان تنسف بتوقعات الحكومة عبر مشروع قانون المالية 2017 التي رجحت استقرار الاحتياطي في مستوى 113.3 مليار دولار في 2017 و107.9 مليار دولار في 2018، وهو ما دفع الخبراء الى اعتبار استمرار الوضع لسنتين سيضع الجزائر أمام وضعية حذر منها البنك الدولي، حيث يمكن أن تفقد أحد أهم ضماناتها وقدرتها على المناورة. كما ابدى الخبراء تخوفهم من ثبوت صحة تقرير البنك العالمي شهر اوت الماضي، الذي توقع وصول احتياطي الصرف من النقد الاجنبي الى 80 مليار دولار نهاية سنة 2018، وهذا نظرا للانكماش المتسارع للاحتياطي، معتبرة توقعات الافامي الاقرب الى الواقع، رغم نفي بنك الجزائر لذلك بشدة على اساس ان توقعاتها لا تقوم على فرضيات مقنعة، مؤكدا ان مستوى الاحتياطي في 2018 سيكون أكبر بكثير من توقعات البنك العالمي، لا سيما بسبب انعكاسات تعزيز ميزانية الاحتياطي، و انعكاس هذا الأخير على الحسابات الخارجية، و بالتالي احتياطي الصرف، مبررا ذلك باستنادها على معلومة واحدة ووحيدة هي سعر البترول الذي من المقرر أن يتراوح بين 41 و 60 دولار بين 2016 و2018. ورغم هذا التراجع، إلا أن بنك الجزائر ظل متمسكا بالخطاب التطميني، حيث أكد محافظه محمد لوكال في تصريحات سابقة بأن المستوى الحالي لاحتياطي الصرف يبقى في وضع ملائم لمواجهة الصدمة الخارجية بالرجوع الى المستوى المتدني للدين الخارجي، كما أشار لوكال إلى أن المالية العامة قد تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع اسعار النفط منذ منتصف 2014، ويتمثل هذا التأثير على المالية العامة -التي ترتبط بشكل وثيق بالجباية النفطية- أساسا في ارتفاع عجز الميزانية والتراجع السريع في موجودات صندوق ضبط الإيرادات. ليلى عمران