– مصيطفى: هناك بوابات مهمة لتمويل المشاريع الاستثمارية لم يتم تثمينها – رزيق: نثمن القرار لأن الاستدانة خطوة محفوفة بالمخاطر بعدما أعطى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الأمر لحكومة عبد المجيد تبون برفض الاستدانة الخارجية بهدف الحفاظ على السيادة الاقتصادية للبلاد والتحكم أكثر بميزان الواردات، والتشديد على ترشيد الميزانية وترقية التمويلات الداخلية سارع العديد من الخبراء إلى مباركة هذا القرار كونه يخدم المصلحة العليا للبلاد ويجنبها الوقوع في مشاكل كبرى هي في غنى عنها، خصوصا وأن تجربة الاستدانة التي كانت في التسعينات ومخلفاتها لازالت في الذاكرة. ويرى هؤلاء أنه كان من الضروري مساندة هذا القرار لأن أي تدخل خارجي في أي مجال كان قد يجعلنا نتراجع كثيرا للخلف هذا من جهة ومن جهة أخرى يعتبر رفض الاستدانة الخطوة الأولى للخروج من الأزمة المالية وتحقيق قفزة نوعية تنعش الاقتصاد الجزائري. وفي هذا الصدد أكد الخبير الاقتصادي بشير مصطفى للحوار أن هناك بوابات مهمة لتمويل الاستثمار لم يتم تثمينها لحد الساعة ومازالت جل طرق التمويل تتبع الأنماط التقليدية لذا حان الوقت فعلا لابتكار حلول تمويلية جديدة أو التوجه نحو أنماط التمويل غير التقليدي في اتجاه تصحيح السياسة النقدية لضمان هدف التوسع وتجنب سيناريو الانكماش مع ضبط السياسة المالية للدولة لضمان هدف استقلالية السياسة النقدية، بشرط عدم المساس بقوة الاقتصاد من حيث مؤشرات التضخم، سعر صرف الدينار (قيمة العملة)، وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أهمية إطلاق صيغ الشراكة الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص. وفي سياق آخر حسب ذات المتحدث تبرز عملية تفعيل الإصلاحات الاقتصادية التي بوشر فيها وضبطها وفق المعطيات الجديدة كأهم تحد أمام الحكومة من حيث ابتكار الأدوات والشروط التنفيذية لرفع النمو إلى مستوى مستديم عند سقف 7 بالمائة آفاق العام 2020، تسهيلا لعملية الصعود آفاق 2030. وأضاف مصيطفى أن هذا يعتبر تحديا حقيقيا ولكنه في نفس الوقت رهان ممكن ربحه أمام الإمكانيات المهمة التي تتمتع بها بلادنا ما جعل القاضي الأول في البلاد يركز على ضرورة الاعتماد على تفعيل الموارد الداخلية وتفادي الدين الخارجي بما يرسخ مبدأ السيادة على الاقتصاد. كما يؤكد الوزير الأسبق على وجود وعاء مهم من الجباية المحلية غير مستغل بالشكل اللازم بفعل ضعف التحصيل الجبائي والذي لا يتجاوز مستوى 13 بالمائة وهشاشة المنظومة الجبائية التي تحتاج لعصرنة شاملة، كما تزخر البلاد برأسمال خاص كاف لإطلاق مشروعات واعدة في مختلف القطاعات المنتجة للثروة ولكن نسيج المؤسسات الخاصة لا يزيد عن نصف مليون مؤسسة منتجة ما يعني نسبة 1.25 بالمائة من عدد السكان وهو رقم بعيد عن المعيار العالمي الذي هو 3 بالمائة. وهذا ما يؤكد على أن اللجوء إلى الاستدانة يعتبر مخاطرة غير محمودة العواقب لأن البدائل لتنمية الاقتصاد وإعادة تحريك عجلته موجود وعلى كل المستويات، وفي هذا السياق قال مصيطفى إن تطبيق صيغ التمويل التشاركي لدى البنوك وتحريك رأس المال المحلي المعبر عنه بالسيولة الزائدة لدى العائلات الذي سرعان ما يتحول الى (فائض السيولة) في ظل سوق موازية آخذة في التوسع، مشيرا الى أن السوق الموازية في بلادنا تضم سيولة نقدية تزيد عن 45 مليار دولار حسب التقديرات ولا يتعدى معدل الاستثمار لدى العائلات مستوى 18 بالمائة، بينما يقفز الادخار إلى 38 بالمائة ما يعني خزانا تمويليا مهما ينبغي توجيهه نحو المشروعات، مؤكدا أن هناك رأس مال الجالية الجزائرية التي يلامس حجمها 7 مليون نسمة ما يعني 17 بالمائة من عدد السكان يختزن هو الآخر قيمة يمكن إضافتها للتمويل الداخلي من خلال تطوير المنظومة البنكية والجبائية لصالح هذا النوع من رأس المال سواء تعلق الأمر ببنوك الجالية أو الانتشار البنكي الجزائري بالخارج. في السياق، أكد الخبير الاقتصادي كمال رزيق للحوار على وجوب تثمين الخطوة الأخيرة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كما أن قرار اللجوء إلى هذه الطريقة منذ سنوات جعل بعض الشخصيات السياسية الفاعلة في الجزائر تتحدث عن إمكانية الاستدانة الخارجية بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد الناجم عن انخفاض أسعار البترول حيث أن اللجوء إلى الأطراف الخارجية لطلب الدين ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه في الاقتصاد الجزائري هو خطوة محفوفة بالمخاطر تقوض كل تقوم به الدولة والحكومة من مجهودات وخاصة رئيس الجهورية عبد العزيز بوتفليقة.