إما إيجاد حلول للجاحظية أو غلقها نهائيا أوضح رياض وطار ابن أخ الروائي الراحل الطاهر وطار أن المبادرة التي أطلقها أعضاء سابقون في جمعية الجاحظية والمتمثلة في تأسيس لجنة وطنية لإنقاذ الجمعية جاء نتيجة الوضع الكارثي الذي تعيشه خلال السنوات الأخيرة مع المكتب الحالي الذي أثبت فشله حسبه. قال الإعلامي ورئيس جمعية نوافذ الثقافية رياض وطار في تصريح ل"الحوار" إنه بعد فشل العديد من المبادرات لإنقاذ جمعية الجاحظية قام رفقة بعض الأعضاء السابقين بإطلاق نداء لتأسيس جمعية وطنية لإخراجها مما وصفه بسوء التسيير من قبل أعضاء المكتب الحاليين ونوعية النشاطات المقدمة وكذا الحضور. واعتبر رياض أن الجمعية ليست ملكية خاصة لعائلة وطار لأن صاحب "اللاز" كان يفرق بين الشأن العائلي والجمعوي في إشارة منه إلى مقال الشاعر عمر أزراج الذي نشره مؤخرا عبر صحيفة العرب والذي طالب فيه بتدخل عائلة وطار من أجل إنقاذ الجمعية. وطالب رياض وطار عبر "الحوار" المكتب الحالي للجمعية الثقافية الجاحظية التي يترأسها محمد تين بتنظيم جمعية عامة وطرح الملفات الكبرى للجمعية التي ضحى من أجلها وطار بماله ووقته. وفي سياق متصل ذكر محدثنا أنه نظرا للوضع الذي تعيشه الجمعية يجعل القائمين عليها أمام خيارين إما الغلق أو إيجاد بدائل للوضع الحالي، متمنيا أن يجدوا حلا يرضي جميع الأطراف ويعيد للجمعية هيبتها. وثمن رئيس جمعية نوافذ الثقافية مطلب بعض المثقفين لتحويل مقر الجمعية الذي يحمل رمزية كبيرة إلى متحف تجمع فيه كل أعمال الراحل الطاهر وطار ويكون قبلة لكل الأدباء والمثقفين العرب والأجانب للتقرب أكثر من الأديب الذي ترك بصمته في الرواية الجزائرية والعربية. وعن موقف وزارة الثقافة من القضية ذكر وطار أن وزير الثقافة عز الدين ميهوبي على دراية بكل ما يحدث بعدما طرحوا عليه الأمر وقال إن القضية تعتبر شأنا داخليا بين الأعضاء معبرا عن أمانيه في أن يتم إيجاد حل للجمعية. وأشار رياض خلال حديثه إلى جائزة الطاهر وطار وقال إنهم استقبلوا إلى حد الآن 40 مشاركة ولازال الباب مفتوحا لاستقبال الأعمال من قبل لجنة التحكيم التي يترأسها الروائي واسيني الأعرج وتضم في عضويتها كل من فيصل الأحمر، عامر مخلوف، ويمينة بلعلا إلى غاية الفاتح من شهر سبتمبر المقبل. للإشارة دعت أطراف ثقافية في الذكرى السابعة لرحيل الطاهر وطار الرأي العام الوطني من أجل الالتفاف لتأسيس اللجنة الوطنية لإنقاذ الجمعية الثقافية "الجاحظية" التي ضحى الراحل بماله وصحته ووقته من أجل تأسيسها وإعطائها المكانة والسمعة التي كانت تتمتع بها في وقت ليس بالبعيد. وذكرت أن الباب مفتوح لكل محب وغيور على هذا الإرث الثقافي الذي يعد مفخرة ليس فقط للجزائر ولكن أيضا للعالم العربي. ووقع على بيان النداء كل من عبد القادر جمعة أمين عام سابق للجاحظية، رياض وطار عضو مكتب سابق، فوزية لارادي عضو مكتب سابق، خالد جلاب عضو مكتب سابق، الطاهر ومان فنان تشكيلي. _______________________________ * محمد تين رئيس جمعية الجاحظية يرد على منتقديه ويصرح ل"الحوار": الجاحظية بخير ولن أدخل في جدالاتكم العقيمة مسألة بيع المقر طرحها الطاهر وطار قبل موته ولم نفصل في الأمر رفض محمد تين الرئيس الحالي لجمعية الجاحظية الرد على الانتقادات التي يتعرضون اليها واتهامهم بسوء التسيير واكتفى بالقول إن الجمعية بخير وتنشط بصفة عادية. وقال تين في اتصال هاتفي مع "الحوار" إن الجاحظية بخير ونشاطها مستمر بشكل عادي عبر 20 ولاية وأنه يرفض الدخول في جدالات عقيمة، مضيفا أنه لا يجب حصر نشاطاتها في الجزائر العاصمة. ورحب تين بالمبادرة التي أطلقها بعض الأعضاء المؤسسين من أجل إنقاذ الجاحظية وعلق قائلا: "إن كانت من اجل دعم الجمعية أهلا وسهلا ولا يوجد عندي أي إشكال حول الموضوع". وتساءل تين خلال حديثه لماذا لا يتحدث من ينتقدون أداءهم بشكل دائم عن المشاكل التي تتخبط فيها الجمعية خاصة ما تعلق بالمقر خاطبهم قائلا: "لماذا لا يتكلمون عن الصعوبات والمشاكل التي نواجهها خاصة على مستوى المقر ويستمرون في الحديث عن الجمعية وكأنها هي الوحيدة على مستوى الوطن"، مضيفا: "تحدثوا عن أنفسكم ونحن ملتزمون بأن نوفي بالعهد ونقدم الأحسن للجمعية ولن أدخل في جدالات عقيمة". وأبرز تين خلال حديثه أن مسألة بيع مقر الجاحظية التي أثارت ضجة مؤخرا عبر وسائل الإعلام ليست مسألة جديدة حيث أن الأمر طرحه مؤسسها الطاهر وطار رحمه الله ولم يتم الفصل فيه بعد حسبه. وأشار محمد تين إلى أنه سيتم الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة مفدي زكريا اليوم من عاصمة الأوراس باتنة. ____________________ * الطاهر وطار .. رائد الرواية الجزائرية الحديثة الطاهر وطار أديب جزائري له إسهامات بارزة في المشهد الأدبي والثقافي، لقب ب"رائد الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية". ولد الطاهر وطار يوم 15 أوت 1936 في منطقة "عين الصنب" الواقعة ببلدية سافل الويدان بمحافظة سوق أهراس، عاش في بيئة استعمارية لم يسمح فيها للأهالي سوى بقسط من التعليم الديني، وهو ما جعله يلتحق بمدرسة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1950 وكان ضمن تلاميذها النجباء، بعد ذلك أرسله والده لمدينة قسنطينة ليدرس بمعهد الإمام عبد الحميد بن باديس وذلك عام 1952. مع اندلاع الثورة التحريرية بالجزائر عام 1954 سافر إلى تونس ودرس لمدة قصيرة بجامع الزيتونة، وفي عام 1956 التحق بالثورة الجزائرية وانضم لصفوف جبهة التحرير الوطني، وظل مناضلا فيها كعضو في اللجنة الوطنية للإعلام. شارك في تأسيس العديد من الصحف التونسية على غرار صحيفتي "النداء" و"لواء البرلمان"، وعمل في يومية الصباح ومجلة الفكر التونسية، وأسس في 1962 أول أسبوعية في تاريخ الجزائر المستقلة تسمى "الأحرار. وفي 1963 أسس أسبوعية "الجماهير" وأوقفت هي الأخرى من طرف السلطات، وفي 1974 أسس أسبوعية "الشعب الثقافي" التابعة لجريدة الشعب، وأوقفت أيضا. بعد إحالته على التقاعد أسس وتفرغ لتسيير جمعية "الجاحظية" عام 1989 التي تحولت إلى منبر للكتاب والمثقفين لإبداء آرائهم خلال سنوات التسعينيات زمن العنف المسلح. ترك وطار إرثا أدبيا زاخرا، وترجمت أعماله إلى أكثر من عشر لغات أهمها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية واليونانية. ومن أبرز رواياته: الزلزال، والحوات والقصر، والعشق والموت في الزمن الحراشي، وعرس بغل، والولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي، إضافة إلى قصيدة في التذلل، كتبها على فراش المرض وتطرق فيها إلى علاقة المثقف بالسلطة. كما ألف عدة قصص طويلة أهمها: الطعنات، والشهداء يعودون هذا الأسبوع، ودخان من قلبي، بالإضافة إلى أعمال مسرحية من قبيل: على الضفة الأخرى، والهارب. حصل على عدة جوائز وأوسمة جزائرية وعربية ودولية، أبرزها جائزة الشارقة لخدمة الثقافة العربية عام 2005، وجائزة منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) للثقافة العربية في نفس العام، وجائزة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية للقصة والرواية 2010. توفي الطاهر وطار يوم الخميس 12 أوت2012 عن عمر يناهز 74 عاما بإحدى العيادات في الجزائر العاصمة بعد معاناته من مرض عضال. حنان حملاوي